أخشي أن يأتي علينا يوم نفتح فيه صفحة الاعلانات المبوبة فنجد اعلانا يسد عين الشمس يقول: للبيع بأعلي سعر.. دبابة استعمال طبيب..!! أو اعلان آخر يقول: للبيع لدواعي السفر مصفحة بحالة الفابريقة.. جنوط.. جر خلفي.. بالكماليات..!! أو للبيع.. صواريخ مضادة للطائرات بكارتون المصنع تقفيلة بلدها.. تسهيلات في الدفع..!! هذا الكلام بالمناسبة ليس نكتة.. وليس ضربا من الجنون أو الخيال, لكنه وارد الحدوث في ظل فوضي تهريب الاسلحة الثقيلة السائدة الآن, والتي يعلن, علي استحياء, عن ضبط بعضها.. فمنذ شهور ونحن نقرأ أخبارا صغيرة, لاتكاد تستوقف أحدا, عن ضبط قطع أسلحة ثقيلة مع بقالين وحلاقين واصحاب محلات عصير قصب في محافظات قبلي وبحري..! وبالله عليكم لماذا يشتري بقال أو حلاق منظومة صواريخ عابرة للمدن أو مضادة للطائرات بقاعدتها..؟! هل يشتريها للدفاع عن نفسه من الحرامية وقطاع الطرق, أم سيجامل بصاروخين منها في فرح ابن اخته تحت شعار اللي يحب العريس والعروسة مايضربش نار..؟!! إن هذه الظاهرة الغريبة العجيبة والخطير ة علي مجتمعنا المصري, لم يلتفت إليها أي أحد, للأسف, أو بالاحري لم تأخذ حقها الواجب من اهتمام الرأي العام وكبار المسئولين بالدولة, بل تاهت في زحمة الكلام والحديث واللث والعجن في أمور السياسة والاستراتيجيات والتكتيكات والبلح الأمهات, حتي تحول نصف الشعب إلي خبراء استراتيجيين وسياسيين.. والنص التاني بيشاور عقله..!! نعم.. لقد ضاعت هذه القضية الخطيرة التي تتعلق بأخص خصوصيات أمننا القومي في هوجة الجدل البيزنطي حول تشكيلة مجلس حقوق الانسان, والأزمات المستمرة لتأسيسية الدستور, وينظم المليونيات التي ماأنزل بها الله من سلطان. وإذا كانت فكرة الاعلانات المبوبة لبيع الأسلحة الثقيلة قد يفتقد البعض إنها فكرة مطرقعة أو نوع من التهييس أو القلش, بلغة شباب اليومين دول, فإنني مع ذلك علي يقين من أن عمليات بيع الأسلحة تتم علي نطاق واسع, وأن هناك سماسرة ووسطاء وتجار صغار وكبار يتداولون ويعلنون عن هذه الأسلحة, بطرق مختلفة, قد لاتكون ممن بينها الاعلانات المبوبة, لكنها قد لاتختلف عنها كثيرا..! بدليل أن الاسلحة موجودة الآن في كل مكان.. في مختلف المحافظات قبلي وبحري, تنتقل في طول البلاد وعرضها عيني عينك, علي الرغم من ضخامة حجمها.! وبالله عليكم هل يستطيع راكب مثلا أن يخفي قاعدة إطلاق صواريخ في حقيبة يده ويمر بها عبر أجهزة الكشف في المطارات والموانئ..؟! أم هل يستطيع مهرب أسلحة أن يهرب آر. بي.جي مع الفيديوهات والكاسيتات من نقاط الجمارك أن نوعية الأسلحة التي تم ضبطها حتي الآن تؤكد أن هناك مخططا متكاملا لتهريبها عبر الموانئ والمطارات والمنافذ الجمركية, وأن هناك مافيا تقوم بهذه العمليات, ولاأستبعد تورط دول وأجهزة مخابرات معادية لمصر في تنفيذ هذا المخطط الملعون, بهدف إثارة القلاقل في مصر, وتنفيذ المخطط المعروف لتقسيمها, والذي لم يعد سرا بل أصبح معروفا حتي للاطفال في كي.جي.وان..! وليس ماحدث في سيناء ببعيد.. فقد اكتشفنا بعد فوات الأوان أن ماتم ضبطه من اسلحة ثقيلة هو مجرد قمة جبل الجليد, فما حقي كان أعظم, فسيناء أصبحت اكبر مخزن للأسلحة المهربة في مصر, وهي أيضا, وهذا بالمناسبة ليس مجرد صدفة, أصبحت أي سيناء تضم تشكيلة غريبة عجيبة من التنظيمات السرية التي يدير بعضها رعايا بعض الدول المجاورة بأسماء ومسميات ما أنزل الله بها من سلطان.. كل هذا وغيره يؤكد أن ماحدث ويحدث هو مخطط شيطاني متكامل لايريد الخير لمصر ولاشعب مصر, وهو تنفيذ أمين لاجندة اعداء الوطن حتي تظل البلاد أسيرة الفتن والمؤامرات والقلاقل فلا تقوم لها قائمة, ولاتضطلع بدورها الاقليمي التاريخي في المنطقة. إنني أتمني أن نتعامل مع قضية تهريب الأسلحة بالقدر الكافي من الاهتمام الذي تستحقه, لأنها في تقديري أهم وأخطر بكثير من تشكيل مجلس حقوق الانسان, أو من كل الجدل الدائر حول تأسيسية الدستور, فالخطر الداهم والقادم لن يبقي ولايذر.. لا مجلس حقوق الانسان, ولا دستور, ولا دستورية وأخشي أن أقول ولاحتي شعب.. بالتأكيد أنا لا أريد اخافة أحد: لكنني فقط أنبه وأحذر مما يحيق بمصر وشعب مصر من فتن ومؤتمرات ومخططات. وعلي الرغم من أن الظرف لايسمح, كما يقولون, لكنني سأختم بتكلفه قديمة تتعلق بحجم القضية.. فقد قرر أخواننا الصعايدة, بلدياتنا, عمل كمائن لضبط الأسلحة المهربة, فكانوا يضبطون كل من يحمل مسدسا أو بندقية خرطوش أو حتي من يخفي في جيبه رصاصة واحدة.. وفي أحد الكمائن فوجئ أفراده بشخص يقود دبابة ويدخل بها الكمين, فرفع كل الأفراد أسلحتهم ووضعوها في حالة الاستعداد للاطلاق.. وتقدم رئيس الكمين من قائد الدبابة بحذر, وسأله بحزم: معاك أسلحة..؟! فرد عليه قائد الدبابة: لأ..! قال له بهدوء: طيب ياللا.. عدي..!! انتهت النكتة.. بايخه مش كده..؟! نعم, ولكن أرجوكم فكروا فيها وقارنوا. بينها وبين مايحدث من فوضي تهريب الاسلحة التي نشهدها حاليا..!!