ترددت كثيرا قبل أن أكتب لك وأحكي حكايتي فقد تألمت كثيرا من غدر الزمن وتجريح الناس لي وطعناتهم القاتلة التي تدمي روحي وجسدي بلا رحمة لا لشيء إلا لأنني امرأة كتبت عليها الأقدار أن تأتي إلي الدنيا بلا ماض أو جذور.. فقد تفتحت عيناي لأجدني في كنف امرأة عثرت علي في الشارع ورق قلبها لحالي فقررت أن تتولي هي رعايتي وكأنها أمي التي لم تلدني.. أما أمي الحقيقية التي ولدتني لفظتني منذ اليوم الأول لي في هذه الدنيا.. كنت أنا رمزا مجسدا للخطيئة التي وقعت فيها وفكرت في نفسها بالتخلص مني وأنا في المهد باعتباره الحل الوحيد للنجاة من الفضيحة. صدقني أنا لا أحقد عليها ولا أكرهها رغم أني لم أرها وأدفع فاتورة خطئها كل يوم من نظرات المجتمع ورفضهم لي. وكيف يقبلونني ولم تقبلني أمي التي ولدتني.! حاولت يا سيدي أن أعيش في هذه الدنيا فتحايلت علي واقعي المرير محتمية برعاية أمي البديلة التي شاء قدرها أن تعثر علي وتذهب بي إلي قسم الشرطة حيث أحالوها بي إلي أحد الملاجيء وهناك لم ترض إلا أن أعود معها إلي بيتها وتتولي رعايتي وقامت بجميع الإجراءات الرسمية لتتبناني بعد أن وضعوا لي اسما في الملجأ واستخرجوا لي شهادة ميلاد بهذا الاسم عشت بها ودخلت بها المدرسة وكبرت وأصبحت علي أعتاب سن الشباب بهذا الاسم وكنف هذه الأم العطوف ووجدتني في معترك حقيقي مع الحياة والواقع الذي حاولت أن أخفيه من نظرات الناس الجارحة عندما تقدم شاب لخطبتي ووجدتني حائرة في قبوله أو رفضه. ولو قبلته هل أخبره بالحقيقة. ولو أخبرته هل يتمسك بي أم يتركني ويرحل تاركا في جراحا عميقة لا تندمل مع الزمن؟! تساؤلات كثيرة اشتعلت نيرانها في قلبي وكادت تقضي علي من الحيرة لولا انني وجدت نفسي قد بلغت الثانية والعشرين من عمري ورأيت أن أخفي حقيقتي المريرة والتي لا ذنب لي فيها عن العريس. وفكرت انني لا أكذب عليه لأنه ليس في هذه الحقيقة ما يخجلني أو يلوث شرفه فأنا لا ذنب لي في شيء! وتم الزواج ولا أستطيع أن أصف لك حجم السعادة التي كنت أعيشها معه علي مدي سبعة أشهر هي عمر زواجي منه فقد عرف بالمصادفة أني لقيطة وكانت الصدمة أكبر من احتماله فقرر أن يرحل في هدوء. وانفصلنا وعدت إلي بيت أمي البديلة أجر أذيال الخيبة واليأس..! وكما حدث مع هذا الزوج حدث مع العريس الثاني الذي عرف الحقيقة في ليلة الحنة ووقع الطلاق قبل أن يتم الزفاف وكذلك الزيجة الثالثة ولكن مع اختلاف ان فترة الزواج طالت هذه المرة لتصل إلي3 سنوات أنجبت خلالها ولدا وبنتا كانا هما ثروتي وسعادتي الحقيقية في هذه الدنيا ومثله مثل غيره لم يحتمل الحقيقة عندما عرفها فهجرني ورحل ولا أعلم إلي أين ذهب حتي انه لم يطلقني. ولم أهتم كثيرا بهذا الأمر فأنا لا أريد الزواج مرة أخري وانما وهبت حياتي من أجل ابني وابنتي واعمل بأقصي جهدي ورغم دخلي المتواضع أنا قانعة برزقي وأحاول به تربية الولد والبنت وأجنبهما أي شقاء عشته ولكن بيت أمي البديلة ضاق بي وأبني وابنتي وهي امرأة كبيرة وأولادها أيضا كبروا وكل ما احتاجه مأوي يسترني من غدر الناس الذي ترك اثاره محفورة في حياتي كلها. أ.ذ.ص الجيزة في أحيان كثيرة تقسو علينا الأيام وتشتد آلامها لكي يختبر المولي عز وجل إرادة الإصرار بداخلنا علي تخطي العقبات ومواصلة الحياة بيقين وإيمان كاملين بأنه حتما بعد العسر يسر وأنت يا سيدتي فرضت عليك الأقدار حياة بديلة دفعت خلالها فاتورة خطيئة لم ترتكبيها وهذا لا يشينك في شيء ولا يلوث صفحة حياتك البيضاء وإنما تتحملين جانبا كبيرا من المسئولية تجاه تجارب الزواج الثلاث التي عشتيها بإخفائك حقيقة واقعك المرير كما وصفتيه عمن تقدموا لك فلو انك لم تخف عن أحد شيئا لنجوت من هذه الزيجات الثلاث واختلفت حياتك كثيرا وكما يقولون فإن الصدق منجي.