كل المعلومات امام جهه الإفتاء قبل إتخاذ القرار وليس بعده, وإلا كان هذا نوعا من الخداع الذي لا يجوز لمن كان في موقع المسئولية ان يفعله. قرض صندوق النقد الدولي تتفاوض عليه الحكومة المصرية والبالغ4.8 مليار دولار, يثير الكثير من اللغط بين التيارات الاسلامية ومجموعات من الشباب الوطني والتيارات السياسية, والجدال محتدم بين شرعية القرض من حيث هل هو ربا؟ وأنه سيكبل البلاد مرة أخري بالديون التي تدفع الأجيال القادمة فاتورة تسديدها؟ وهل موارد البلاد الداخلية لا تستطيع الاستغناء عنه, خاصة بما أشتهر من قبل عن وجود عشرات المليارات فيما يسمي الصناديق الخاصة, وكثير من الوعود الأنتخابية التي كانت تبشر بضخ المليارات بعد الانتخابات, وقراءتي للمشهد تتمثل في أن الرئيس محمد مرسي بعد أن اقترب من مركز الحقيقة والمعلومات الدقيقة اكتشف ان الاقتصاد منهار, وأن المعلومات السابقة ليست دقيقة, وأن استعادة الأموال سواء كانت داخلية أو خارجية تستغرق وقتا لا تحتمله البلاد حتي تتحقق, وأنه ليس امامه إلا هذا الأمر الآن عملا بقاعدة الضرورات تبيح المحظورات, وهذا يحل كثيرا من الإشكالية المطروحة الآن والمعارك والتأويلات المختلفة لكن تبقي مجموعة من الحقائق لابد من الإشارة اليها وهي انه علي الرئيس مرسي والحكومة ان يصارحوا الشعب بحقيقة الموقف والأسباب التي تدفعهم لذلك, خاصة انه قرض ربوي بمعني فائدته محددة, ولن يغير البنك قواعد عمله لتتفق مع الشريعة, أو خوفا من النار لعلمه انه يحارب الله ورسوله! ناهيك عن شروطه المجحفة في أغلب الأحيان من رفع الدعم عن سلع الفقراء الاساسية وأهمها رغيف الخبز مما يخلق القلاقل والاضطرابات المجتمعية, وليعلم الرئيس مرسي ورئيس الوزراء هشام قنديل أنهما مطالبان بإرضاء الله عز وجل قبل إرضاء الناس, وألا يخونا الأمانة وأولها الصدق واستنفاد الوسع في البحث عن الموارد الحلال قبل اللجوء إلي الحرام بحجة الضرورة, خاصة أن التيار الإسلامي بمجلس الشعب عارض د. كمال الجنزوري لطلبه قرضا أقل من ذلك بحجة الربا(3.2 مليار) ونحسب مرسي وقنديل علي مخافة من الله تؤهلهما لعدم إغفال ذلك ويجب أن يعلموا ان المكاشفة والمصارحة والصدق هي أساس التفاف الناس حولهما لأن الشعب عموما والشباب خصوصا أصبح في مرحلة من الوعي لا تسمح بالضحك عليه, أو الاستهانة بقدراته وما يستطيع فعله, كذلك علي التيار الإسلامي ألا يتسرع في الأحكام والاجتهادات دون إمتلاك المعلومات الكافية للحكم علي الأمر, ومن نافلة القول أن نشير إلي الفارق بين الحكم الشرعي المطلق بإحكامه الخمسة( الواجب والمندوب والحرام والمكروه والمباح), وبين الفتوي التي هي معرفة الواجب( الحكم الشرعي) في الواقع الذي قد يبيح المحظور لضرورة أو يمنع المباح لمصلحة راجحة أو لوقوع ضرر من فعله كذلك لا يستقيم ان نتفاوض ونطلب القرض ثم بعد ذلك نطلب الفتوي من الأزهر أو غيره, بل يجب ان نضع كل المعلومات امام جهة الافتاء قبل اتخاذ القرار وليس بعده, وإلا كان هذا نوعا من الخداع الذي لا يجوز لمن كان في موقع المسئولية ان يفعله. ومن الواضح ان المسئولية جسيمة والتركة ثقيلة, والهموم متنوعة, والاقتصاد متدهور, والهيكلة لكل الأجهزة الحساسة والمتنفذة واجبة, والوقت يمر والناس تنتظر إنجازات حقيقية علي الأرض, من توفير الامن والخدمات المنهارة, ومعالجة البطالة وخلافه وكل هذا يحتاج إلي الاموال التي تأتي بالعمل والانتاج والبذل والعطاء وهذا نوجهه للدعاة الذين يزهدون الفقراء والمعدمين في الدنيا فيكسلون ويهملون ولا ينتجون ويظنون ان هذا هو الاسلام وأنه يرغب في الفقر! فيندفع الرئيس إلي الصين ليبحث عن الاستثمار والأموال, ويخضع لشروط صندوق النقد من أجل قلة الموارد والإنتاج, ونحن ننعم بفهم مغلوط ومعكوس, ونظن أننا نطبق ديننا الحقيقي حتي ونحن نستلم القروض الربوية ونحارب الله ورسوله! باحث إسلامي [email protected]