نفي مصرفيون تأثر السيولة في البنوك المصرية علي خلفية إعلان وزارة المالية طرح أذون خزانة وسندات بقيمة150 مليار جنيه عن طريق البنك المركزي خلال الربع الثاني من العام الحالي. مؤكدين أن جزءا كبيرا من هذه المبالغ سيوجه لتغطية الأذون القديمة. واجبة الاستحقاق وبالتالي فلن يكون هناك أي ضغط علي السيولة. في المقابل تخوف عدد من الخبراء من تأثير القرار علي نسبة المشروعات التنموية المفترض تمويلها من جانب النبوك, إضافة الي تأثيره السلبي علي نسبة التضخم, مؤكدين أن طرح السندات الحكومية, ما هو الا علاج مؤقت لمشكلة ستتحمل نتائجها الأجيال القادمة الذين سيضطرون لتسديد الدين العام للدولة. وفي البداية يقول أحمد قورة رئيس البنك الوطني السابق ان البنوك غير ملزمة بتغطية أذون الخزانة أو السندات التي تطرحها الحكومة ولكنها تقبل عليها في حالة وجود فوائض مالية لها وبالتالي ففي حالة إمكانية انخفاض السيولة ببنك معين فسيمتنع عن تمويلها. وأوضح أن جزءا من الأذون المطروحة جديد والآخر لتغطية أذون قديمة وجب موعد استحقاقها المالي وهو ما دفع الدولة لطرح الأذون الجديدة لتمويل السندات الواجب استحقاقها وهو ما يعيد المبالغ النقدية مرة أخري للبنوك. وأكد ان البنوك المصرية تلجأ الي تمويل السندات الحكومية باعتبارها استثمارا آمنا100% بخلاف المشروعات التنموية التي يمكن أن يتعثر اصحابها في سداد قيمتها وفوائدها. واتفق معه الدكتور سلامة الخولي خبير مصرفي قائلا: هناك سندات واجبة السداد سواء كانت أجل3 أشهر أو6 أو9 أو حتي عام بأكمله وبالتالي فإن قيمة ما أعلنته وزارة المالية ستعتبر بمثابة تدوير لأموال البنوك. وأشار الي أن البنوك بعد شرائها للسندات الحكومية ستقبل الدولة علي إعادة نسبة كبيرة من هذه الأموال لها لتغطية الأذون المستحقة, مشيرا الي أن هذه العملية عادة ما تقوم بها الحكومة منذ سنوات عديدة ولا تمثل أي عائق بالنسبة للبنوك. وأكد أنه من المفترض أن توظف البنوك المصرية نحو80% من الودائع لديها في صورة قروض ائتمانية, إلا أن الواقع الفعلي لا يتعدي ال50% وبالتالي فإن البنوك لديها فوائض تصل الي30% وبالتالي فلا يوجد تأثير سلبي لتمويل البنوك اذون الخزانة. وفي المقابل قال الدكتور احمد الأطرش استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ان مجرد طرح هذه الفكرة هو خطأ جسيم بكل تأكيد وعند تطبيقها فعليا علي ارض الواقع ستؤدي الي المزيد من زيادة نسبة التضخم وهذا هو الخطر الأكبر, مشيرا الي أن فكرة طرح سندات هي علاج مؤقت علي المدي القصير الأجل ولكنها ستسبب مشاكل كبيرة علي المدي الطويل الأجل خصوصا وان المبلغ المزعوم طرحه هو مبلغ كبير للغاية ومن هنا تأتي الخطورة. وطالب الحكومة بإعادة النظر في هذه المسألة والبحث عن موارد أخري لتمويل المشروعات مع الأخذ في الاعتبار أن تكون هناك نسبة ليست بكبيرة من السندات عند تمويلها. وبدوره قال الدكتور حمدي عبد العظيم رئيس أكاديمية السادات الأسبق إن اقبال الحكومة علي طرح سندات بقيمة150 مليار جنيه من شأنه أن يؤدي الي تزايد حجم الدين العام الداخلي ومن ثم تزايد الأعباء علي الموازنة العامة للدولة, مشيرا الي أن البنوك تفضل اقراض الحكومة بأسعار فوائد عالية لما تحققه من نسبة ارباح اكثر من التي تمنحها للمستثمرين في القطاع الخاص لضعف هامش الربح بالمقارنة بالأذون والسندات الأمر الذي سيؤدي الي انخفاض نسبة الاستثمارات من قبل المستثمرين والمشروعات الانتاجية وكل ذلك سيؤدي الي تزايد الأعباء علي الخزانة العامة للدولة. اضاف ان الوضع الاقتصادي الحالي غير مبشر في ظل زيادة الديون الداخلية والخارجية واستمرار ارتفاع الأسعار, مستنكرا قرار الحكومة بالاستمرار في الاستدانة المحلية عن طريق طرح اذون خزانة وسندات في ظل معرفة الدولة بخطورة الاستدانة المحلية وتحذيرات الخبراء بضرورة التوجه الي الاقتراض الخارجي بدلا من الاستدانة المحلية. وقال الدكتور محمد الفيومي عميد كلية التجارة الأسبق بجامعة الأسكندرية إنه بالرغم من أن قيمة طرح السندات مضمون سدادها من قبل الحكومة الي جانب انها تعكس حالة من الأمان للمستثمر الا ان المشكلة تتمثل في ارتفاع نسبة الدين المحلي في الوقت الحالي, مشيرا الي أنه عندما ترحل هذه الحكومة بعد4 سنوات ستترك اعباء كبيرة علي الأجيال المقبلة في سداد هذه المديونيات. أضاف أن الحكومة لم تلجأ الي الحلول الصحيحة مثل ترشيد النفقات الحكومية الزائدة بالإضافة الي ان يكون الهدف في الفترة الحالية مزيدا من العمل والإنتاج وإعادة النظر في الاستفادة من الموارد البشرية, مشيرا الي أن الحكومة بهذا التفكير تريد أن تهرب من مواجهة المشكلات القائمة.