الهجوم علي الصحافة تحول إلي فريضة وعمل ووظيفة ربما يتقاضي المتخصصون في شن الحملات ضدها بشكل عام أجورا عن مهمتهم تفوق بكل تأكيد رواتب الصحفيين أنفسهم, وعلي اعتبار أن النيل من الصحافة تحول إلي سبوبة وأكل عيش! ولكن المؤسف حقا أن تتلقي الصحافة الطعنات من المستشار أحمد مكي وزير العدل الذي فوجئنا به يشن هجوما شرسا علي الصحافة قائلا: الصحافة كاذبة ويحكمها سوء الظن وغلبة الهوي, كما وصف إلغاء عقوبة الحبس والسجن للصحفيين في جرائم النشر بأنه أمر مستبعد وأنه يقوم بإعداد مشروع قانون لمنع الكذب في الصحافة. تأتي هذه التصريحات بعد مرور أيام قليلة علي تصريحات مماثلة, أدلت بها الناشطة أسماء محفوظ علي حسابها الشخصي بموقع تويتر, حيث عبرت عن رفضها لقرار الرئيس مرسي بإلغاء الحبس الاحتياطي للصحفيين, قائلة: أنا لو رئيسة جمهورية كنت أصدرت قرارا بقتل كل الصحفيين والإعلاميين رميا بالرصاص.. وإن كانت تصريحات الناشطة لاتستحق التعليق. إلا أن ما قاله مكي يجب أن يواجه برد يوازي حجم مكي كوزير يمثل نظاما وبالتالي فرأيه هو رأي النظام. ولو كان عكس ذلك لتمت إقالته بل ومحاسبته.. وأقول لمكي الوزير وليس القاضي باعتباره قرر مخاصمة العدل في تصريحاته. لمجرد خبر لم يأت علي هوي معاليه بالاضافة إلي أنه يقرر من تلقاء نفسه أنه يعد قانونا لمنع الكذب وعلي اعتبار أنه مسئول التشريعات ولن يسأل عما يفعل!! وتصريحات مكي تكفي للخوف من أن نجده غدا وقد أعد ترسانة قوانين لتكميم الأفواه وإن تصريحات مكي مجرد من لقب القاضي ليست النهاية ولكنها أول فطرة في سيل سوف ينهم وأزمة نقابة الصحفيين ليست مع تصريحات مكي فقط ولكنها تتجاوز ذلك لأمور أخري منها الموارد المالية التي تتحول إلي عائق أمام تفعيل دور نقابة الصحفيين في القيام بدورها تجاه أعضائها. فالنقابة تقف وراء ضخ أكثر من120 مليون جنيه سنويا في الخزانة العامة للدولة تمثل عائدا لضريبة الإعلانات بينما تعيش بلا موارد حقيقية سوي تقديم بضعة ملايين من الجنيهات لتسوية جزء من نفقات النقابة علي مشروع العلاج أو المعاشات والتدريب. والمطالبة حاليا من الجماعة الصحفية بضرورة وضع لائحة أجور تحترم فيها آدمية الصحفي ضرورة لا غني عنها خاصة أن الأطباء نجحوا في إلزام الدولة بوضع لائحة أجور لهم, يصل فيها الحد الأدني إلي3 آلاف جنيه للطبيب المبتديء رغم أن الالتزامات التي تترتب علي عمل الصحفي تزيد علي مثيلتها بالنسبة للأطباء. ولائحة الأجور هي حق تلتزم فيه الدولة تجاه كل من ينتمي إلي عضوية نقابة الصحفيين.. والأجور تمثل العنصر الثاني من حقوق الصحفيين الأصيلة التي تجب أن تفعل ومن قبلها الحريات, فليس من المقبول دس الألغام في المواد الخاصة بالحريات وبالصحفيين في الدستور, وهو ما دعا الدكتور وحيد عبد المجيد المتحدث الرسمي للجمعية التأسيسية إلي مطالبة الجماعة الصحفية بالدفاع عن حقوقهم في الدستور. واسترداد النقابة سنويا لنسبة ال15% التي تمثل ضريبة الإعلانات التي تستقطع من المنبع هو حق أصيل لها لمواجهة النفقات التي تتراكم علي النقابة وتسبب عجزا سنويا رغم محدودية الخدمات التي تقدمها النقابة لأعضائها والتي تقل بكثير عن مثيلتها في نقابات المهندسين والمحامين والأطباء. وعلي سبيل المثال نجد أن مشروع علاج الصحفيين يواجه مصاعب في الوفاء بالاحتياجات العلاجية للزملاء, فليس من المقبول أن يكون الحد الأقصي لعلاج الصحفي وأسرته سنويا لا يتجاوز15 ألف جنيه يتحمل العضو منها30% وهو ما يعني أن الصندوق لن يتحمل أكثر من10500 حنيه فقط وهو ما لا يكفي لتغطية جراحة الزائدة الدودية في مستشفي عادي جدا! بينما الأمراض المنتشرة الآن يتطلب علاج الواحد منها عشرات الآلاف من الجنيهات ومع ارتفاع التكاليف العلاجية بشكل مبالغ فيه. وهو ما يتطلب مضاعفة الحد الأقصي لعلاج الصحفيين إلي ضعفي ما هو عليه الآن علي أقل تقدير. والانتقال إلي المعاشات والتدريب وغيرها من البنود الضرورية التي لا غني عنها يضع في عنق النقابة الكثير من الالتزامات تجاه أعضائها, وبالتالي أري أن تدافع الجماعة الصحفية بجانب حقوقها في الحريات عن حقوقها المادية والتي تضمن لها حياة كريمة والتي تتمثل في.. أولا: استرداد حقوق الصحفيين التي تمتصها الدولة من خلال خزانة وزارة المالية وهي ال15% التي تحصل عن الإعلانات من المنبع عن طريق الضرائب العامة. ومن خلالها يؤسس صندوق بنقابة الصحفيين لاستقلال المهنة لموازنة الأجور. لأنه ليس من المنطقي أن يتم التعامل مع الصحفي علي الالتزام بواجباته دونما النظر إلي حقوقه. ثانيا: يجب أن يتم إلزام كل المؤسسات الصحفية قومية أو حزبية أو خاصة بدفع نسبة ال1% بدون حد أقصي لمصلحة النقابة وحتي تتم معالجة الخلل في منظومة أجور الصحفيين. خاصة أن الحد الأدني لأجر الصحفي يجب ألا يقل عن2000 جنيه وبعد الانهيار في الأجور الذي تعاني منه الجماعة الصحفية, حتي إن أجور آلاف شباب الصحفيين لا ترقي إلي أجور العمال العاديين بأي من قطاعات الدولة. ثالثا: مطلوب أن يتوازي الصحفي مع القاضي في الأجور والخدمات, خاصة أن تعداد الصحفيين محدود جدا بالنسبة لغيرهم. وحتي تستطيع النقابة ممارسة دورها في تطبيق ميثاق الشرف الصحفي علي من يتجاوز في واجباته وعلي اعتبار أن أي واجبات تطلب لابد أن تقابلها حقوق تدفع. رابعا: أن يتم تحويل البدل إلي جزء من الراتب الأساسي وأن يكون من خلال الباب الأول والذي يضم الأجور في موازنة الدولة وأن يصرف للصحف القومية من خلال تلك المؤسسات, والحزبية والخاصة عبر النقابة وهذا حق لمهنة تمثل سلطة من السلطات الأربع بالدولة. ولكون مهنة الصحافة تقوم بدور تنويري وتمثل مرآة للرأي العام ومن دونها لم يكن هناك كشف للحقائق عن تصرفات النظام السابق. خامسا: أن يقر قانون التمغة الصحفية بفرض طابع النقابة علي كل الدورة المستندية ما بين المؤسسات الصحفية وكل قطاعات الدولة ومؤسساتها من خاصة أو عامة أو أفراد, وأن يكون للنقابة حق الضبطية القضائية لمراقبة ذلك.