بدأت بصمات الرئيس د. محمد مرسي تظهر في عدة مجالات من الحياة العامة في مصر, فمن جولاته الخارجية الناجحة وبداية استعادة الدور الاقليمي والدولي لمصر واستعادة الأمن والنظافة وإعادة تنظيم المؤسسة العسكرية. ثم تنظيم مؤسسة الرئاسة وترسيخ مبدأ الادارة الجماعية القائمة علي تقسيم العمل والتخصص, وقد صدر الأسبوع الماضي تشكيل فريق الرئاسة من4 مساعدين لرئيس الجمهورية, و17 مستشارا, وقد أعلن عن دور كل مساعد وتحديد ملف لكل منهم في أربعة مجالات هي: الشئون السياسية والتحول الديمقراطي والتواصل المجتمعي والعلاقات الدولية والتعاون الدولي, ولكن لم يتم الافصاح عن دور ومسئولية كل مستشار, ورغم أهمية الملفات الاربعة التي تم تحديدها لعمل مساعدي الرئيس, فقد لفت انتباهي إغفال بعد هام في التنمية الشاملة وتوظيف قدرات الموارد البشرية المصرية, أي لم نجد مساعدا أو مستشارا معنيا بقضية الموارد البشرية المصرية, رغم أنها قضية محورية في النهضة المنشودة, وكذلك فإن إهمالها كان أحد عوامل ضعف اداء المجتمع المصري وتراجعه في كل الميادين وبالتالي اعتبار ذلك التراجع من اسباب قيام ثورة25 يناير. ويمكننا القول استنادا إلي أدلة وشواهد موضوعية أن من أكبر خطايا النظام السابق معاملة الناس في مصر علي أنهم أزمة وليسوا ثروة والتركيز علي خفض الزيادة الإنجابية وليس تعظيم الزيادة الإنتاجية وتبني مفاهيم وممارسات تنظر للموارد البشرية وتعاملها علي أنها أزمة وليس من منظور أنهم ثروة, والفشل في استثمار الطاقة الإبداعية والإنتاجية للمصريين وتحويلهم إلي منتجين وليسوا مستهلكين كما حدث في الصين التي حولت حتي المساجين إلي منتجين. وفيما يلي بعض المؤشرات عن مصر وناسها طبقا لتقارير رسمية وتقارير الأممالمتحدة: عدد السكان83 مليون نسمة حجم القوي العاملة27 م وينضم لسوق العمل سنويا حوالي نصف مليون الناتج القومي الإجمالي500 مليار دولار ونصيب الفرد من الدخل القومي حوالي6000 متوسط إنتاجية العامل سنويا4800 20% من السكان تحت خط الفقر وحوالي نصف السكان يقل دخلهم عن دولارين يوميا ل نسبة البطالة حوالي14% وترتفع إلي ما يزيد علي30% بين خريجي الجامعات و90% من العاطلين تقل أعمارهم عن30 سنة, فجوة الميزان التجاري تبلغ حوالي10 مليارات الانفاق علي الصحة2,5% والتعليم3% من الناتج المحلي الإجمالي وهذه البيانات الصادمة تعكس جرم النظام السابق تجاه أغلي مورد لدينا وهم المصريون الذين لديهم ذكاء فطري وجيني في هذه السلالة مقارنة بشعوب كثيرة بدليل نجاح أو تفوق المصري خارج مصر عندما يوضع في منظومة اجتماعية وبيئة عمل مواتية تفجر طاقاته وتحرر أفعاله وتوظف إبداعاته وهذه المؤشرات تفسر لنا أسباب المشكلة وتتلخص في تبني وتنفيذ سياسات غير فعالة وأحيانا مشبوهة في مجالات التعليم والتدريب والتوظيف والأجور وتخصيص الموارد وغياب الشفافية والمساءلة والاعتقاد بأن زيادة السكان هي السبب وتسييس التعليم والأجور وآليات وسوق العمل مع قصور واضح في الأطر السياسية والاقتصادية, وهذه أسباب علي المستوي الكلي, ولكن هناك أسبابا تتعلق بالمؤسسات أهمها: الادارة التقليدية للعاملين, عدم الاهتمام بتخطيط القوي العاملة, تخلف الممارسات التدريبية, غياب المعايير الموضوعية لاختيار العاملين, غياب مبدأ الثواب والعقاب, قصور نظم تقويم الأداء التخصص وتفتيت الأعمال, وضعف مخصصات التدريب والتنمية. ونقترح لتحويل الموارد البشرية المصرية من أزمة إلي ثروة تعيين مستشار أو مساعد لرئيس الجمهورية يكون مسئولا عن ملف الادارة الاستراتيجية للموارد البشرية المصرية وذلك بالتنسيق مع الوزارات والأجهزة المعنية بالموارد البشرية ووضع استراتيجية قومية لمدة10 سنوات بحيث تتم في الخمسية الأولي معالجة التشوهات في التعليم والصحة والتوظيف وسوق العمل والتدريب والتنمية ومحاربة الفساد وتهيئة مناخ عام إيجابي مريح للمواطنين بحيث يتم التخلص من العجز التجاري والاكتفاء الذاتي من القمح وتلبية الحاجات الأساسية للمواطنين, وتبدأ الخمسية الثانية بتبني منهجية الزيادة الإنتاجية بدلا من الزيادة الإنجابية, مع البناء علي المكاسب التي تحققت في الخمسية الأولي وبالتالي دخول مصر في حقبة الرفاهية والحرية واحترام الانسان والتعامل مع الناس كبشر أولا ثم كموارد ثانيا. أستاذ إدارة الموارد البشرية جامعة حلوان