لا خلاص لمصر ألا بأن تخلع جلباب مبارك وتلبس آخر مختلف القماش, لقد كان جلباب مبارك مليئا بالبقع والرقع, بل كان مهلهلا ينذر بأن صاحبه سيعري, وظهر ذلك بوضوح في السنوات الأخيرة من حكمه. والحقيقة أنه يتحتم ونحن نسعي للخلاص ان يكون ثوب مصر الجديد جميلا يسر الناظرين. وحين يصبح الدستور في صياغته النهائية سيكون مقياسا للثوب الذي نريد أن نراه علي الحكم في مصر. ولذلك فإن كل جهد يبذل علي طريق الوصول إلي دستور يعبر عن عصر أفضل له من الأهمية الكثير والكثير. وفي الصياغات المبدئية لمواد الدستور مايشير إلي أن المزيد من الجهد لايزال مطلوبا علي طريق نظافة الثوب. قرأت أن احدي مواد مشروع الدستور صيغت علي النحو التالي: يتولي إدارة المفوضية الوطنية للانتخابات مجلس مكون من تسع أعضاء بالتساوي من بين نواب رئيس محكمة النقض تنتخبهم جمعياتهم العمومية من غير أعضاء مجالسها الخاصة وينتدبون ندبا. من ناحية المبدأ هذه الصياغة تصلح لقانون وليس لدستور, فالمادة التي تصلح للدستور هي تدير مفوضية عليا انتخابات الرئاسة والبرلمان والاستفتاءات وتتمتع بالاستقلال في عملها, وحين يوضع قانون مفوضية الانتخابات يتضمن التفاصيل. من ناحية ثانية, يجب أن تكون تلك المفوضية مستقلة عن كل هيئة حتي ان كانت الهيئة القضائية عبر أفراد من تلك الهيئة, فالرئيس المخلوع كان يأتي بقضاة ليبرروا له سوءاته ولتكتسب تلك السواءات قبولا, حتي إن كان شكليا. ومن ناحية ثالثة, لماذا يكون القائمون بعمل بالغ الحساسية علي حاضر البلاد ومستقبلها وهو انتخاب رئيس الدولة والبرلمان منتدبين؟ وقد حان الوقت للعودة إلي قيام الرجل الواحد بعمل واحد, فلن يبني مصر مشغولو البال بغير عملهم الاصلي أو بعمل أو أعمال إلي جانبه, والحديث موصول.