بعد اندلاع ثورة25 يناير وطوال عام ونصف العام وحتي انتخاب رئيس الجمهورية شهدت مصر في جميع أنحائها فوضي في كل المجالات تمثلت بشكل واضح في مخالفات البناء غير المسبوقة استغلالا لتوقف رجال الشرطة عن عملهم وتراجع دور الأحياء المريب, فرأينا من يبني بغير ترخيص جهارا نهارا دون حساب من الدولة.. ولأن البناء يقتضي هدما وتنتج عنه مخلفات, فقد رأينا تلالا من مخلفات البناء في كل مكان حتي لم تسلم منه الأحياء الراقية. فماذا فعل رؤساء الأحياء لمواجهة هذه المخالفات الرهيبة, خاصة وأن الرئيس محمد مرسي قد أعلن مبادرة المائة اليوم التي تركز علي خمسة محاور وهي القمامة والمرور والخبز والوقود والانفلات الأمني.. من هذا المنطلق كانت جولة الأهرام المسائي في مختلف أحياء القاهرة لرصد ما جري علي أرض الواقع.. المكان: ميدان رمسيس التوقيت: ساعة الذروة والمشهد مزدحم بالسيارات والمواطنين سواء من داخل القاهرة أو خارجها لوجود محطة مصر فيه بالإضافة إلي الباعة الجائلين الذين ينتشرون في كل مكان وأرض رمسيس تكاد تختنق من هذه الفوضي التي استقرت بها منذ عام2006.. ذلك التاريخ الذي قد لا يتذكر الكثير ما حدث فيه ولكن هذا الميدان يبقي شاهدا علي نقطة التحول الأكبر في تاريخ ذلك الميدان العريق عندما فارقه صاحبه والذي يحمل اسمه.. إنه ميدان رمسيس الذي ظل تمثال رمسيس الثاني واقفا علي أرضه وبجوار النافورة الشهيرة قبل أن ينتقل إلي موقعه الجديد بالمتحف المصري الذي يقع في أول طريق القاهرةالإسكندرية الصحراوي لإنقاذه من هذا التلوث البيئي الذي كان يحيط به من جميع جوانبه بسبب حركة القطارات والسيارات التي أفقدت التمثال قيمته الجمالية بالإضافة إلي وجود عدد من الكباري حوله.. لذلك فهو في أفضل حالا الآن أما الميدان فيشهد أسوأ فتراته علي الإطلاق وسط احتلال الباعة الجائلين له. بمجرد دخول الميدان تجد الباعة قد افترشوا الأرصفة حول مسجد الفتح الذي يعاني هو الآخر.. ولم يكتفوا بالضجيج الذي ينتج عن استمرار حركة البيع والشراء ليلا ونهارا بل وضعوا السماعات في كل مكان كنوع من الدعاية لبضائعهم وإعلان أسعارهم الخيالية بتسجيل أصواتهم.. ولا مانع من ترديد ما يقوله المسجل لجذب أكبر عدد من الآذان الصاغية لكل هذه الأصوات. وعلي الجانبين تجد مواقف الميكروباصات التي تقف وسط الميدان لتحميل الركاب لمدينة نصر وعباس العقاد والحسين والدراسة ولا عزاء للسيولة المرورية وحركة المواطنين الذين يتواجدون في أكثر ميادين مصر ازدحاما. ويبدو أن مرتادي أشهر ميادين مصر قد أصابهم اليأس من تغيير الوضع فيه حيث أجمعوا علي صعوبة إزالة إشغالات الميدان لأن الباعة الجائلين سريعا ما يعودون لأماكنهم بعد انتهاء حملات الإزالة, يقول ياسر جمال موظف أن الميدان أصابته الفوضي بعد نقل التمثال ليتحول لسوق عشوائي كبير لا تقوي عليه حملات الإزالة. ويؤكد سعادته البالغة بما حدث في ميدان التحرير مشيرا إلي إمكانية تطبيق السيناريو نفسه في رمسيس الذي لايقل أهمية ولا حتي فوضي عن ميدان التحرير. ويقول محمد جعفر والذي يمر يوميا علي حد قوله بالميدان لاستخدامه قطارات محطة مصر أن الميدان يحتاج لتواجد أمني مستمر لمنع عودة الباعة لأماكنهم لأنهم يتعاملون بمنطق فرض القوة واقتطاع المساحة التي تناسبه من الشارع دون التفكير في حركة المارة خاصة وأن الكثير منهم يفترش المنطقة الموجودة حول محطة مترو رمسيس, ويري ضرورة السيطرة علي مواقف الميكروباصات العشوائية وسط الميدان. وعند دخول الميدان من جهة كوبري6 أكتوبر والشرابية يجد الداخل ازدحاما مروريا هائلا سواء لمن يصعد الكوبري مرة أخري متجها للتحرير والزمالك أو لمن يسير أسفل الكوبري, حيث يفترش الباعة الجائلون الشارع بشكل يسد المنافذ أمام السيارات وبجوار نقطة المرور وأمام محطة مصر تجد بالشارع تكسيرا يكاد يخلع السيارات خلعا كما تجد الميكروباصات تسد الشارع الأيسر المؤدي للتحرير. من جانبه يؤكد اللواء سيف الإسلام عبد الباري نائب محافظ القاهرة للمنطقة الغربية أن خطة إزالة الإشغالات من الميادين العامة مستمرة وأن هناك خطة ثابتة تنفذ يوميا مشيرا إلي أن البداية كانت بميدان التحرير الذي كان يشهد مخالفات صارخة بعد الثورة حيث احتله الباعة الجائلون وقضوا علي كل معالم الجمال فيه. ويقول عبد الباري إن ما حدث في التحرير بروفه لما سيحدث في كل ميدان مؤكدا أن الدور علي رمسيس الذي يشهد هو الآخر وجود عدد كبير من الباعة الجائلين الذين يفترشون أرصفة الميدان وشوارعه, وأشار إلي أن خطة الإزالة هذه المرة ستتم بشكل يضمن قدر الإمكان عدم عودة الباعة لأماكنهم مرة أخري مثلما يحدث الآن في ميدان التحرير.