أصبحت مصر تتحدث بلغة جديدة تتفق مع قامتها ومكانتها في تسيير دفة الأمور في المنطقة وفي العالم بأسره, وضحت هذه اللغة, وهذا الخطاب المصري المختلف, خلال مشاركة الرئيس محمد مرسي في افتتاح القمة16 لحركة عدم الانحياز. التي أكدت عودة مصر لدورها القوي والفاعل ليس كعضو أساسي ومؤسس لحركة عدم الانحياز فقط, ولكن كشريك فاعل في إدارة وحل قضايا المنطقة العربية. فقد شكل الخطاب عودة مصرية من أوسع الأبواب لقيادة المنطقة, من أجل الحفاظ علي المصالح المصرية والعربية معا, كما أنه أخذ بعين الاعتبار ضرورة التنوع في العلاقات الدولية, وعدم الارتهان لطرف من الأطراف الدولية, كما كان حاصلا في الفترة الماضية أثناء فترة حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك, والذي ورط السياسة الخارجية المصرية والشعب المصري في علاقات محددة أخذت شكل الأحلاف السياسية مع أمريكا وإسرائيل, مما أضعف استقلالية القرار المصري. ويمكن القول إن العودة المصرية للصدارة في هذا الخطاب كانت إنذارا للجميع بما فيها أمريكا وإسرائيل, فقد أكد ان مصر في طريقها للتعافي, وستكون مصر ذات الثقل السياسي صانعة للقرار, وليست منفذة لرغبات هذا الطرف أو ذاك, جاءت كلمات مرسي كبداية لاعلان مصر القوية غير التابعة لأحد, وأن مصر في عهد مرسي تتحدث لغة جديدة وتسطر تاريخا جديدا. كان موقف الرئيس بالنسبة للقضية السورية في غاية الوضوح, والذي جاء صادما للطرف الإيراني وفي عقر داره, وبجرأة سياسية تحسب له أعلن مرسي وبكل وضوح أن النظام السوري فاقد للشرعية, وعليه حزم أمتعته والمغادرة, ووضع حد لمقولة الحوار مع النظام بكلمات محددة وواضحة, ودون أي تلاعب بالمعاني أو المصطلحات السياسية الضبابية, جاء خطاب الرئيس مرسي قويا, وأعطي رسالة واضحة لإيران والقوي المساندة لها, بأنه قد حان الوقت لتلبية المطالب المشروعة التي خرج من أجلها الشعب السوري. وقد أشار رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلي ذلك عندما قال: الرئيس مرسي أول رئيس مسلم عربي مصري يصدم النظام الإيراني في عقر دارهم منذ انتهاء دولة الخلافة العثمانية بهذا الشكل المذهل, ان مصر مارد لن يقف أمامه أحد بعد الآن. وعلي الرغم من أن زيارة الرئيس لطهران جاءت في إطار بروتوكولي للقمة السادسة عشرة لحركة عدم الانحياز, إلا أن حضوره باعتباره أعلي تمثيل مصري في إيران منذ30 عاما من قطع العلاقات بين البلدين أضفي علي الزيارة أبعادا سياسية جديدة ومختلفة. فمشاركة مرسي في قمة عدم الانحياز بالتأكيد تعتبر حدثا مهما ويمكن أن يكون بداية لفصل جديد في العلاقات بين البلدين, اعتمادا علي ظروف البلدين السياسية والثقافية والاقتصادية والمحيط السياسي والأمني والإقليمي ويمكن أن تصنعا علاقات ثنائية جديدة علي أساس الاحترام المتبادل, والتعاون المشترك بين البلدين قد يفضي إلي التقريب بين المذاهب الإسلامية بشكل كبير. ومن البديهي أن التقارب بين مصر وإيران يقلق الغرب أمريكا وإسرائيل الذي يسعي دائما لاستغلال الصراعات والخلافات بين الدول, وزوال الصراعات والتقارب بين مصر وإيران يمثل عائقا أمام تنفيذ مخططاته, لذالك تزداد محاولاته لمنع التقارب بين البلدين في المرحلة الحالية. ومن نتائج مشاركته في قمة طهران أن الرئيس مرسي تحرر من أي تبعية أو قلق.. لقد هاجم أمريكا بدعمه لكوبا وهاجم الصين وروسيا وإيران بدعمه للشعب السوري وهاجم إسرائيل ووصفها بالاحتلال صراحة ودعم الحق الفلسطيني وهاجمها لعدم توقيعها اتفاقية عدم انتشار الاسلحة النووية, وهاجم مجلس الأمن وطالب بإعادة تشكيله وتمثيل افريقيا فيه. خطاب مرسي يؤكد انه يحكم الآن دولة عظمي لن تترك أي امر يمر أمامها دون سكوت ولن يكون ولاؤها لأحد بل بالعكس سيكون لها هي ولاء دول كثيرة تحتاج أن تحتمي بها.كما أكد الخطاب جماعية الثورة المصرية ومشاركة جميع الأطياف السياسية فيها, وأعطي لكل ذي حق حقه, ولم يغفل أدوار من مهدوا لثورة25 يناير, كما أكد مدنية الدولة مما أزال مخاوف البعض من تحويل مصر إلي دولة دينية لقد نجحت بفضل الله الثورة المصرية في تحقيق أهدافها السياسية في انتقال السلطة الآن إلي سلطة مدنية حقيقية تم انتخابها بإرادة المصريين وحدهم, الآن مصر دولة مدنية بكل معني الكلمة, الآن مصر هي الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة التي يتولي أبناؤها دفة أمورهم كاملة.وأكد مرسي خلال خطابه أنه ملم بجميع قضايا الوطن العربي الملحة, و موقف الشعب المصري منها خاصة القضية الفلسطينية, حيث قال: نحن مطالبون باستمرار الوقوف بجانب الشعب الفلسطيني وتوفير الدعم السياسي اللازم لتحقيق الاعتراف بفلسطين كدولة كاملة العضوية ويجب تسليط الضوء علي ما يعانيه الشعب الفلسطيني وخاصة سجناءه.