منذ 60 عاما أسسه السويسري بارون البيتزا والفطائر ملك الشيكولاتة "جياكومو جروبي" بمساعدة ابنه اكيللي كمقهى صغير قريب من ميدان التحرير، وخلال سنوات الحروب والثورات التي سطرت تاريخ مصر توسع المقهى وازداد إلي ثلاثة أفرع بالمحروسة، وظل خلال مراحله المختلفة عصي علي التغيير كرمز للاستمرارية والاستقرار خلال الفترة الانتقالية بأحداثها الصعبة في بداية القرن العشرين، كان جروبي بوسائل مختلفة ومتعددة رمزا لمصر نفسها فكان قاسما عالميا ومقرا دائما للمناقشات الساخنة والملتهبة لرواد احدهما أمير أو رجل أعمال أو سفير سابق حول الأفكار الجديدة وخاصة المقبلة من الغرب والتي تصطدم مع تقاليد الشرق الراسخة. وكما يقول ماركو جروبي 31 عاما احد أحفاد ملك الشيكولاتة واحد أفراد الجيل الرابع لأسرة جروبي الذي مازال يعيش ويعمل في القاهرة، إن القاهرة المحروسة كانت في السنوات الأولي لإنشاء المقهى مركزا للعالم وتحركاته، وكان المقهى مركزا للعاصمة المصرية وذكرت مجلسة "النيوزويك" الأمريكية في تحقيق مطول عن المقهى التاريخي الشهير إن جروبي كان يعكس المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي لما يدور فيه من مناقشات وخاصة بالنسبة لإطلاق آفاق الطموحات السياسية من جانب الثوار والسياسيين والعقود التجارية بين الأثرياء ورجال الأعمال أو التفاوض حول إجراءات واتفاقيات الطلاق والانفصال بين كبار وصفوة الأسر المصرية. تميز جروبي بمشروباته المتميزة وبحلوياته المختلفة مثل الشيكولاتة السويدية التي جاء بها مؤسسها أو بأنواع غربية للآيس كريم أو كريم شانتيه وبمخبوزاته الحديثة والجديدة، بديلا عن المقهي التقليدي للمصريين، كان "جروبي" السويدي و"ريش" اليوناني حافزا ودافعا لتغيير المشهد السياسي والاجتماعي وكان ارتياده لأرقى العملاء وأكثر ذوقا، حيث رحب بالنساء والرجال، الشباب والفتيات وتخلص من عقده الهيمنة الذكورية وفتح مجالا نسائيا جديدا في مذكراته كتب احد الضباط الانجليز وهو الكولونيل ديفيد سازرلاند انه كان يدعو الجنود النازيين الألمان لجروبي لتناول الآيس كريم قبل الانقلاب عليهم واستجوابهم تعرض جروبي لأضرار ضخمة خلال اشتباكات الثوار المصريين مع قوات الاحتلال البريطاني. وكما يكشف فرانكو جروبي إن مؤسس المقهى الشهير تراجع عن العودة لسويسرا استجابة لتوسلات العمال الذين تم إحصاء عددهم ب1800 عامل في ذلك الوقت وقام بإعادة إصلاح المقهى الذي التهمته النيران مع محلات وسط البلد خلال حريق القاهرة. وكأي بنك وشركة أجنبية كان جروبي هدفا واضحا لعملية التأميم التي أطلقها جمال عبدالناصر وكما يقول فرانكو جروبي أخر أفراد أسرة جروبي: كان ملف جروبي جاهزا في مكتب عبدالناصر وكان عبدالناصر يردد دائما انه يريد هؤلاء الشباب صانعي وجبات ومشروبات الرؤساء والملوك، فيما تحول المقهى لمكان لمعارضيه بعد ذلك وخاصة من جانب الإسلاميين مثل الإخوان: وقال د. سعيد صادق أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكيةبالقاهرة منذ كان الأجانب يديرون جروبي، كان المواطن يشعر بالأمان عند ارتياده ثم خدم جروبي عبدالناصر خلال الاحتفال بإنشاء السد العالي والذي شارك فيه أكثر من 500 من رؤساء وزعماء الدول العربية. وواصل جروبي تقديم خدماته للحكومات المصرية خلال عصر السادات بعد وفاة الراحل عبدالناصر عام 1970 حيث زاره زعماء كبار مثل الرئيس الأمريكي الأسبق نيكسون ومحمد رضا بهلوي شاه إيران وتناولوا الكافيار.