لعل الأصل في المجالس الوطنية للصحافة أنها تعبر عن إدارة مجتمعية لمنظومة الإعلام بما يخدم مصالح المجتمع ويحقق أهدافه, ويحفظ مصالح دوائر صناعة الإعلام من ملاك ومهنيين, وقراء أو مشاهدين لذا فتشكيلها دائما يجب ان يمثل ثلاث دوائر رئيسية: 1 رجال الصحافة للقيام بأدوار فاعلة في الدفاع عن مصالح الجماعة المهنية من جانب وضبط وتقويم الآداء المهني بما يتفق مع القواعد الأخلاقية والمهنية. 2 المجتمع المصري بشرائحه المختلفة لمراقبة وضبط ايقاع المنظومة الإعلامية والتأكد من تحقيقها للأهداف المجتمعية الكبري. 3 ملاك وسائل الإعلام وهم دستورا وقانونا, الشعب المصري لمراقبة الأداء المالي والاقتصادي لتلك المؤسسات بما يضمن التوظيف الأمثل لمواردها والأصل في هذه المجالس أنها تكون تعبيرا عن حركة مجتمع مدني لضبط ايقاع المؤسسات الإعلامية وتنظيمها, وترقية أدائها بمعزل عن الدوائر الحكومية الرسمية. أما في حالتنا المصرية الفريدة من قانون منظم للصحافة والمسمي بقانون سلطة الصحافة1980 الذي ساوي نظريا بينها وبين سلطات الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية وأوكل حقوق الملكية إلي مجلس الشوري ليقوم بدوره بتشكيل المجلس الأعلي للصحافة وفوضه في اداره تلك المؤسسات من خلال آليات محكمة تحقق السيطرة علي سائر أمور التحرير والإدارة معا بما يحقق سيطر الفصيل السياسي المسيطر أيا كان توجهه علي منظومة الصحافة بالكامل, مما يطلب تفكيكا تدريجيا لتلك المنظومة, تلتزم بتحقيق عدة أهداف: أولا: تحقيق الأهداف المجتمعية الكبري والذي أجملتها ثورة25 يناير في عيش وحرية وعدالة اجتماعية. ثانيا الارتقاء بالمستوي المهني لهذه المؤسسات, لدعم قدرتها علي المنافسة مع الاحتفاظ بواجبها الأصيل في خدمة المجتمع. ثالثا ضبط الأداء المالي والاقتصادي للمؤسسات الصحفية بالنسبة لتحقيق الأهداف المجتمعية فإن ذلك يتم وحتي لا نكون عجبا بين الأمم من خلال منظمات المجتمع المدني, ممثلة في نقابة الصحفيين, ومن خلال تطوير ميثاق الشرف الصحفي. وتعظيم قدرة النقابة علي إلزام أعضائها بميثاق الشرف الصحفي من خلال العقوبات المادية والأدبية المتدرجة وأما عن الارتقاء بالمستوي المهني للمؤسسات الصحفية فيتطلب تمكين المجتمع المدني من الرقابة والتقويم لأداء المؤسسات الصحفية من خلال الدعم المالي والفني للمجتمع المدني ليسترد هذا الدور باعتباره حقا أصيلا للقارئ لا يجوز التنازل عنه للسلطة الرسمية التي قد تتصادم مصالحها مع المجموع, وذلك من خلال الجمعيات التي تراقب انتشار وتوزيع الصحف, جميعات تقييم الأداء المهني من خلال التقارير الدورية العلنية, التي تنشر للرأي العام كاشفة عن مدي التزام الصحف بالقيم الصحفية في معالجتها المختلفة. أما عن ضبط الأداء المالي والإداري فانه يستلزم وجود مجالس إدارات وجمعيات عمومية منتخبة بالكامل تكون مسئولة عن ادارة وتحرير تلك المؤسسات من خلال وجود ضوابط ومحددات يمكن قياسها. أما أن يتم انشاء مجالس وطنية يتم اختيار أعضائها بالتعيين سواء عن طريق مجلس الشوري أو عن طريق مؤسسة الرئاسة أو أيا كان فان ذلك سيؤدي حتما إلي سيطرة إحدي الفصائل السياسية علي مؤسسات مملوكة في الأصل للشعب ومن حق أبناء المهنة أن يراقبوا ويقوموا بأدوارهم ومن حق الشعب صاحب الحق الأصيل في المعرفة ممارسة الرقابة الذاتية من خلال جمعياته الأهلية وحتي لا نكرر تجربة المجلس القومي للمرأة الذي أثبتت الدراسات العلمية أن قضيته الأولي الذي تناولها خطاب الصحف القومية من سنة2000 حتي2004 قضية ختان الإناث علي الرغم أن واقع حقوق الطفل المصري وفقا للمعاير العالمية يندي لها الجبين. وأتصور أن هذا السيناريو يحقق مجموعة أهداف مرحلية في مقدمتها: الحفاظ علي منظومة الصحافة القومية بدلا من سيناريو بيعها لمن يوظفها لتحقيق أهدافه الخاصة والحفاظ علي حقوق العاملين فيها الذين أفنوا أعمارهم في بناء ذلك الكيان واستبعدوا من دائرة صناعة القرار تماما انعكاسا لسيطرة الزعيم الأوحد علي مقاليد الأمور, مما أفرز بدوره قيادات إدارية وتحريرية ملهمة, أسلمت المؤسسات القومية إلي الحضيض.