لعل أخطر مشكلة من مشاكل الإدارة في مصر وتمثل تحديا للدولة المصرية ما يتعلق بالمفاهيم والممارسات الخاصة بتوظيف القدرات البشرية, ويمكننا القول استنادا إلي أدلة وشواهد موضوعية. أن من أكبر خطايا النظام السابق معاملة الناس في مصر علي أنهم أزمة وليسوا ثروة والتركيز علي تدني الزيادة الإنجابية وليس تعظيم الزيادة الإنتاجية, ونحدد المشكلة في أن المفاهيم والممارسات الفعلية تنظر للموارد البشرية وتعاملها علي أنها أزمة وليس من منظور أنهم ثروة, والفشل في استثمار الطاقة الإبداعية والإنتاجية للمصريين وتحويلهم إلي منتجين وليسوا مستهلكين كما حدث في الصين التي حولت حتي المساجين إلي منتجين, وفيما يلي بعض المؤشرات عن مصر وناسها طبقا لتقارير رسمية وتقارير الأممالمتحدة(2010): عدد السكان80,2- حجم القوي العاملة26,1 م وينضم لسوق العمل سنويا حوالي نصف مليون الناتج القومي الإجمالي500 مليار دولار ونصيب الفرد من الدخل القومي حوالي6000 متوسط إنتاجية العامل سنويا4800 20% من السكان تحت خط الفقر وحوالي نصف السكان يقل دخلهم عن دولارين يوميا أغني20% من السكان يحصلون علي44% من الدخل, بينما أفقر20% يحصلون علي8% من الدخل نسبة البطالة حوالي14% وترتفع إلي مايزيد علي30% بين خريجي الجامعات و90% من العاطلين تقل أعمارهم عن30 سنة, فجوة الميزان التجاري تبلغ حوالي10 مليارات الإنفاق علي الصحة2,5% والتعليم3% من الناتج المحلي الإجمالي ترتيب مصر104 علي مؤشر التنمية البشرية(620) من بين159 دولة ترتيب مصر81 علي مؤشر التنافسية من بين133 دولة مؤشر الفساد(3,3) مصر ترتيبها98 من بين178 دولة حسب مؤشر إدراك الفسادCPL وأخيرا مصر من بين الدول الأكثر انتاجا للغذاء غير الآمن(115 من146). لا تنزعج يا عزيزي القارئ من هذه البيانات الصادمة فهي تعكس جرم النظام السابق تجاه أغلي مورد لدينا وهم المصريون الذين لديهم ذكاء فطري وجيني في هذه السلالة مقارنة بشعوب كثيرة بدليل نجاح أو تفوق المصري خارج مصر عندما يوضع في منظومة اجتماعية وبيئة عمل مواتية تفجر طاقاته وتحرر أفعاله وتوظف ابداعاته وهذه المؤشرات تفسر لنا أسباب المشكلة وتتلخص في تبني وتنفيذ سياسات غير فعالة وأحيانا مشبوهة في مجالات التعليم والتدريب والتوظيف والأجور وتخصيص الموارد وغياب الشفافية والمساءلة والاعتقاد بان زيادة السكان هي السبب وتسييس التعليم والأجور وآليات سوق العمل مع قصور واضح في الأطر السياسية والأقتصادية, وهذه أسباب علي المستوي الكلي, ولكن هناك أسبابا تتعلق بالمؤسسات أهمها: الادارة التقليدية للعاملين, عدم الاهتمام بتخطيط القوي العاملة, تخلف الممارسات التدريبية, غياب المعايير الموضوعية لاختيارالعاملين, غياب مبدأ الثواب والعقاب, قصور نظم تقويم الأداء التخصص وتفتيت الأعمال, وضعف مخصصات التدريب والتنمية. ونقترح لتحويل الموارد البشرية المصرية من أزمة إلي ثروة البدء الفوري في وضع استراتيجية قومية لمدة10 سنوات بحيث يتم في الخمسية الأولي معالجة التشوهات في التعليم والصحة والتوظيف وسوق العمل والتدريب والتنمية ومحاربة الفساد وتهيئة مناخ عام إيجابي مريح للمواطنين بحيث يتم التخلص من العجز التجاري والاكتفاء الذاتي من القمح وتلبية الحاجات الأساسية للمواطن, وتبدأ الخمسية الثانية بتبني منهجية الزيادة الإنتاجية بدلا من الزيادة الإنجابية, مع البناء علي المكاسب التي تحققت في الخمسية الأولي وبالتالي دخول مصر في حقبة الرفاهية والحرية واحترام الانسان والتعامل مع الناس كبشر أولا ثم كموارد ثانيا. أستاذ إدارة الموارد البشرية بجامعة حلوان [email protected]