الفريق أول محمد زكى: قادرون على مجابهة أى تحديات تفرض علينا    بعد تثبيت الفائدة.. أول تعليق من البنك المركزي عن الأسعار في مصر    مدبولى: توجيهات رئاسية بسرعة الانتهاء من الأعمال لافتتاح المشروع قريباً    البورصات الأوروبية تغلق على ارتفاع.. وأسهم التكنولوجيا تصعد 1%    توقع عقد تشغيل مصنع تدوير ومعالجة المخلفات بالمحلة    "مانشيت" فى جولة بالقطار الكهربائى وأتوبيس وتاكسى العاصمة الإدارية    بعد قرار كولومبيا.. مرصد الأزهر يدعو دول العالم الحر للاستماع إلى صوت العقل    واشنطن تدعو الصين «بقوّة» إلى ضبط النفس في ظل المناورات حول تايوان    مسلسل إسرائيلي يثير الجدل والتساؤلات حول مقتل الرئيس الإيراني    روسيا تقر مرسوما يتيح مصادرة الأصول الأميركية    تعادل إيجابي بين الزمالك ومودرن فيوتشر في الشوط الأول    روديجر: نريد إنهاء الموسم على القمة.. وركلة السيتي اللحظة الأفضل لي    ضربة أمنية لمافيا الكيف| ضبط نصف طن كوكايين داخل حاوية بميناء بورسعيد    حماية «الخيالة» من تعاطى المخدرات    السيسى ومجلس أمناء مكتبة الإسكندرية    انفجار مسيرتين مفخختين قرب كريات شمونة فى الجليل الأعلى شمال إسرائيل    «الصحة»: استراتيجية للصحة النفسية للأطفال والمراهقين وتطبيقها في مصر    رئيس الوزراء يناقش سبل دعم وتطوير خدمات الصحفيين    الكشف رسميًا عن كيا EV3 رباعية الدفع الكهربائية الجديدة.. صور    ضبط المتهمين في واقعة ال«تعذيب لكلب» في منطقة عابدين    ما هو منتج كرة القدم الصحفى؟!    تحذير للأهلي .. ما هو الوقت المفضل للاعبي الترجي بتسجيل الأهداف؟    تقارير: محرز يرفض الانضمام لمنتخب الجزائر.. واتجاه لاستبعاده نهائيا    الكرملين: الأسلحة الغربية لن تغير مجرى العملية العسكرية الخاصة ولن تحول دون تحقيق أهدافها    الحوثيون: استهدفنا 119 سفينة إسرائيلية وأمريكية وبريطانية منذ نوفمبر    متى وكم؟ فضول المصريين يتصاعد لمعرفة موعد إجازة عيد الأضحى 2024 وعدد الأيام    شباب المصريين بالخارج: قضية الهجرة غير الشرعية حظيت باهتمام غير مسبوق من السيسي    خاص.. الأهلي يدعو أسرة علي معلول لحضور نهائي دوري أبطال إفريقيا    في ذكرى رحيله...ومضات في حياة إبسن أبو المسرح الحديث    هكذا علق مصطفى خاطر بعد عرض الحلقة الأخيرة من مسلسل "البيت بيتي 2"    بالفيديو.. خالد الجندي: عقد مؤتمر عن السنة يُفوت الفرصة على المزايدين    المنشاوي يستعرض تقريراً حول إنجازات جامعة أسيوط البحثية ونشاطها الدولي    بعد تصدرها التريند.. كل ما تريد معرفته عن فيلم "روكي الغلابة"    أجمل عبارات تهنئة عيد الأضحى 2024 قصيرة وأروع الرسائل للاصدقاء    أحمد الفيشاوي في مرمى الانتقادات من جديد.. ماذا فعل في عرض «بنقدر ظروفك»؟    بمناسبة أعياد ميلاد مواليد برج الجوزاء.. 6 أفكار لهداياهم المفضلة (تعرف عليها)    وزير الري: نبذل جهودا كبيرة لخدمة ودعم الدول الإفريقية    من الجمعة للثلاثاء | برنامج جديد للإعلامي إبراهيم فايق    وزارة الصحة تؤكد: المرأة الحامل أكثر عرضة للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرى    محافظ كفر الشيخ يتفقد السوق الدائم بغرب العاصمة    ما حكم سقوط الشعر خلال تمشيطه أثناء الحج؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    هل هي مراوغة جديدة؟!    رئيس الوزراء يتابع موقف تنفيذ المرحلة الثانية من منظومة التأمين الصحي الشامل    آخر موعد لتلقي طلبات وظائف الكهرباء 2024    الأزهر للفتوى يوضح فضل حج بيت الله الحرام    ننشر حيثيات تغريم شيرين عبد الوهاب 5 آلاف جنيه بتهمة سب المنتج محمد الشاعر    رئيس وزراء أيرلندا: أوروبا تقف على الجانب الخطأ لاخفاقها فى وقف إراقة الدماء بغزة    تعاون بين الجايكا اليابانية وجهاز تنمية المشروعات لتطوير المشروعات الصناعية فى مصر    الكشف على 1021 حالة مجانًا في قافلة طبية بنجع حمادي    أخبار مصر.. التعليم نافية تسريب امتحان دراسات إعدادية الجيزة: جروبات الغش تبتز الطلاب    تاج الدين: مصر لديها مراكز لتجميع البلازما بمواصفات عالمية    المراكز التكنولوجية بالشرقية تستقبل 9215 طلب تصالح على مخالفات البناء    أمين الفتوى يوضح ما يجب فعله يوم عيد الأضحى    «مش عيب والله يا كابتن».. شوبير يوجه رسالة لحسام حسن بشأن محمد صلاح    تعليم القاهرة تعلن تفاصيل التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الأبتدائي للعام الدراسي المقبل    الرعاية الصحية تعلن نجاح اعتماد مستشفيي طابا وسانت كاترين يجنوب سيناء طبقا للمعايير القومية المعترف بها دوليا    الداخلية تضبط 484 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1356 رخصة خلال 24 ساعة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-5-2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لن تستطيعوا طمس ذاكرة الأمة

وقفت أتأمل‏(‏ جرنيكا‏)‏ رائعة بيكاسو التي تجسد بانفعال ساخط صادق وبلا ألوان أزمة إنسان العصر بين الحزن والحرب والموت‏.‏
اللوحة الممتدة علي الجدار بارتفاع يجاوز سبعة أمتار وعرض يزيد علي ثلاثة أمتار‏,‏تجسد حادثة قصف القرية التعيسة بأطنان من قنابل النازية‏,‏ وتصور ساحة حرب في وسطها حصان جريح يرفع رأسه في ذعر واضح‏,‏ فوق رأسه شمس تبدو وكأنها عين بشرية‏,‏ استبدلت حدقتها بصورة لمبة كهربائية‏,‏ وعند حوافر الحصان محارب سقط وفي يده سيف مكسور‏,‏ ويده الأخري أصابعها متنافرة متوترة وكأنها تصرخ‏,‏ والي اليسار ثور أبلة ينظر في الفراغ ولعله يرمز للقوي الغاشمة والظلام الذي تنشره‏,‏ وعليك تفسير باقي الرموز‏.‏
هناك امرأة تحمل طفلها القتيل في يدها وترفع رأسها في ضراعة يائسة الي السماء‏,‏ والي اليمين ثلاث نساء واحدة تولول وقد أمسكت النيران بملابسها‏,‏ وأخري تفر مذهولة‏,‏ أما الثالثة فلايوجد إلا رأسها وذراعها التي امتدت تحمل لمبة غازية تمثل الضمير البشري الذي يلقي ضوءا علي هذه المأساة ويشجبها‏.‏
لقد جسدت الأعمال الفنية التشكيلية الفترات الحاسمة في تاريخ الشعوب‏,‏ فكما وثق بيكاسو بريشته الفظائع والآلام وبربرية الغزاة في تكوينات دامغة لتحفظها الذاكرة البشرية النساية‏,‏ رسم قبله أوجين دولاكروا لوحته الحرية تقود الشعب ليجسد ثورة يوليو‏1830‏ م‏,‏كما رسم فرانشيسكو جويا لوحته الشهيرة الإعدام أو أحداث الثالث من مايو‏1808‏ م‏,‏وقبلهم جميعا سجل المصري القديم علي جدران المعابد أنشودة قادش ليوثق غزوات الفراعين‏.‏
ورسم المصري الحديث ورسامو الجرافيتي لوحاتهم علي الجدران المجاورة لميدان التحرير‏,‏ فوثقوا بألوانهم وإبداعاتهم وقائع الانقضاض الغادر علي ثورة عظيمة قام بها المصريون في يناير من عام‏2011‏ م‏(‏ هل تذكرون‏).‏
تشاهد وجها مركبا‏,‏ نصفه لرئيس الجمهورية السابق والنصف الثاني لرئيس المجلس العسكري السابق مكتوبا تحت الوجه المركب اللي كلف ما ماتش فتذكرت لحظة التنحي والتكليف‏,‏ وتساءلت لماذا استخف الأول بقومه فخلعوه‏,‏ ولماذا أهدر الثاني فرصة واتته‏(‏ ومجلسه‏)‏ ليقبع في قلب التاريخ كسوار من ذهب‏,‏ تطالع رسما لدبابة تدوس علي كلمة الحرية المكتوبة باللون الأحمر فتحطم الحروف وتقطر منها الدماء‏,‏ وتتساءل لماذا ضاع هتاف إيد واحدة تتأمل رسما للجنود وهم يسحلون فتاة ويرفع أحدهم حذاءه ليركل جسدها العاري فتدرك لماذا ضاع هتاف الوحدة وتحول إلي يسقط يسقط‏.‏
تقرأ كلمتين مكتوبتين بطريقة فنية وكأنهما من أسلاك شائكة الفترة الانتقامية فتتعجب لم الانتقام من شباب دفع روحه ونور عيونه ليحدث التغيير في بلادنا الي الأفضل‏.‏
علي الجانب تجد صورة كتب تحتها خائن الأمانة فتتذكر النداء أي ثقوا بنا وسنحمل الأمانة‏!‏ تري صورة لشاب ثائر يشير للاخرين لينضموا اليه‏,‏ وتري الي جانبها رسوما لصور الشهداء ولهم أجنحة ليصعدوا بها الي السماء‏(‏ هل تذكرون‏).‏
يقال أن أحد ضباط البوليس السري النازي الجستابو زار مرسم بيكاسو خلال الاحتلال النازي لباريس أثناء الحرب‏,‏ وحين وقعت عيناه علي صورة الجرنيكا بادر بيكاسو بالسؤال‏:‏ إذا أنت من صنع هذه اللوحة؟ فأجابه بيكاسو‏:‏ بل أنتم الذين صنعتموها‏.‏
وتتساءل من حقا الذي صنع تلك الصور المرسومة علي الحيطان في محمد محمود‏.‏
في عام‏1981‏ م استقبلت أسبانيا لوحة الجرنيكا في مطار مدريد استقبالا ملكيا مهيبا‏,‏ وحيتها طلقات المدافع‏,‏وفرش علي طريقهاالبساط الأحمر‏,‏ وتم نقلها الي متحف البرادو الشهير في وسط مدريد‏.‏
هكذا احتفلت الأمة بعودة الوعي والذاكرة متمثلة في اللوحة التي رسمت في‏1937‏ م حيث أوصي بيكاسو بألا تعود اللوحة إلي أسبانيا إلا بعد انتهاء حكم الجنرال فرانكو‏(‏ المتحالف مع النازية‏).‏
هذه أمة تحافظ علي ذاكرتها وتحترم تاريخها‏.‏
وفي بلادنا يحاول ذيول النظام الساقط أن يطمسوا ذاكرة الوطن‏,‏فأطلقوا علينا أجهزة التشويه المعنوية‏,‏ إلي جانب الجمال والبغال والبلطجية والشبيحة والقناصة‏(‏ هل تذكرون‏),‏ وحاولوا يائسين تزوير التاريخ وإسكات صوت الحق‏,‏ وحرق الأفلام وقصف الأقلام وتكسير آلات التسجيل والتصوير وتحطيم الاسطوانات المدمجة‏,‏ ولكن الشباب الصامد واجه الرصاص بالكلمة‏,‏ وأطلق حملة كاذبون لدحض الافتراءات وتسجيل أحداث الثورة وتوثيقها بالصور المتحركة والرسوم النابضة في بلادنا‏,‏ بدلا من الاحتفال بالرسومات الفنية والجرافيتي المجسدة لأحداث الثورة المتتالية وشهدائها فإن أعداء الثورة يقومون بإزالتها لعلنا ننسي‏,‏ فأضافوا إلي جرائمهم واحدة جديدة‏.‏
سخر الشباب من محاولات الجهل لطمس التراث وإهدار إبداعات الأمة‏,‏ فكتبوا علي الحوائط الممسوحة‏:‏ امسح كمان يانظام جبان‏,‏ وتعيشوا وتدهنوا‏,‏ ومبروك البوية الجديدة‏,‏ وانتشرت الدعوات علي مواقع التواصل الاجتماعي‏,‏ ليجتمع رسامو الجرافيتي لإعادة تزيين جدران محمد محمود بملامح الثورة وأحداثها وشهدائها‏.‏
كتب شباب الثورة منددين بإزالة الرسومات‏,‏ إمسح واحنا نرسم تاني‏.‏ في يقيني‏,‏أن الأشقياء والأغبياء والجهلة والكذابين والمزورين لن يستطيعوا طمس ذاكرة الأمة‏.‏

رابط دائم :


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.