صب عبد الباري عطوان رئيس رئيس تحرير صحيفة القدس العربي اللندنية جام غضبه علي الرئيس الفلسطيني محمود عباس وقال إنه حول الشعب الفلسطيني إلي شعب متسول, وسجل سابقة تاريخية مخجلة وهي التنسيق الأمني لحماية الاحتلال ومستوطناته. ووصف اتفاقية أوسلو بالخطيئة الأكبر لأبو مازن لأنه كان عرابها ومهندسها. وأشار عطوان في حواره مع الأهرام المسائي إلي أن الرئيس مرسي يملك نيات وطنية طيبة ويواجه اختبارا صعبا, مؤكدا أن هناك قرارا تقف وراءه أمريكا وإسرائيل ودول عربية خليجية بألا ينجح مرسي, وأن تفشل مسيرته في التخلص من التبعية لأمريكا وإسرائيل. عبد الباري عطوان الذي لم يترك نظاما ديكتاتوريا إلا صب عليه سوط قلمه الشرس يحب مصر حبا جما, ويري أنها دولة محورية لا تستطيع الهرب من أقدارها, وقدرها أن تكون قائدة, وهذا الحب لاينضب برغم منعه من دخول مصر والحيلولة بينه وبين وداع والدته عند وفاتها في قطاع غزة وإلي تفاصيل الحوار الذي باح فيه بالكثير. * الربيع العربي أشبه بزلزال قوي ضرب العالم كله, كيف تري توابعه علي القضية الفلسطينية؟ ** لا أحد يستطيع أن يتنبأ بما يمكن أن يتمخض عن الربيع العربي, هناك من يتوقع الدمار والتفتيت وهناك من يري أن الثمار الايجابية ستظهر لاحقا وبعد فترة انتقالية صعبة, أعتقد أن قضية فلسطين ستكون الكاسب في نهاية المطاف. فإذا تحولت المنطقة إلي فوضي فإسرائيل أكثر من سيعاني من هذه الفوضي علي شكل عمليات فدائية, واذا استقرت الأوضاع وترسخت الديمقراطية وحكم الشعب, فإن اسرائيل ستكون الخاسر الأكبر لأن حكم الشعب ضد الهيمنة الغربية والتبعية لأمريكا. * النظم العربية المستبدة أضاعت شعوبها مثلما أضاعت قضية فلسطين, هل أنت متفائل بقضية فلسطين بعد ثورات الربيع العربي؟ ** أكبر خطر علي القضية الفلسطينية كان الأنظمة الديكتاتورية الفاسدة, فهذه الأنظمة عجزت عن التنمية واخراج شعوبها من الفقر والاذلال مثلما عجزت عن تقديم أي شيء لقضية فلسطين طوال الأربعين عاما الماضية, ولذلك أنا متفائل. * ومتي نري الربيع الفلسطيني؟ ** أشعر بالألم لأن ثورات الشعوب تتفجر في كل مكان باستثناء المكان الذي هو بحاجة ماسة إليها( أي فلسطين) فكل الاسباب ناضجة للثورة, سلطة فاسدة واحتلال يتغول استيطانيا, ودعم أمريكي مطلق للاحتلال, والأقصي يتعرض للتهويد, ولا أفهم حالة الخمول الفلسطيني, فلا السلطة تتفاوض, ولا المقاومة تقاوم, ولا الشعب يثور, انها مأساة ولكني أعتقد أن هذا الوضع مؤقت وطاريء. * برأيك ما أبرز خطايا الرئيس أبومازن؟ ** أبرز خطايا أبومازن أنه حول الشعب الفلسطيني إلي شعب متسول, وسجل سابقة تاريخية مخجلة وهي التنسيق الأمني لحماية قوة الاحتلال ومستوطناته, وتحويل السلطة الفلسطينية إلي وكيل للاحتلال أو واجهة له تعفيه من تحمل مسئولية احتلالها للأرض اخلاقيا وقانونيا وماديا, ناهيك عن الخطيئة الأكبر وهي اتفاقات أوسلو التي كان عرابها ومهندسها. * برأيك هل قام الكتاب والشعراء الفلسطينيون بواجبهم تجاه قضيتهم المصيرية أم تري ثمة تخاذلا؟ ** عندما كانت هناك ثورة فلسطينية ومقاومة, كان الشعراء والأدباء الفلسطينيون في قمة عطائهم الفكري والأدبي, وأنجبت المقاومة شعراء عظاما مثل محمود درويش وسميح القاسم والقائمة تطول, لكن بعد أوسلو والمفاوضات مات الشعر الفلسطيني ومات الابداع فالاستسلام لا يمكن أن ينجب إلا الغث من الأدب هذا إن وجد. طبعا بعض الاستثناءات ولكنها محدودة وليست في قائمة شعراء المقاومة. * بعد نشر حقائق عنها, من يقف وراء اغتيال عرفات: الصهاينة أم شخصيات فلسطينية؟ ** من المؤكد ان اسرائيل هي التي اغتالت الرئيس عرفات لأنه رفض الاستسلام وادرك انه تعرض لخديعة اسمها اتفاقيات أوسلو فقرر المقاومة واطلاق الانتفاضة الثانية التي هزت اسرائيل. شارون لم يخف نواياه بتصفية عرفات بعد حصاره في مكتبه, واسرائيل هي التي اغتالت رموز المقاومة وحاولت اغتيال خالد مشعل. ولا استبعد ان يكون مقربون من عرفات هم الذين دسوا له السم وهذا ما يفسر عدم إجراء تحقيق فلسطيني جدي في ظروف وملابسات وفاته. * هل تتوقع نجاح الرئيس مرسي في تلبية أشواق المصريين وإعادة المارد المصري الي مكانته؟ ** الرئيس مرسي يملك نيات وطنية طيبة ويواجه اختبارا صعبا بسبب الصراع علي السلطة مع المجلس العسكري, في ظل توقعات الثوار والمصريين بأن يفي بتعهداته باستعادة الصلاحيات الرئاسية كاملة, وأن يكون مستقلا عن جماعة الاخوان,وان يرفض ان يكون مجرد واجهة بينما تبقي السلطة الحقيقية في ايدي المجلس العسكري. وعلي المستوي الاقليمي مطلوب من الرئيس مرسي مواقف مختلفة عن نظام مبارك بشأن اسرائيل ومعاهدة السلام والعلاقات مع ايران, وملفات اخري كثيرة, ولكن هناك قرارا بألاينجح وأن تفشل مسيرته, وتقف خلف هذا القرار اسرائيل وامريكا ودول عربية خليجية ممنوع ان تنتصر الثورة في مصر وتتخلص من التبعية لامريكا واسرائيل المطلوب في نظر هؤلاء ان تظل مصر تحت الانتداب الأمريكي وألا تستعيد دورها الريادي وقرارها المستقل فهل يعقل ان تجوع مصر بعد تفجير شعبها اهم ثورة في التاريخ الحديث؟ * سبق أن كتبت أن حل كارثة سوريا في يد مصر, الا تري أن هذا إقحام لمصر التي لم تتعاف بعد في قضايا لن تزيدها الا اضطرابا؟ ** سوريا تعيش حربا أهلية طائفية طاحنة تريد تمزيقها مثلما تعيش صراعا علي السلطة, وهي ساحة لحرب اقليمية وعالمية بالوكالة وهذا لايعني ان مطالب الشعب السوري في التغيير الديمقراطي غير مشروعة, انها اكثر من مشروعات لكن هناك قوي غربية تريد ان يصب هذا التغيير في مصلحتها وليس في مصلحة الشعب السوري هناك صراع دولي واقليمي علي سوريا والشعب السوري يدفع ثمن هذا الصراع من دمه مصر هي الدولة المرشحة للعب دور مثمر في سوريا لان التاريخ العربي يقوم في معظمه علي ثلاث دول هي سوريا ومصر والعراق ومصر هي التي هزمت الصلبيين عندما تحالفت مع سوريا صحيح ان مصر تمر بمرحلة انتقالية صعبة, واولوياتها منصبة علي الشأن الداخلي وتحدياته وهي ثقيلة, ولكن الدول المحورية مثل مصر لاتستطيع الهرب من اقدارها, وقدر مصر ان تكون قائدة في المنطقة. * كيف تري أداء تيار الإسلام السياسي, وهل تتوقع نجاحه لاسيما أن كثيرين يتربصون؟ ** تيار الاسلام السياسي وصل الي الحكم لانه الأكثر التصاقا بالشعب, والاكثر رصيدا في مكافحة الفساد والديكتاتوريات, ولهذا كافأه الشعب بانتخابه عبر صناديق اقتراع في انتخابات حرة نزيهة مثلما هو الحال في مصر وتونس, ولكن هذا التيار ظل في المعارضة لاكثر من80 عاما ولا يملك الخبرة في كيفية ادارة الدولة وتحمل مسئولية القيادة بكفاءة الامر الذي أوقعه في اخطاء كثيرة, مضافا الي ذلك تكاتفت قوي عديدة لافشال حكم الاسلاميين بعضها مدعوم من الخارج. يجب ان نعطي هذا التيار وقتا لاثبات نفسه وتقدير ظروفه قبل الحكم عليه وان كنت اعتقد ان المؤامرة ضده كبيرة جدا ولست متفائلا. * أداء الإعلام العربي بعد ثورات الربيع يثير جدلا واسعا, هل كان في مستوي الحدث الجلل؟ ** الاعلام العربي او معظمه, سقط في حفرة الأجندات السياسية وافتقد الكثير من مهنيته وموضوعيته, واصبح إعلاما تحريضيا وهداما في معظم الاحيان, الربيع العربي انجب خريفا اعلاميا, واكبر سقطتين للاعلام العربي كانتا في ليبيا وسوريا السنوات العشر التي سبقت ثورات الربيع العربي عاش الاعلام ازهي فتراته, واقترب كثيرا من قمتي الموضوعية والمهنية, ولكنه فقط في معظمه للأسف وفقد توازنه وانا اشعر بالالم لهذه النهاية البائسة انها انتكاسة اعلامية قد تعيدنا الي المربع الاول, حيث كان الاعلام الرسمي الممل هو السائد, مع فارق اساسي وهو ان معظم الفضائيات العربية الكبري تملك ثروات طائلة وتستطيع ان ترسم الخريطة الاعلامية المسيطرة بكفاءة المال وليس بكفاءة الخبرة والمهنية. * وما التحديات التي تواجه الإعلام العربي كيف تري الفرق بينه وبين الإعلام الغربي؟ ** ابرز تحديات الإعلام العربي تتركز في تراجع المهنية لصالح الانحياز السياسي المطلق وبطريقة منفرة بل ومقززة في بعض الاحيان. مضافا الي ذلك الميل الي السطحية والاثارة الاعلام الغربي اكثر مهنية, واذا كان بعضه منحازا ويخدم اجندات سياسية فانه يتصرف بطرق اكثر دهاء وذكاء وهناك اعلام غربي مخلص لقارئه او مشاهده ويحترم عقله, واذا كانت هناك اجندات فهي للخارج في معطم الاحيان. * الحرية في العالم الإسلامي أزمة مجتمع أم أزمة حكم؟ ** الحرية في العالم الاسلامي ازمة مؤامرة خارجية, مؤامرة من الغرب الاستعماري الذي يغير اقنعته وجلده ولكنه لايغير جوهر اهدافه وطموحاته وهي تتلخص في نفطتين: الأولي الهيمنة علي ثروات العرب والمسلمين والنفطية منها خاصة, والثانية الحفاظ علي اسرائيل قوة مهيمنة ومتفوقة عسكريا علي جيرانها اليس غريبا ان جميع الشعوب حصلت علي الحرية والديمقراطية منذ عقود بينما ظل الشعب العربي مكبلا بالفساد والقمع والديكتاتورية! لان الشعوب الحرة لا تقبل بالهيمنة وسرقة ثرواتها في وضح النهار وفضيحة بيع الغاز المصري لاسرائيل بربع الثمن هي مثال مصغر لبيع النفط والغاز العربيين بأقل من ذلك اليس لافتا ان جميع السلع تضاعفت اسعارها عشرات المرات في السنوات الاربعين الماضية الا اسعار النفط والغاز العربيين اليس لافتا ان برميل النفط الذي يباع للغرب باقل من مائة دولار يصل المستهلك بسعر اكثر من600 دولار بسبب الضرائب المرتفعة؟ الشعب العربي يحتاج إلي سلسلة من الثورات حتي يصل إلي الحرية التي يطمح اليها. * عشت أكثر من ربع قرن في الغرب, فكيف وجدت واقع الأقلية المسلمة وهل هي مهددة أم آمنة؟ ** الاقلية المسلمة في الغرب تعرضت لعمليات إرهاب نفسي بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر والدول الغربية لم تعد ترحب بالمهاجرين المسلمين مثلما كان عليه الحال في السابق والبطالة مرتفعة جدا في صفوف هذه الاقلية, لكن ورغم كل ذلك احوالها افضل من احوال نظرائها في الدول العربية من حيث المعاملة حيث المساواة كاملة مع اقرانهم الغربيين, والاهم من ذلك ان فرص التجنيس متوافرة ومحكومة بالقانون واعتباراته فالجنسية الاجنبية ليست مقدسة مثلما هو حال الدول العربية الفقيرة منها قبل الغنية. *نعلم انك محب كبير لمصر, برأيك من المسئول عن تشويه صورتك, وما الأسباب الحقيقية لمنعك من دخول مصر إلي الآن؟ ** نظام الرئيس حسني مبارك وإعلامه لعب دورا كبيرا في تشويه صورتي ومحاولة اغتيال شخصيتي, ولانني عارضت هذا النظام وديكيتاتوريته وتخليه عن دور مصر ومكانتها وقرارها المستقل أنا من المؤمنين بقيادة مصر للأمة لما تملكه من إمكانات وإرث حضاري, ولذلك أريدها أن تستعيد دورها وتتحول إلي قوة عظمي, وهي مرشحة ومؤهلة لهذا الدور وهذه المكانة, ليس لي مربط عنزة في مصر, ولا أريد منها أي شئ, وأنا مدين لها بتعليمي وثقافتي علي الصعيد الشخصي, وتضحياتها من أجل قضية فلسطين قضية المسلمين جميعا علي الصعيد العام. النظام السابق الفاسد كان يحارب أي انسان يريد الخير لمصر, وينتقد الفساد والقمع, ويعارض اذلال مصر وشعبها الطيب علي أيدي الامريكان والاسرائيليين, وأنا كنت ابرز ضحاياه. النظام السابق منعني من دخول مصر ولم يسمح لي بالسفر إلي قطاع غزة مسقط رأسي للمشاركة في تشييع جثمان والدتي, ولا اعرف ما اذا كان مازلت ممنوعا وعلي القوائم السوداء ام لا اتطلع إلي زيارة مصر والاحتفال مع اهلي فيها بثورتها, وليس لي أي غرض آخر وإذا كانوا لا يريدون دخولي إلي مصر التي تعلمت فيها, ولها الفضل فعلي الاقل ان أزور اهلي الأخرين في قطاع غزة وهذا حق مشروع لكل إنسان من ابناء القطاع المرور فقط فهل هذا بكثير؟!