إذا جاء الدستور الجديد علي مقاس شخص أو حزب أو جماعة فسوف يكون عنوانا للفشل. وسوف يكون الدستور عنوانا للفشل بنفس القدر إذا جاءت أي مادة فيه علي مقاس شخص أو حزب أو جماعة. ففي شأن حساس ككتابة الدستور الجزء له خطورة الكل. ولذلك أثار دهشتي ما قرأته عن إصرار بعض أعضاء الجمعية التأسيسية علي أن ينص الدستور الجديد علي أن رئيس الجمهورية يعين المحافظين وألا يأتوا بالانتخاب. ويبدو أن من يدافعون عن تعيين المحافظين تحركهم مصالح حزبية. فالمحافظون المعينون بقرارات الرئيس يخدمون مصالحه السياسية, وكذلك المصالح السياسية ومنها المصالح الانتخابية- لحزبه. والقائلون بتعيين المحافظين يقولون إن الحكم في مصر هو مركزي ويجب أن يبقي مركزيا ليضمن وحدة تراب الدولة. وهذه الحجة ليست قوية, لأن الميول الانفصالية ليس دافعها أن المحافظ منتخب. إننا نريد أن نستمتع بالانتخاب الحر إلي آخر المدي. فهو سلاح الشعب لحماية مصالحه وتعزيزها. وإذا كنا ننتخب رئيس الجمهورية بعد أن توافرت شروط الانتخابات النزيهة فكيف يظهر من يريدون أن يحرمونا من انتخاب المحافظ؟ وليست هناك مشكلة في أن ينتمي محافظ أسيوط لحزب وأن ينتمي محافظ دمياط لحزب آخر ما دام كل منهما جاء بالاقتراع النزيه. والأحزاب تتعاون رغم التنافس بينها. عند هذا الحد أتوقف عن مناقشة الشروخ التي تهدد الدستور الجديد. لكن يمكن أن أعود إذا لم يأخذ من يكتبون الدستور في الحسبان أن مصر تغيرت, وأن هذا التغيير يجب أن نجني ثماره جميعا.