قلت أمس إن مشكلة كثير من المصريين الأن ومنذ نجاح ثورة25 يناير أنهم يميلون إلي الحديث عن السياسة وليس ممارستها وقصدت من ذلك كما قلت لصديقي الإخواني الذي رفض ما جاء في مقالي وهذا حقه إننا نتكلم في السياسة ولكننا بعيدون عن المعني الحقيقي لما يمكن أن تكون عليه ممارستها من ديمقراطية واحترام الرأي الآخر والابتعاد عن المجادلات التي لا تنتهي إلي اتفاق. واتفق معي صديق في أن الأجدر بالمصريين أن يطلبوا وبصوت مرتفع واحد ديمقراطية وصلحه وليس واحد سياسة, وإن كنت لا أري في اتجاه المصريين لممارسة السياسة ما يضر بالوطن ولا المواطن بشرط أن يكون لكل منا ما يبرر مفهومه لهذه السياسة التي كانوا يسمونها قديما اللعبة القذر وكان مصدر هذه التسمية الحكماء والفلاسفة. أما المفهوم الذي يفضله السياسيون المصريون حاليا فهو اصطلاح اللغة لكلمة السياسة من ساس يسوس بمعني قاد الرأس وهذا ما يفضله السياسيون المصريون الذين ينظرون إلينا من نظارة سوداء تعكس مصالحهم الشخصية وكأننا قطيع يتمسكون بمحاصرته وملاطفته والتودد إليه بالخداع والأكاذيب حتي يصلوا إلي ما يريدون ويتركوا القطيع يتخبط في الظلمات. وهناك من السياسيين المصريين من يتحالف مع مفهوم هارولد لازول للسياسة آخذا قشور التعريف وفتافيت المفهوم ومبتعدا عن المعني الحقيقي الذي يريده فهو يري أن السياسة دراسة السلطة التي تحدد من يحصل علي ماذا ولذلك يتكالبون علي الكراسي وينبطحون أمام من يقودهم للجلوس عليها ويدهسون كل من يبعدهم عن المناصب والحكم وما أدراك ما سلطة الحكم والحكام. ولدينا في مصر من يفضل مفهوم ديفيد آستون بأن السياسة مجرد دراسة تقسيم الموارد في المجتمع عن طريق السلطة ولكن أصحاب هذا المفهوم يضربون ب آستون ودراسته الحائط ويتدافعون علي الموارد في السر والعلن ويسجلون ما تصل إليه أيديهم في شهرهم العقاري ودفتر شيكاتهم الشخصية ويطبعون أكبر قبلة للخداع علي قفا الفقراء وغير القادرين. وأري أن كل السياسيين سيستمرون في مصر يتعاركون ويتشابكون ويتبادلون الاتهامات من أجل مصالحهم الشخصية بعيدا عن الناس وهمومهم ومشاكلهم دون وفاق أو اتفاق لأنهم يتعاملون معها بطريقة مسرحية المتزوجون, حينما يسأل جورج سيدهم الواد مزيكا: تعرف ايه يا واد عن سياسة الوفاق؟ فيرد عليه يعني.. يا بخت من وفق راسين في الحلال فيرد جورج في عفوية بعيدا عن النص وعن المخرج دي مش سياسة الوفاق.. دي سياسة امك!