ظريف جدا أن نتناول المخلوق الرائع والمعبر عن الحنان والفيض والعطاء وأعني به (المرأة) فمهما قيل في أمر هذا المخلوق العظيم فإن الرمز المعبر عن الرقة والإحساس يظل دائما معبرا عن الجرأة، إلا أن المخاوف التي قد تساور البعض حول هذه الجوهرة المكنونة إنما ترجع إلي عدم الدراية بكنه أبعاد هذه الجوهرة، أو بذلك البريق الكامن بين جوانبها، ولكن هذا لا يمنع أن نعرض بعض الآراء التي تحذرنا من ذلك الذي يمكن أن يترتب علي أفعال قد تقوم بها المرأة في بعض المواقف وبعض الظروف. 1- هناك من يري أن المرأة تحتوي في داخلها علي طفل صغير يظل دوما يدفعها إلي سلوكيات معينة وكأنها جنس وسط بين الطفل من جهة والرجل من جهة أخري. والدليل علي ذلك فإن الوظيفة التي تصلح للمرأة من وجهة نظر هؤلاء هي تربية الأطفال، فهي بحكم تكوينها تستطيع أن تدلل الطفل وتداعبه وتلاحظة وتهدهده وتنشد له الأهازيج في حين أن الرجل لا يستطيع القيام بهذه المهمة علي خير وجه. 2- هناك من يري أن مهمة المرأة لا تعدو أن تكون محصورة في كيفية الاستيلاء علي قلب الرجل، وهي تعرف بحكم الطبيعة التي زودتها بالفتنة والسحر والجمال كيف تغزو أفئدة المراهقين وغير الناضجين من الرجال، ولا شك أن الرجل ما كان يقدم علي الزواج لولا تلك الأحابيل التي تنصبها له المرأة حتى توقعه في شباك حبها مع اعتبار ان المحاور الرئيسية التي تدور المرأة في فلكها هي الحب أو الزواج. 3- هناك من يضع تقويما لقدرات المرأة العقلية فيري ان المرأة لا تكاد تتخطي في تفكيرها دائرة الحاضر، ولا تكاد تري إلا ما هو ماثل بالفعل في مجال إدراكها الحالي كما أنها قلما تتجاوز في حسابها دائرة التجربة الحسية الراهنة ويرتكز أصحاب هذا الرأي علي أن المرأة لا تشغل نفسها بما هو آت ولكن تقنع فقط بما هو متاح ولا تفكر إلا في الوصول إلي أهدافها بأقصر الطرق الممكنة وواضح من استعراض الآراء المجافية لدور المرأة الحقيقي والمعبرة عن جحود لا يجوز أن نوافق عليه بل ولابد أن ننبه إلي خطورة وفظاعة تأثيره، وينبغي أن ندافع عن دور المرأة ذلك الذي يتضح بجلاء في عصرنا الراهن فقد بدأت المرأة تلعب أدوارا لا تقل شأنا عن الرجل وبدأت تعطي أعظم الانطباعات المهمة في تحقيق سعادة الرجل. والسؤال الآن: لماذا يختلف الباحثون في أمر تقدير المرأة ويحتار العلماء في تحليل شخصيتها ومعرفة حقيقة ميولها ومزاجها، وكأنها مخلوق عجيب غريب لا يمت إلي مخلوقات هذا الكوكب بصلة. ولعل الإجابة عن هذا السؤال يتمثل في الإجابة التي تري أنه مهما يكن الأمر فإن المرأة اليوم أصبحت تختلف اختلافا كبيرا عما صورها لنا كل رأي غير منصف وغير دقيق، لأن المرأة الآن أصبحت تشارك الرجل أعباء الحياة في الداخل والخارج علي حد سواء فلم يعد هناك مجال للقول بأن النساء (أطفال) لأنهن يقضين الجانب الأكبر من حياتهن إلي جوار الأولاد وبين جدران البيوت، ولم يعد هناك أدني مجال للشك في أن المرأة قد أصبحت الآن تمثل محورا رئيسيا وأساسيا من محاور الإنتاج وتمثل أهميته في حياة الرجل، ليس فقط علي المستوي العضوي ولكن علي المستوي المعنوي الذي يليق بها كانسانة تستطيع أن تصنع سعادة الرجل وتشارك في تدعيمها بوعي وإرادة وصدق وثقة ومسئولية بعيدا عن العوامل التي انتشرت عنها فأساءت إليها دون مبرر، ووجهت الأسهم دون مبرر إلي طبيعتها الرقيقة وخلقها الرفيع وحسن عشرتها وقيمتها الفاضلة. والمرأة دائما بكيانها المعنوي ورقتها الواعية وحسها المرهف تقف بجوار الرجل دائما تدعمه وتدفعه إلي الأمام بوجدان يخطط لتربية الأولاد وعقل يوظف بموضوعية تدبير شئون الحياة. وستظل المرأة بإذن الله طالما هي واعية بدورها ومؤمنة بربها الذي جعلها أرقي مخلوقاته نبراسا هاديا وقمرا مضيئا في الليل حالك السواد وعلينا عندما نتناول المرأة ان نتسم بالموضوعية في الحكم وأن نستشعر السعادة من خلالها ومن خلال الفهم الموضوعي لها، لأن غياب الموضوعية في الحكم علي المرأة يضيع بريق السعادة في زحمة الهواجس تارة وفي الأحكام الذاتية تارة أخري. ومهما يكن الأمر فالمرأة رمز الأمل والسعادة.