هو أحد قيادات حزب الوسط «تحت التأسيس» وواحد من مؤسسي الجمعية الوطنية للتغيير وأحد المحامين المتميزين في مجال الدفاع عن الحريات العامة وصاحب رؤية ناضجة وواضحة في تحليل التطورات السياسية الأخيرة في مصر لذلك التقت «الدستور» بعصام سلطان في مكتبه واستقبلنا بحفاوته المعهودة، ودار حوار جاد حول المشهد السياسي المصري بأكمله بداية من الدكتور البرادعي مرورًا بجماعة الإخوان المسلمين والأحزاب السياسية والنقابات المهنية وغيرها: المشهد السياسي الآن.. حراك سياسي شارك في صنعه مع الدكتور البرادعي بدرجة كبيرة أحزاب سياسية تحاول القول إنها موجودة وحوار بينها وبين الإخوان المسلمين ودولة ترفض أي إصلاحات والشارع صامت أو متردد كالعادة كيف تحلل هذا المشهد؟ - أريد أن أبدأ من الشارع فأنا أري أن الشارع ليس صامتا، لكنه متحرك في حلقة من حلقات التغيير المتواصلة والتي بدأت عام 2005 علي يد حركة كفاية وأري أن كفاية قد أدت ما عليها و«كفاية» ثم سلمت لحلقة أخري هي القضاة وقد أدوا ما عليهم و«كفاية» ثم سلموا الحلقة إلي الضرائب العقارية وينطبق عليهم نفس الأمر واستمرت الحلقات من عمال غزل المحلة إلي العديد من المصانع في المحافظات حتي وصلنا إلي موظفي الدولة انفسهم مثل موظفي الشهر العقاري ومركز المعلومات وغيرهم، وبالتالي فإن الذين يقولون إن الشارع صامت قولهم غير صحيح ولكن الشارع يتحرك ببطء قد لا تبدو للناظرين هذه الحركة، ولأن طموح الناس أكبر من ذلك قد تبدو الحركة ضعيفة ولكن في تقديري لم يحدث في تاريخ مصر حركة من الناس مثل التي حدثت في الفترة من 2005 إلي 2010. وماذا عن الدكتور البرادعي في المشهد السياسي؟ - الدكتور البرادعي « تكييفه النهائي في وجهة نظري أنه قوة دافعة لحركة التغيير في الشارع المصري، فالرجل ليس مناضلاً سياسيًا وليس زعيمًا صاحب الكاريزما التي يعرفها الزعماء ولكنه جاء في وقت يحتاج فيه الشارع إلي رمز وهو بالفعل رمز من عدة نواح أولاً هو لم يتلوث بفساد النظام فقد كان خلال الثلاثين عاما الأخيرة خارج إطار النظام الحالي، ثانيًا أنه شخص مثقف يطرح نفسه للحكم في مصر رغم أن الحكم في مصر كان دائمًا في خصام مع المثقفين، ثالثًا هو رجل قانون وحاصل علي دكتوراه في القانون ويتعامل خلال حياته كلها بالقانون. أنت واحد من ثلاثين شخصية أسست الجمعية الوطنية للتغيير فكيف تري قدرتها الآن علي الحركة والتواصل مع الناس؟ - بداية لابد من القول بأنه لم يكن هناك أي ترتيبات أو إعداد لمولد الجمعية الوطنية للتغيير، فقد كان مجرد لقاء حضرته ممثلاً لحزب الوسط نيابة عن المهندس أبوالعلا ماضي وبعد حوار استمر 3 ساعات كان هناك مقترح تبناه الدكتور علاء الأسواني وهو رجل محترم ومعروف بمواقفه النزيهة وهو أننا لابد أن نخرج من هذا اللقاء باتفاق ما أو صيغة ما لأن الرأي العام ينتظر فكان اقتراح اسم الجمعية الوطنية وأنا الذي اخترته، ولأن كل شيء في ميلاده لا يكون محدد المعالم فقد كان ميلاد الجمعية غير محدد المعالم، لكن المهم في الجمعية الوطنية للتغيير أنها لبت نداء الكثير من المصريين «الموجوعين» لا سيما في أوساط النخب والمثقفين والمتميزين وحتي المصريين المقيمين في الخارج، فبمجرد إعلان الجمعية انهالت علينا آلاف الرسائل والاتصالات من أشخاص يريدون الانضمام للجمعية والمشاركة الإيجابية وتأييد المطالب التي قامت عليها الجمعية فيما يتعلق بالدستور والانتخابات حالة الطوارئ وغيرها من المطالب، والآن مر علي ميلاد الجمعية شهران فقط والنشاطات والخطوات التي اتخذتها في هذه الفترة القصيرة تبشر بأن الجمعية سيكون لها دور كبير في التغيير في مصر ودعني أقول إن أهم ملامح الجمعية أنها لا تقوم علي أحزاب سياسية ولكنها تقوم علي شخصيات لها مصداقية وأنها تقوم علي ذوي الأهلية وليس ذوي التاريخ السياسي بمعني أن الأسماء الموجودة بالجمعية ستجدها ذات أهلية وناجحة في مجالها وذات مصداقية عند الناس والأمثلة كثيرة مثل الدكتور محمد غنيم والدكتور عبد الجليل مصطفي والدكتور علاء الأسواني والإعلامي الكبير حمدي قنديل والدكتور حسن نافعة أي أن أهم سمات الجمعية أنها ليست قائمة علي الأحزاب التقليدية والصور النمطية التي كانت موجودة في الحياة العامة دائما وإنما شخصيات جديدة تتميز بالأهلية والكفاية. ولكن في ظني أن التحدي القادم أمام الجمعية هو السؤال «هل ستستطيع أن تقود التغيير من خلال عمل مؤسسي أم أنها ستتمحور حول شخصية الدكتور البرادعي» والجواب يقع علي الاثنين: أشخاص الجمعية والدكتور البرادعي علي السواء. وظني أن العمل المؤسسي حتي هذه اللحظة يسير بدرجة «مقبول» وهو في ظني تقدير ضعيف. فحركة التغيير المصرية القادمة يجب أن تكون خلال الفترة القادمة مؤسسية بنسبة مائة في المائة. وأريد القول بأنه بدأت الجمعية في طرح أسماء جديدة خلال هذه الفترة وأنا كنت أحد الذين طرحوها في السابق مثل المستشار هشام البسطاويسي وهذا شيء جيد جدا لأنه يثبت أن الأصل هو العمل المؤسسي، فالذي يقود عملية التغيير لا يجب أن يكون شخصًا بعينه، بل من الأفضل أن يكون هناك أكثر من شخص. المطروح هو دخول المستشار هشام البسطاويسي للجمعية أم ماذا بالضبط؟ - هناك الكثير من أعضاء الجمعية والمعارضين المصريين يفكرون جديًا في الذهاب إليه في الكويت وعرض الأمر عليه بأن يقدم استقالته لوزارة العدل وأن يعود ليعمل من خلال جمعية التغيير ويطرح اسمه كمرشح لرئاسة الجمهورية مستقبلاً، وهذا أمر عظيم وأنا أؤيده بشدة وأؤيد دخول شخص ثالث ورابع. أعطنا عددًا من الأسماء؟ - حتي هذه اللحظة الدكتور البرادعي والمستشار هشام البسطاويسي فقط، ولكن هذا نجاح لجمعية التغيير، وهي أن تحول العمل الفردي في الحياة السياسية المصرية إلي عمل جماعي ومؤسسي ولو استطاعت أن تفعل جمعية التغيير هذا الأمر فقط يكون شيئًا طيبًا جدًا مثلما فعلت كفاية من قبل عندما كسرت حاجز الخوف وتحدثت عن الرئيس وابنه، وبعد ذلك نستطيع القول بأنها أدت ما عليها سواء استمرت أم لا. نريد أن نسلط الضوء علي صورتين في المشهد السياسي خلال الفترة الأخيرة هما الجماهير التي التقت الدكتور البرادعي في المنصورة وزيارته للكنيسة في عيد القيامة.. كيف تراهما؟ - أولا الجماهير التي خرجت للقاء البرادعي في المنصورة كانت تلبي نداء الفطرة وهي الجماهير التي ضاقت ذرعًا بكل ما حولها من أوضاع فاسدة ومحبطة بدرجة لم تعد تحتمل المزيد، أنا كنت في المنصورة وأؤكد أنه لم يكن هناك أي إعداد مسبق لهذه الزيارة وقد رأيت النساء في الشارع وفي البلكونات ورأينا امرأة كبيرة ذهبت لتقبيل يد الدكتور البرادعي فإذا به هو الذي يقبل يدها وهو مشهد أثر في نفسي كثيرا وأعتقد أن المشهد سيتكرر في باقي محافظات مصر أن تكررت الزيارات وربما يكون المشهد أكبر. أما عن رد فعل الكنيسة في وجهة نظري علي زيارة البرادعي فكان «عين في الجنة وعين في النار» فقد كانت عين الكنيسة علي البرادعي فربما تأتي الأيام بهذا الرجل أما العين الأخري فكانت الكنيسة منها تريد عدم إغضاب مؤسسة الرئاسة فهذه المؤسسة الضعيفة استطاعت منذ سنوات وبحسب تعبير المستشار طارق البشري أن تتنازل عن جزء من ضعفها لصالح الكنيسة حتي إنها تنازلت عن أهم ما يميز السلطة وهو سيادتها وسيادة القانون. هل يمكن أن تتغير طبيعة تعامل الدولة خلال الفترة المقبلة مع الدكتور البرادعي أو مع أنصاره باتجاه العنف والقمع؟ - أظن أن الدولة الآن في حالة انتظار وأعتقد أن حالة الانتظار هذه سوف تطول بالنسبة لحالة الجمعية الوطنية وحالة الدكتور البرادعي فأخطر ما في الموضوع أنه لم تمر علي أجهزة الأمن في السابق حالة مثل حالة الدكتور البرادعي فقد كانت الأجهزة الأمنية تتعامل طوال الوقت مع معارضين عاديين ينتمون لأحزاب أو قوي سياسية غير حزبية مثل الإخوان المسلمين وغيرهم ولذلك كان التعامل معروفًا وسقفه واضحًا ولكن لأول مرة يدخل شخص مثل الدكتور البرادعي «يلخبط الخطوط» ويحدث عملية ارتباك كبري بداخل الأجهزة وقد بدأت حالة الارتباك في الدولة بالأجهزة الإعلامية والتي بدأت حملة سب وقذف للدكتور البرادعي ثم تراجعت فيما يشبه الاعتذار ويبدو أن حالة الارتباك التي سادت الإعلام كانت درسا للأجهزة الأمنية لذلك فالأمن في حالة ترقب هناك سبب ثالث في الموضوع وهو تدهور الحالة الصحية للرئيس مبارك وحدوث عملية «شفط» لجمال مبارك فقد مر أكثر من شهر حتي الآن ولا يوجد له حضور وقد سببت «حالة الشفط» هذه حالة ارتباك جديدة عند قيادات النظام بل ظهر هذا في أول اجتماع لأمانة السياسات والذي لم يتكرر حتي الآن وغاب عنه جمال مبارك وهذا نموذج مصغر لما يحدث داخل أروقة الحكم. نرجع إلي الحياة السياسية وموقف الإخوان المسلمين التي تبدو خلال الفترة الماضية كما لو كانت مترددة ومتناقضة أحيانا فيما يتعلق برؤيتهم للدكتور البرادعي وحوارهم مع الأحزاب السياسية وغيرها كيف تقرأ مواقفهم الأخيرة؟ - أولا أري أن الإخوان المسلمين الآن في فترة نقاهة يجب أن يقضوها كاملة وإلا فإن المرض سوف ينتكس مرة أخري ففترة النقاهة هذه هي ما حدث خلال الفترة الماضية من خلافات ونزاعات حول عضوية مكتب الإرشاد وانتخاب المرشد وإقصاء بعض الشخصيات بالمخالفة للقواعد واللوائح الخاصة بالجماعة فقد أحدث هذا الأمر شرخا كبيرا بداخل قواعد الإخوان خاصة مع تصريحات المرشد السابق مهدي عاكف الذي قال إنه كان هناك اتفاق مع الأمن في حين أن كل قيادات الجماعة كانت تنفي هذا الأمر وهو ما استلزم خروج بعض التفسيرات المتناقضة من قيادات الجماعة في محاولة لتفسير تصريحات عاكف نفسه وآخرها كان تصريح الدكتور بشر عندكم في «الدستور» الأمر الآخر أن عدم احترام لوائح الجماعة أعطي انطباعا لدي قواعد الإخوان والرأي العام أن الحديث عن سيادة القانون ليس أكثر من مناورة كل هذه أمراض لحقت بالجماعة عليهم أن يتخذوا فترة من النقاهة كي يتعافوا منها ثانيا وهذا هو الأهم أن مشكلة الجماعة ليست في حركتها ولكن في رأسها بمعني أن المشكلة في ترتيت الأولويات داخل الرأس فالمستقر في رأس جماعة الإخوان أن الجماعة أولا ثم الأمة لذلك أنت تستمع إلي تعبيرات مثل ثوابت الجماعة وأهم هذه الثوابت هي «الاسم والشعار والتنظيم» في حين أن الثوابت يجب أن تكون ثوابت الأمة وليس ثوابت الجماعة أما أن تكون هذه هي ثوابت الجماعة التي هي بعيدة عن ثوابت الأمة فإن المشكلة في رأسي وحين تترجم هذه المشكلات التي في الرأس إلي حركة يظهر هذا التناقض الذي تتحدث عنه باختصار ثوابتنا يجب أن تأتي بعد ثوابت الوطن والأمة ثم بعد ذلك التنظيمات والكيانات. و إذا كنت جماعة تدعو إلي الدين الإسلامي فعليك أن تكون ثوابتك هي ثوابت الدين وثوابت الدين منصوص عليها وهي ما يعرف بمقاصد الشريعة. كيف تقرأ مواقف وحركة الأحزاب الرسمية خلال الفترة الأخيرة خاصة بعد المؤتمر التي دعت فيه إلي تعديلات دستورية؟ - حركة الأحزاب تقترب من الإخوان الكل خاف أن يتجاوزه التاريخ بعد ظهور الدكتور البرادعي وخروج الجمعية الوطنية للتغيير الكل خاف أن ينساه الناس وحاول القول نحن هنا وإلا ما تفسير الدعوة للمؤتمر الآن بعد ظهور البرادعي والجمعية أيضا حوار الإخوان والأحزاب لماذا ظهر الآن فتوقيته مشبوه وأين كان خلال الفترة الماضية وبالذات حوار الإخوان مع الحزب الناصري فقد كان من الحرام بل من الكفر أن يقترب الإخوان من الناصريين بل هذه منطقة محظور الاقتراب منها أو مناقشتها اللافت أن هذه الزيارة تمت والحزب الناصري في حالة من الضعف الشديد بما ينفي أن يكون وراء الزيارة كسب سياسي، فكل هذه الحركة للإخوان والأحزاب في رأيي ناتجة عن فعل الخوف من أن يتجاوز التاريخ هذه الهياكل الموجودة الآن. السيناريوهات المطروحة في مصر خلال الفترة القادمة حسب كل التحليلات أما تعديلات دستورية أو تعيين نائب لرئيس الجمهورية أو انتخابات مبكرة هل تري أن هناك سيناريوهات أخري؟ - لا أريد أن أستبعد التدخل الخارجي فالإصرار علي بقاء الوضع علي ما هو عليه دون سيناريو محدد هذا في حد ذاته يظهر أن هناك تدخلا خارجيا في الموضوع لأن هذا باختصار هو الوضع المثالي للفوضي فالوضع المثالي للفوضي هو ألا يعلم أي طرف ما له وما عليه وألا يتصور أي طرف ما للآخر من حقوق والتزامات والجميع لا يعلم أي سيناريوهات ولا يوجد أي تصور بحكم الدستور أو القانون يقول ما العمل لذلك لا أستطيع أن أستبعد أن الأطراف الخارجية - أمريكا وإسرائيل - تحاول الحفاظ علي هذا الوضع حتي تحدث فوضي وحدوث هذا يخدم بالأساس إسرائيل وأنا في حالة رعب من هذا الوضع. هل وجود النقابات المهنية تحت السيطرة سيؤثر في تيار التغيير وحركته؟ - عندما تمت السيطرة وحصار الأحزاب وانتهي الوضع إلي سيطرة الحزب الوطني علي النقابات بالرشاوي وتزوير الانتخابات وغيره ولدت أجيال عبر الفيس وفي الشارع لم يكن يتصور أحد أنها ستخرج نحن الآن نري أسماء من الشباب لم تكن معروفة من قبل ولكنها تؤدي أداء عظيما وراقيا حملة دعم البرادعي ومجموعة 6 أبريل وغيرها كل هذه مجموعات علي درجة عالية من الوعي والثقافة والأداء مع إنها لم تتربي في حزب سياسي ولا في نقابة مهنية وبالتالي فإن الثابت أن المجتمع المصري لا يموت أبدا.