كشف المستشار عبد المجيد محمود النائب العام والمستشار أحمد مكي وزير العدل عن تفاصيل احتواء واحدة من اقوي المواجهات بين مؤسسة الرئاسة والقضاء. حيث قال النائب العام إن الرئيس وافق علي طلبه بالبقاء في منصبه نائبا عاما, بينما كشف المستشار أحمد مكي عن تفاصيل الأيام الأخيرة وكيف صدر قرار بتعيينه سفيرا في الفاتيكان. وقال النائب العام أمام جموع من القضاة في دار القضاء العالي بوسط القاهرة إن كل طرف قام خلال المشاورات التي جرت في رئاسة الجمهورية بعرض وجهة نظره إزاء صدور قرار جمهوري بتعيينه سفيرا لمصر لدي الفاتيكان. وأوضح المستشار عبد المجيد محمود, أنه أبدي خلال هذه المشاورات رغبته في البقاء في منصبه وهو ما وافقت عليه الرئاسة. وقال النائب العام: اجتمعنا كمجلس للقضاء الأعلي بدعوة كريمة من الرئيس محمد مرسي وتقابلنا مع الرئيس مرسي ونائب الرئيس المستشار محمود مكي وتم بحث كل الظروف والملابسات التي أدت إلي القرار, وتم شرح وجهة النظر. وأشار عبدالمجيد إلي أن هناك لبسا في فهم القرار, حيث أننا إلتمسنا من السيد رئيس الجمهورية برغبتي ببقائي في منصبي ومجلس القضاء الأعلي أيد ذلك, فاستجاب رئيس الجمهورية لهذه الرغبة ووافق علي بقائي في المنصب. ثم وجه المستشار عبدالمجيد محمود كلامه للحضور سواء إعلاميين أو قضاة أو محامين, قائلا: كل ما أرجوه منكم الإنصراف, كل إلي عمله لكي نقيم الحق والعدل.وقدم النائب العام الشكر لجميع القضاة في جميع الهيئات القضائية الذين وقفوا بجانبه, قائلا: وفي الوقت نفسه نحن نحترم كل رأي معارض, في شخص النائب العام وفي رأي النائب العام وهذا من حقهم, لأنه يجب أن ندعم كل رأي وندعم حرية التعبير, وكل شخص حريص علي مصلحة البلاد, سواء كقضاء أو المحاميين أو أعضاء المجتمع المدني.من جانبه أصدر المستشار أحمد مكي وزير العدل بيانا قال فيه: في أواخر شهر فبراير وأوائل شهر مارس2011 وعقب قيام ثورة25 يناير ورفعها شعارات مست النائب العام.. وفي اجتماع لمجلس القضاء الأعلي برئاسة المستشار سري صيام.. عبر المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام عن رغبته في الاستقالة من منصبه لشعوره بالحرج.. فكنت أول من تصدي له مطالبا بالاستمرار في موقعه.. فاستجاب سيادته وإن ظل يردد بين الحين والحين رغبته في الاستقالة وضيقه بما يجري علي ألسنة بعض الناس حتي توليت أمر وزارة العدل.. وتعهدت له أني سأقوم بشرح طبيعة عمله للسلطات السياسية.. وكان التعاون بيننا كاملا.. وكان سيادته حريصا علي إطلاعي علي كل ما ينبغي أن أطلع عليه.وفي يوم الأربعاء2012/10/10 صدر الحكم ببراءة المتهمين فيما سمي بموقعة الجمل.. فتحركت جماهير تطالب بإقالة النائب العام متصورة مسئوليته عن هذا الحكم.. برغم أن القضية قام بتحقيقها ثلاثة من قضاة التحقيق وهم من أحالوها للمحاكمة.. وفي صباح الخميس دعيت إلي لقاء السيد رئيس الجمهورية لبحث الموقف.. وقبل الالتقاء به أخطرت ببعض التقارير الأمنية التي تشير إلي تحرك بعض المظاهرات في عموم البلاد تطالب بمساءلة النائب العام.. وأنها تحتشد لإحداث شغب في يوم الجمعة التالي. واتصلت بالنائب العام وعرضت عليه الأمر وأخبرته بتفاصيل ما دار.. وأنني أفضل له بدلا من الاستقالة التي صرح مرارا برغبته فيها أن يعود إلي منصة القضاء.. فهي الأكرم والأرفع حتي يعين بمنصب يليق بمقامه رافضا أن يعين رئيسا للجهاز المركزي للتنظيم والإدارة بدرجة وزير فقال لي أنه يفضل أن يعتزل العمل مشككا فيمن يحركون هذه المظاهرات.. فراودتني الشكوك في مدي رغبته في الاستفالة.. ولجأت إلي سيادة المستشار حسام الغرياني للوقوف علي رغبة المستشار عبدالمجيد محمود الحقيقية.. فاتصل به.. ثم قال إنه عرض عليه بدلا من اعتزاله العمل كما صرح منصب سفير مصر في الفاتيكان.. فطلب منه أن يكون سفيرا في بلد عربي.. فأجابه المستشار حسام الغرياني أن هذا قد يتحقق في حركة تالية.. وإثر ذلك اتصلت أنا بالمستشار عبدالمجيد محمود فكرر لي تفضيله أن تكون البلد عربية لعدم اجادته اللغات الأجنبية.. وقبوله المنصب علي ألا تتم مهاجمته أو تحميله المسئولية في الخطبة القادمة.. وفهمت أنه يعني الرئيس.. وبناء علي ذلك أبلغت السيد الرئيس بموافقة النائب العام علي شغل منصب سفير مصر في الفاتيكان مؤقتا.. وعرضت إلي أحكام القضاء في شأن قضايا الثوار وأحطته أنه لا صلة للنائب العام بتحقيق هذه الواقعة.. وحسب ما توافر لي من معلومات عن قضايا شهداء الثورة ومصابيها.. وما صاحبها من هرج وما وقع من تقصير في جمع الأدلة بسبب انهيار جهاز الشرطة.. فإنه يصعب أن تصدر أحكاما تدين قتلة الثوار.. وأي قاض لا يحكم بغير دليل تحمله الأوراق.. فطلب الرئيس من الحكومة ومني أن نبحث عن سبيل يتفق والقانون لحفظ دماء الثوار من أن تهدر ومحاسبة من قتلوا أو حرضوا أو قصروا في صيانة هذه الدماء.. وعليه صدر بيان الرئاسة متضمنا هذين الأمرين. وأضاف: فوجئت في ساعة متأخرة من اليوم ذاته بالبيانات المنسوبة لسيادة النائب العام التي تنفي في مضمونها قبوله المنصب وتعتبر مداولاتنا الودية معه بمثابة ضغط عليه فقمت بالاتصال به يوم الجمعة قبل الصلاة معاتبا.. فبرر لي هذا الموقف بأنه ردا علي تصريحات بعض المنتمين إلي حزب الحرية والعدالة من أنه تم إقالته وإقصاؤه عن منصبه.. فعرضت عليه أن أصدر بيانا أعلن فيه أن أصدر بيانا أعلن فيه حقيقة ما دار.. وأن تعيينه سفيرا كان تكريما له وبناء علي رغبته المتكررة في الاستقالة ووعدته أن اتصل به عقب صلاة الجمعة.. وبالفعل اتصلت به فطلب مني امهاله حتي يستشير من يثق بهم.. وفي مساء اليوم ذاته اتصل بي السيد الأستاذ الدكتور أحمد كمال أبو المجد.. وأخبرني أنه حصل علي رقم هاتفي من النائب العام وتوصل معه إلي بداية حل يصون هيبة القضاء واستقلاله وهيبة السيد رئيس الدولة ويحافظ علي حسن صورة النائب العام.. وأنه لا صلة له بتحقيق واقعة الجمل.. فأخبرته بجانب مما دار بيني وبين النائب العام وتواعدنا علي أن أصدر بيانا في العاشرة صباح اليوم يتضمن حقيقة ما حدث بعد اعتماده كتابة من النائب العام. من كل ذلك استطيع أن أقول إن سيادة الرئيس.. أكد ويؤكد دائما احترامه لجميع القضاة وأحكام القضاء.. ولم يصدر قرارا بعزل النائب العام وهو المنصب المحصن من العزل بموجب قانون السلطة القضائية.. وأن سيادة النائب العام كرر كثيرا رغبته في الاستقالة وأن صيانة هذا المنصب الرفيع وشاغله من أن يساء إليه ممن لا يعلمون استوجبت تكريمه بمنصب يليق بمقامه وأن منصب سفير مصر في الفاتيكان لاقي قبولا منه.. بل أنه طالب بأن يكون ذلك في دولة عربية.. وأن المتبع عند تعيين أي قاض في منصب تنفيذي أن يعرض عليه الأمر فإن لاقي قبوله صدر قرار التعيين وهو ذاته ما حدث مع سيادة النائب العام. وهذه شهادتي أمام الله وقضاة مصر وشعبها.من ناحيته رحب المستشار أحمد الزند, رئيس نادي القضاة, وجموع القضاة وأعضاء النيابة العامة المحتشدين بدار القضاء العالي بإعلان مؤسسة رئاسة الجمهورية ببقاء واستمرار المستشار عبدالمجيد محمود في منصب النائب العام, وذلك عقب اللقاء الذي جمع بين النائب العام والدكتور محمد مرسي, رئيس الجمهورية, قائلا: إنها بشري وهذه الملحمة سيؤرخ لها. وقال الزند خلال كلمته التي ألقاها علي جموع القضاة وأعضاء النيابة العامة الذين احتشدوا بقاعة المستشار عبدالعزيز باشا فهمي بدار القضاء العالي إنه سيتم عقد الجمعية العمومية التي دعا إليها النادي في موعدها المقرر عصر اليوم الأحد, ليس لمناقشة قرار الإقالة الذي صدر من الرئيس الخميس الماضي, إنما احتفالا بنصرة القضاء.وأضاف الزند أن هذه الملحمة ستؤرخ, وأن اليوم الأحد موعد عقد الجمعية العمومية هو أنسب يوم ليكون عيدا للقضاء وإجازة رسمية, قائلا: هذه الملحمة الرائعة أعطتنا درسا في كيفية التعاون والتلاحم, وقد نختلف مع غيرنا من المحامين أو غيرهم لكنهم إخواننا ومش هنسيبهم, وشدد علي أن القضاة يد واحدة وراجل واحد, ليردد أحد المحامين الموجودين بالقاعة, يعيش قضاء مصر حرا مستقلا, نحن محامون مصر نفتدي قضاءنا بأرواحنا وأجسادنا ونتضامن مع القضاة لأننا يد واحدة, والقاضي هو الحاكم الفعلي لمصر, وهنا صفق له الزند وجميع الحاضرين. وصف سامح عاشور, نقيب المحامين, تراجع مؤسسة رئاسة الجمهورية عن قرار إقالة النائب العام وتعيينه سفيرا لدي الفاتيكان, وإعلانها بقاءه في منصبه, بأنه تصحيح لخطأ وعودة إلي الحق, قائلا: العودة للحق فضيلة, وهذا القرار تم اتخاذه بطريقة خاطئة ومخالفة للقانون والدستور, واحتسب خطأ علي رئيس الجمهورية. وقال عاشور: إن مستشاري الرئيس الذين يقدمون له مشورات خاطئة يجب أن يتوقفوا عن ذلك ولابد أن يتحملوا المسئولية, ويجب أن يتيقظ الرئيس لهذا, ونتمني ألا يكون الرئيس ضحية لأخطاء مستشاريه, مشددا علي ضرورة أن يتفادي الرئيس محمد مرسي الوقوع في هذه الأخطاء القانونية الفادحة مرة أخري, بعد وقوعه فيها أكثر من مرتين, نتيجة استشارات مستشاريه. وأكد عاشور خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده أمس بدار القضاء العالي, وسط حشود من مئات القضاة, بمناسبة استمرار المستشار عبدالمجيد محمود في منصبه أنه توجه إلي دار القضاء العالي للتضامن مع القضاة, حفاظا علي استقلال القضاء وعزته ملكا للأمة كلها وليس القضاة وحدهم, لافتا إلي أنهم يدافعون عن استقلال القضاء مثلما يدافعون عن أنفسهم وكرامتهم, لأن استقلال المحاماة من استقلال القضاء. النائب العام يرفض قبول منصب سفير مصر بالفاتيكان ويفضل الاستمرار في عمله كتب:عادل السروجي استجاب الرئيس محمد مرسي لطلب مجلس القضاء الأعلي بالإبقاء علي المستشار عبد المجيد محمود في منصبه كنائب عام, وإلغاء تكليفه بالعمل كسفير لمصر في الفاتيكان. وكان الرئيس محمد مرسي قد التقي المستشار عبد المجيد محمود ومجلس القضاء الأعلي بكامل هيئته, وبحضور المستشار محمود مكي نائب رئيس الجمهورية, وتم بحث ملابسات ماحدث والظروف التي أدت إلي إصدار القرار, ووجهات نظر كل طرف حيث اتضح أن هناك سوء فهم في الأمر برمته. وتقدم مجلس القضاء بالتماس لرئيس الجمهورية لبقاء المستشار عبد المجيد محمود في منصبه, وهو ما وافق عليه الرئيس مرسي لتدوي حالة من الفرح وسط جموع القضاة ورجال النيابة العامة وعدد من القوي السياسية, وينطلق النائب العام إلي مكتبه لمباشرة عمله.