قبل أسبوعين كان الأستاذ العامري فاروق, وزير الدولة للرياضة وبدعوة من لجنة الشباب والرياضة المنبثقة من مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون والتي أتشرف برئاستها. يتحدث عن رؤاه وفلسفته التي يزمع أن يخرجها إلي أرض الواقع مستهدفا منها خلق حالة رياضية تعم أبناء الوطن من أجل غد مشرق للرياضة المصرية, ترفرف خلاله أعلام مصر في المجالات الرياضية العالمية والأوليمبية, وكان هدف اللجنة أن تنعكس هذه الرؤي وهذه الفلسفة إلي برامج مسموعة ومرئية مساهمة من الإعلام الرسمي في خلق هذه الحالة التي يريد لها السيد الوزير ونحن معه أن تعم وتنتشر في كل بقعة من بقاع الأرض,و وقال الرجل إنه يشعر بثقل المهمة وإن كان تنفيذها غير مستحيل إذا ما تكاتف الجميع من أجل الخروج من الأزمة التي تعيشها الرياضة في مصر والنفق المظلم الذي تقبع فيه, وأكد السيد الوزير أنه من أجل الوصول إلي الغرض المنشود فإنه لن يدخر وسعا في سبيل القضاء علي عناصر الفساد والتي تعشش في اللعبات الرياضية, وأضاف أن الفساد لا تسلم منه حتي دهاليز وزارة الرياضة نفسها وهناك ملفات تخص العديد من هذه الهيئات يكتنفها الغموض وتبدو الريبة والشكوك في أوراقها وصفحاتها واضحة جلية إضافة إلي أمور أخري تتعلق بوجوب رصد ميزانيات ضخمة من أجل تطوير الأندية والاستادات وتوسيع دائرة الممارسة الرياضية ونشر الرياضة في المدارس والجامعات, فهذه أمور نرجو أن يوفق السيد الوزير في اخراجها إلي حيز التنفيذ, ولكني في هذه السطور أتوقف أمام حالات الفساد وإهدار المال العام التي ذكرها السيد الوزير وإذا كانت هناك حالات كثيرة تبدو فيها شبهة إهدار المال العام فإن الذكريات تعود بي إلي بضع سنوات مضت عندما أهدر المال العام عيني عينك دون أن يحاسب من تسبب في هذا الإهدار وجريمة إهدار المال العام كما نعرف لا تسقط بالتقادم وأعني بهذا الأمر صفر المونديال الذي حظيت به مصر دون أن تحصل علي مجرد صوت واحد عندما تم التصويت في فيفا علي الدولة التي ستنظم كأس العالم2010, إن هذا الصفر سيظل وصمة تلطخ الجبين باعتبار أن مصر بلد له كيانه وشأنه, ولكننا بسفاهتنا تسببنا في تلطيخ جبينه. والبداية كانت في قرار فيفا أن تنظم إحدي دول إفريقيا كأس العالم سنة2010 وأن القارة التي لم يسبق لها أن نظمت البطولة خصها الفيفا بالتنظيم في تلك السنة وعلي دولها أن تتقدم وتتسابق لنيل هذا الشرف وطبعا لم يتوان المسئولون عن الرياضة في هذا الأمر, فمصر هي الرائدة وهي أم الحضارة وصاحبة موقع جعرافي فريد, وبالتالي فإن فرصتها كبيرة جدا في الفوز وفي جلسة من جلسات مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيونا عرض ممثل وزارة الشباب أن يسهم الإعلام الرسمي إذاعة وتليفزيون في دعم الرغبة التي جاشت بها قلوب المسئولين وأن يقدم جهاز الإعلام برامج تهيئ الرأي العام للحدث الكبير, وأوكل أمر هذه البرامج للجنة الشباب والرياضة التي كنت أرأسها وأن اللجنة عليها أن تقدم تقريرا في هذا الموضوع, وفي الجلسة التالية كان تقرير اللجنة مخيبا لآمال المسئولين في وزارة الشباب فقد قلنا في المقدمة إن فيفا قرر أن تكون إفريقيا هي القارة التي ستحل الكأس ضيفة علي إحدي دولها وأن قراره هذا كان من أجل عيون جنوب إفريقيا التي كان من حقها أن ينظم الكأس سنة2006, ولكن فازت ألمانيا وكان فوزها مشوبا بالعوار حيث قيل إن رشاوي دفعت للبعض لكي يصوتوا لصالحها ولكي لا تقم جنوب إفريقيا الدنيا وتقعدها كان الوعد لها بأنها ستنظم كأس سنة2010, أما ما جاء في تقرير اللجنة بعد ذلك فكان يتضمن حججا دامغة بأن مصر بإمكاناتها لا تستطيع أن تقوم بعبء تنظيم بطولة في حجم كأس العالم لكرة القدم خاصة فيما يتعلق بالإكانات الإعلامية إذ المطلوب إنشاء استوديوهات بث وكبائن لعشرات المئات من الإعلاميين كما أنه مطلوب أن يزود كل استاد من استادات البطولة بإمكانات إعلامية تحتاج إلي خبراء وكوادر لابد من إعدادها جيدا, بالإضافة إلي عشرات من سيارات النقل الخارجي فهذه كلها تتطلب ملايين الملايين من العملات الصعبة, ثم أين شوارع القاهرة التي تستوعب الآلاف المؤلفة التي ستأتي وراء فرقها؟ وأين الفنادق ووسائل المواصلات؟ ثم أين دورات المياه خمس نجوم في الشوارع والميادين وقلنا كلاما كثيرا كتبه خبراء من أعضاء اللجنة قاموا بتغطية كئوس عالمية لكرة القدم, وشاهدوا بأنفسهم الإمكانات المتاحة للفرق والجماهير ورجال الإعلام ولم يسمع أحد ما قلناه وأخذتهم العزة بالإثم وذهبوا إلي سويسرا وارتطموا بشخصية كاريزمية تمثل جنوب إفريقيا كانت علي رأس وفد بلادها وهي شخصية نيلسون مانديلا وبالطبع فازت جنوب إفريقيا وجئنا نحن بالصفر الكبير وأهدرت ملايين الجنيهات والقيت في اليم وتكسب من ورائها كثيرون. أليس هذا لونا من إهدار المال العام يستحق أن تفتح ملفاته؟