عام كامل من الحزن ولوعة الفراق عاشته أمل بائعة الشاي بالشرقية منذ تلك الليلة التي خرج فيها ولداها التوأم يوسف و فيصل اللذان لم يتجاوزا الخامسة من عمرهما ولم يعودا.. خرجت تحرث الأرض شارعا شارعا بحثا عنهما حتي عثرت علي يوسف ولكن فيصل اختفي بلا رجعة.. أيام ثقيلة باردة مرت عليها وهي تقضي ليلها بوجه غارق بالدموع تبتهل إلي الله أن يعيد إليها فلذة كبدها ولكن الأيام تنقضي ليلة بعد ليلة ولوعة الفراق تزداد وتشتد يوما بعد يوم حتي أحاط بها اليأس والإحباط لعجزها عن العثور عليه.. فوضت الأم أمرها إلي الله وباتت في انتظار دائم لفيصل لعله يعود يوما.. ولم يغلق الرحمن أبواب رحمته في وجه الأم الملتاعة فقد فوجئت بعد مرور قرابة العام من اختفاء الصغير بمن يتصل بها وبزوجها.. كان أحد ضباط قسم الشرطة يريدها أن تأتي هي وزوجها إلي القسم.. لم يدر بخلدها أن الأمل الذي كانت تعيش من أجله قد تحقق وأنها سوف تري فيصل مرة أخري..! عندما قال لها الضابط إنهم عثروا علي صغيرها كاد يغشي عليها من الفرحة وفي لحظات خاطفة كانت هي وزوجها في القسم. وما أن وقعت عيناها علي فيصل حتي أطلقت صرخة مدوية واحتضنته وأخذت تتقلب به علي الأرض وهي تصرخ تارة وتضحك تارة بشكل هستيري أبكي ضابط المباحث وكأنه مشهد درامي من أحد الأفلام. بداية القصة كانت عندما تمكن ضباط قسم أول العاشر والأحوال المدنية من إعادة طفل لم يتجاوز ال6 سنوات إلي أسرته التي فقدته منذ عام بعد أن دب اليأس في قلب الأسرة وجابوا البلاد بحثا عن طفلهم الذي فقد وقاموا بتحرير محضر بغيابه في العام الماضي بقسم أول مدينة نصر حيث قام المقدم أحمد غازي رئيس مباحث مدينة العاشر بالاتصال بأهل الطفل الذين حضروا في مشهد إنساني اختلطت فيه الدموع بالفرحة والزغاريد حيث قامت والدته باحتضان ابنها وهي غير مصدقة أنه قد عاد إليها بعد غياب عام كامل. وكان اللواء محمد كمال مدير أمن الشرقية قد تلقي إخطارا من العقيد خالد السيد الضابط بقسم الأحوال المدنية يفيد أنه أثناء قيام أحد الأشخاص باستخراج شهادة ميلاد للطفل وأثناء إدخاله بياناته تبين أنه توجد له شهادة وعليها بيانات أهله وأكدت التحريات التي قام بها المقدم أحمد غازي رئيس مباحث قسم أول العاشر وبإشراف اللواء علي أبو زيد مدير المباحث الجنائية أكد عثور المواطن محمد أحمد علي مرسي علي الطفل منذ عام تقريبا بعد أن نام أكثر من ليلة بجوار أحد بائعي الفاكهة بالعاشر من رمضان وعندما حاول إيداعه احدي دور الرعاية رفضت فقام برعايته مع أولاده وفي بداية العام الدراسي حاول استخراج شهادة ميلاد حتي يتمكن من إدخاله المدرسة مع أولاده وعند توجهه إلي قسم أول العاشر قاموا بإرسال المواطن إلي قسم الأحوال المدنية ليتم اكتشاف بياناته ومحل إقامته والمحافظة التي ولد فيها فقاموا بالاتصال بأهله وعند حضور أهله قالت الأم أنه قد فقد هو وشقيقه التوأم يوسف وتم العثور علي يوسف ولم يتم العثور علي فيصل والذي بحثنا عنه طويلا دون جدوي إلي أن شاءت الأقدار وعاد الطفل إلي أحضان أسرته. وفي لقاء الأهرام المسائي أكدت والدة الطفل أمل ثابت وتعمل بائعة شاي في احدي العزب بمدينة نصر أنها لم تتمالك نفسها ولم تصدق أنها ستري طفلها مرة ثانية بعد أن جابت البلاد شرقا وغربا بحثا عنه ووسط حالة من الفرح الشديد شكرت الله كثيرا وضباط المباحث الذين أدخلوا الفرحة علي قلبها وقالت إنها استوعبت الدرس وأن كل أم يجب أن تهتم بأولادها لأنهم أهم شيء في الدنيا أما الطفل فيصل فقد ظهر مبتسما وهو يرتدي بدلة ضابط شرطة عليها دبابير أحضرتها له والدة المواطن الذي تكفل برعايته طيلة هذه المدة وعندما شاهد أمه أسرع إليها مسرعا وهو يقول لها أمي حبيبتي ثم أسرع نحو يوسف أخيه التوأم والذي فقد أيضا معه في نفس اليوم وتبادلا الأحضان وهما في فرحة شديدة وقال أنا فرحان بعودتي لأهلي ولكني زعلان لأني سأغادر أبي محمد وأخي أحمد لأنهم كانوا بيعاملوني كويس وجدتي وجدة أحمد إللي جابت ليه بدلة ضابط وحذاء جديد ومش هسيبهم إلا بعد ما أبات معاهم ليلة أودعهم فيها.