«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زين العابدين فؤاد‏:‏السادات منعني من النشر في مصر بسبب الفلاحين

ولا ينبئك مثل ثائركيف يصبح العمر لحظة تحلم فيها بطلة شمس تمر لدقيقة فوق قضبان عنبر السجن‏,‏ وتقف طابورا طويلا لتصافح حلم وجهها‏..كيف يصبح قصيدة تمشي في عنبر كي تفر من السجن لتغرد في الميدان.
وتطلق صرختها الحجرية سؤالا‏:‏ مين اللي يقدر ساعة يحبس مصر؟
يكبر السؤال علي إيقاع صوت الشيخ إمام‏,‏ فيصبح السؤال إجابة وشعارا وثورة‏,‏ ويصبح الشاعر ايقونه أو ثورة تمشي علي قدمين‏..‏ يتوكأ علي مئات القصائد المسفوحة كقربان ثوري للوطن‏...‏
زين العابدين فؤاد كتب قصيدة أسبوعية منذ‏1964‏ حتي منتصف نكسة يونيو في جريدة المساء‏,‏ ثم واصل الأمر في جريدة الجمهورية حتي‏1973,‏ قبل أن يصدر قرار سري بمنعه من النشر‏..‏ وعندما أصدر ديوانه الأول وش مصر اختار فقط بضع قصائد للنشر وترك القصائد الأخري وديعة لمن يأتي من بعده ويحسن القراءة وينصت لاختمار صوت الثورة في الطين نشيشا شعريا يتنبأ بما تأخر من منتصف الستينيات حتي انفجر الميدان‏.‏
تلك قصة النشيش الذي اختمرت به قصائد زين العابدين فؤاد لخمسين عاما‏.‏ في الحلقة الاولي توقفنا عند قصيدة التمرد في اواخر الستينيات التي التحم فيها نضال العمال والطلبة وقال لا لعبد الناصر‏.‏ واليوم نفتتح نشيد الانشاد الثوري بقصيدة التمرد ضد السادات في اوائل السبعينيات فإلي الحوار
‏*‏ كيف كانت العودة للجامعة بعد ثورة‏68‏ ؟
‏**‏ بعد أن عدنا إلي الجامعة في نوفمبر من عام‏1968‏ كانت هناك انتخابات اتحاد الطلبة‏,‏ وخضت هذه الانتخابات بقائمة‏,‏ حيث كان لكلية الآداب‏48‏ مقعدا‏,‏ وكانت قائمتي تضم‏74‏ مرشحا وكان لنا برنامج انتخابي‏,‏ وكان هذا أمرا جديدا في الانتخابات الطلابية وبدأنا عملا سياسيا وثقافيا واسعا في الكلية‏.‏ في وقت كانت السياسة فيه حكرا علي تنظيم واحد منذ‏1954‏ كما المحنا من قبل وربما كانت هذه الديمقراطية الطلابية مقاومة شبابية ضد تأميم السياسة
‏*‏ ادخلت الشيخ امام للجامعة في ذلك العام‏.‏ كيف كان ذلك؟
‏**‏ أنا فخور أني أدخلت الشيخ إمام لمدرجات الجامعة للمرة الأولي‏,‏ فقد كان الشيخ يغني في بيوت أصدقائه‏,‏ وقررت تنظيم امسية خاصة للمغني الثوري في الجامعة كنوع من النشاط الفني والثقافي الذي كنا ننظمه كنوع من التقدير لتجربة الشيخ في الغناء الثوري وعندما حضر الشيخ إمام لمدرج كلية الآداب همس في أذني متسائلا‏:‏ هو كم واحد حاضر؟‏.‏ فقلت له‏:‏ أكثر من‏50‏ بشوية بينما كان المدرج مكتظا بخمسة آلاف طالب‏.‏ استمتعوا بأداء الشيخ لاغنيات الاحتجاج الثوري‏.‏
وبعد الانتخابات شكلنا لجنة الوطنية التي لعبت دورا مهما للغاية في الحركة الوطنية حيث نجحت في قيادة طلاب الجامعة في مواجهة النظام الناصري والساداتي واستمر النضال في لجان ثقافية وفنية ولجنة مناصرة القضية الفلسطينية‏,‏ واستمر ذلك منذ‏1968‏ حيث تجددت الثورة الطلابية في نوفمبر من العام نفسه وكان هناك قمع أمني للثورة علي العكس من الثورة الاولي ولك النضال استمر حتي يناير من عام‏1972,‏ وقد نجحنا في أن نفرض علي الأمن الجامعي ان يبتعد عن نشاطنا
وفرضنا عليه عدم التعرض لمجلات الحائط‏,‏ فقالوا لنا إنهم سيقومون بالتوقيع علي قرار الموافقة علي نشرها فقط‏.‏ قلنا لهم‏:‏ فقط عليكم حراستها‏.‏
‏*‏ ما هو الدور الذي لعبته هذه المجلات في النضال الطلابي؟
‏**‏ لعبت مجلات الحائط دورا مهما في التعبير عن الحراك السياسي والثقافي والفني في الجامعة‏,‏ وقد أشار إليها عبد الناصر في أحد خطاباته‏:‏ أنا باقرا مجلات الحائط ومن المفارقات الساخرة التي عشناها بسبب مجلات الحائط أن الشاعر الكبير صلاح عبد الصبور كان مطلوبا للاعتقال في تظاهرات‏1977‏ لأن إحدي مجلات الحائط في إحدي كليات جامعة أسيوط نشرت له قصيدته الشهيرة الناس في بلادي فظن المخبر الذي أرسل التقرير ان صلاح عبد الصبور طالب بالكلية‏..‏
‏*‏ كيف تم القاء القبض عليكم في‏72‏ ؟
في يناير‏1972‏ تم إلقاء القبض علينا في الكلية يوم الرابع والعشرين من يناير عندما وصلت المصفحات إلي الجامعة لإلقاء القبض علينا وكسرت القفل الذي اغلقنا به الباب اثناء اعتصامنا احتجاجا علي سياسة السادات‏,‏ ولما حضر الطلبة إلي الجامعة ولم يجدونا وعرفوا بقصة القبض علينا اندفعوا إلي ميدان التحرير وهناك اشتعلت ثورة الطلاب أيام الرابع والعشرين والخامس والعشرين والسادس والعشرين‏,‏ وشهدت حرب شوارع بين الطلبة الثائرين وأمن النظام‏.‏ وهي الثورة التي خلدها الشاعر الكبير أمل دنقل في رائعته الكعكة الحجرية‏:‏
أيها الواقفون علي حافة المذبحة
أشهروا الأسلحة
سقط الموت‏,‏ وانفرط القلب كالمسبحة
والدم انساب فوق الوشاح
المنازل أضرحة
والزنازن أضرحة
والمدي أضرحة
فارفعوا الأسلحة
واتبعوني
أنا ندم الغد والبارحة
وقد انتقدنا السادات في خطابه الاول الذي ألقاه تعليقا علي أحداث التحرير وقال في الخطاب الثاني إن الجسد الطلابي بخير‏,‏ والمشكلة فقط في قيادات الطلبة‏,‏ وربما يكون السبب في تغيير خطابه حدوث احتجاجات شعبية‏,‏ حيث زارنا في السجن عدد كبير من الفنانين والصحفيين وأصدر اساتذة الجامعة بيانا يطالب بالإفراج عنا‏.‏ ثم أصدر الخمسة الكبار‏:‏ حسين فوزي وتوفيق الحكيم ولويس عوض وفؤاد زكريا ولطفي الخولي بيانا يطالب بالإفراج عنا‏,‏ وقد أرسلوا البيان إلي السادات عبر محمد حسنين هيكل‏..‏ ونجح هذا الضغط الشعبي‏,‏ وتم الافراج عنا مع أن السادات قال‏:‏ هاعصرهم زي البرتقال‏,‏ وعدنا إلي الجامعة‏.‏
وعندما تم الافراج عنا رفضت الذهاب الي الجامعة‏,‏ لان المتبع ان تفرج عنا النيابة فتحول أوراقنا إلي الجامعة لتوقع الجزاءات علينا‏,‏ ولكني رفضت العودة لأني لست محولا للتحقيق ولم اعد الا عندما ابلغتني الجامعةأن المدير رفض التحقيق مع الطلبة المفرج عنهم‏.‏
‏*‏ كيف كان سير التحقيق معكم خلال الاعتقال؟
‏**‏ كانت هناك خطة لاستنزاف قوانا‏,‏ وقد واجهت ثلاثة محققين كل واحد منهم يحقق معي لمدة‏8‏ ساعات‏,‏ بحيث أظل متيقظا‏24‏ ساعة‏,‏ وكان أحدهم يتركني ويذهب للصلاة ويطيل عمدا في ادائها‏,‏ وأظل جالسا بلا طعام أو شراب هكذا لساعات طويلة‏.‏
وأثناء التحقيق ذكر لي المحقق ان لي قصيدة هي مقاطع من الخميس الدامي منشورة في مجلات حائط ب‏46‏ كلية في مصر‏..‏ واتهمني بالتحريض ضد السلطة بهذه القصيدة‏,‏ فقلت له اطلب ضم العدد الاسبوعي لجريدة الجمهورية يوم الخميس‏21‏ فبراير عام‏1964‏ للتحقيق لان هذه القصيدة منشورة به علي صفحة كاملة‏.‏
‏*‏ كيف كان موقف الأساتذة معكم؟
‏**‏ كان هناك أساتذة يشاركوننا الاعتصام ومنهم نادر فرجاني‏,‏ وعبد الحميد غزالي الذي قدم نموذجا فذا في احترام الاختلاف‏,‏ فهو إخواني متدين‏,‏ والمعتصمون من اليسار‏,‏ ولما سأله الأمن‏:‏ كيف تعتصم مع الشيوعيين؟ قال‏:‏ هل هؤلاء شيوعيون؟ إنهم أفضل من في مصر‏,‏ وأنا أؤيدهم لأنهم مثال الوطنية المصرية‏,‏ ورفض أن يتخلي عن الطلبة‏,‏ وعندما تم ترحيلنا إلي السجن تم ترحيل فرجاني والغزالي معنا‏,‏ واكتشف الأمن وجود أساتذة فأفرجوا عنهما ولكن الأستاذين الرائعين رفضا‏.‏ الخروج من السجن إلا مع طلبتهما وقدم نموذجا رفيعا لما يجب أن يكون عليه الأستاذ الجامعي
‏*‏ كيف واجهتم لحظة الاعتقال؟
عندما تم اعتقالنا ذهبنا الي معسكر تدريب امناء الشرطة في طرة ورفعت شعارا هو ايديكم في ايدين بعض واقعدوا
‏*‏ لماذا؟
‏**‏ لأن الأمن في مثل هذه الظروف يدفع بمخبريه صغار السن وكأنهم طلاب ويخترقون صفوف المعتقلين ورفعنا شعارا ثانيا عندما سألونا عن أسمائنا فكتبنا جميعا اسمنا مصري‏.‏
‏*‏ الشيخ إمام غني عنكم في أغنيته الشهيرة أنا رحت القلعة وشفت ياسين؟‏...‏
‏**‏ الشيخ إمام كان خارج السجن هو والشاعر احمد فؤاد عندما تم القاء القبض علينا وعملوا الاغنية قبل ان يتم القبض عليهما بعد ذلك في التحرير حيث شاركا في ثورة الطلاب‏.‏ والأغنية كانت تقول أنا شفت شباب الجامعة الزين احمد وبهاء والكردي وزين يقصد المناضلين احمد عبد الله رزة واحمد بهاء الدين شعبان وشوقي الكردي وفي رواية اخري احمد وبهاء وعليمي وزين‏,‏ والعليمي هو عبد الحميد العليمي اليساري الرائع والد أحد أبطال ثورة‏25‏ يناير زياد العليمي‏.‏ الأكيد أن هناك ثلاثة هم أحمد رزة وبهاء الدين شعبان وزين العابدين فؤاد‏.‏
‏*‏ كيف تعامل معكم الصحافيون الكبار في محنتكم؟
قلت ذات يوم للكاتب الكبير الراحل أحمد بهاء الدين هناك كتاب نحترمهم بسبب ما يكتبونه‏,‏ وهناك كتاب نحترمهم بسبب ما لا يكتبونه‏,‏ وبهاء كان من الكتاب الذين لم يتورطوا في الهجوم علي الطلاب علي العكس من كثيرين مثل موسي صبري
‏*‏ وماذا عن الاستاذ هيكل؟
هيكل كتب مقالا عاما عن مطالب الطلبة‏,‏ ولكن بعد الإفراج عنا بدأ يكتب سلسلة مقالات عن الجيل الجديد وشباب‏68‏ ليهرب من الحكاية‏.‏
‏*‏ ماذا كانت مطالبكم الأساسية في اللجنة الوطنية؟
طالبنا بألا يكون هناك تنظيم سياسي واحد‏,‏ وطالبنا بالحرية لأنها مطلب حقيقي للشعب‏,‏ وانتقلت مطالبنا من الجامعة إلي الشارع وأدركنا بعد ثورة الطلاب أن الشارع يستطيع أن يفرض علي النظام ما يريده‏.‏ فقد تم الإفراج عنا بضغط من الشارع‏.‏
‏*‏ كيف سخر منكم السادات في خطابه؟
السادات سخر من أحمد عبد الله رزه وقال كيف يسافر طالب فقير الي أوروبا؟ مع أنه كان يعرف ان الطلبة الفقراء كانوا يفعلون ذلك للعمل هناك والحصول علي مصروفات دراستهم‏.‏ وقال عني ومنهم طالب مزمن دراسة يتنقل بين الكليات للإثارة السياسية‏..‏
‏*‏ بعد الثورة الطلابية والتخرج تم تجنيدك في الجيش‏.‏ كيف تم ذلك؟
لتجنيدي قصة طريفة فقد كان المفترض ألا يتم تجنيدي لأن العرف السائد كان حرمان من يتم سجنه أو اعتقاله من التجنيد‏,‏ ولكن الفريق صادق وزير الحربية آنذاك قال إذا ما كنتوش عارفين تربوه أنا هاربيه‏..‏ وتم تجنيدي سائقا انتقل من مكان إلي مكان‏,‏ إلي أن أوقعني حظي مع ضابط رائع للأسف الشديد لا اتذكر اسمه الآن‏,‏ رأي مجندا يحمل مؤهلا عاليا ويعمل سائقا‏,‏ وهو بحاجة إلي من يساعده في الأعمال الكتابية‏,‏ فقرر نقلي إلي أعمال أخري في كتيبته‏.‏ وعندما اكتشف أنني شاعر بدأت بيننا علاقة طيبة‏,‏ وحوار مستمر‏,‏ ورفض نقلي من وحدته حتي خرجت من الجيش في عام‏.1975‏
وعندما قامت الحرب في‏1973‏ كتبت قصيدة في يوم السابع من أكتوبر نشرت في صحيفة الجمهورية في اليوم التالي‏,‏ ورآها الضابط منشورة ففرح فرحا شديدا لأنه هو من سمح لي باستخدام تليفون الوحدة لإملائها للجريدة‏,‏ وفي يوم الخامس عشر من أكتوبر جاءني قائلا‏:‏ عندك أمسية شعرية غدا‏,‏ فقلت له‏:‏ كيف؟ قال‏:‏ أنا جبتلك تصريح من القيادة المركزية‏,‏ وهتكون هناك سيارة تحت أمرك تحضر الأمسية ثم تعود بها
ونزلت من الجبهة إلي القاهرة للمشاركة في أمسية شعرية كان يشارك فيها الراحل الكبير صلاح عبد الصبور‏,‏ والشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي‏.‏ وقرأ عبد الصبور قصيدته الرائعة عن الجندي الذي رفع العلم وجاء دوري‏,‏ فأستقبلت استقبال الفاتحين لأني كنت أشارك بالزي العسكري‏,‏ وبدأت أقرأ القصيدة‏:‏
الفلاحين بيغيروا الكتان بالكاكي
ويغيروا الكاكي بلون الدم
وعندما وصلت إلي جملة‏:‏ اتفجري يا مصر
‏..‏ اتفجري بالحرب ضد الجوع ضد التتار‏..‏
فوجئت بالسيدة جيهان قرينة الرئيس السادات تقوم من مقعدها بالصف الأول وتصرخ‏:‏ مفيش جوع في مصر‏..‏ ومعها قام رجل وقور هو سيد مرعي‏,‏ يخبط بيده علي خشبة المسرح‏,‏ وغادرا الصالة‏.‏ وظننت أن الأمر انتهي‏,‏ إلا أن الجمهور طالبني بقراءة القصيدة عدة مرات‏,‏ ولم يتمكن الشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي من إلقاء شعره‏..‏
في هذه الليلة كما عرفت بعد ذلك صدر قرار سري بمنعي من النشر في مصر‏,‏ وكنت أنشر قصيدة كل أسبوع في ملحق المساء الثقافي الذي توقف بعد النكسة‏,‏ ثم واصلت النشر في جريدة الجمهورية بعد ذلك حتي عام‏1973‏ الذي توقفت فيه عن النشر‏.‏
وبعد خروجي من الجيش كنت نزيلا دائما للسجون‏,‏ حيث اعتقلت في‏1975‏ بسبب دعم المثقفين لمظاهرات يناير في حلوان‏,‏ وخرجت بعد ستة شهور‏.‏
وكانت‏1976‏ هي السنة الوحيدة التي لم ادخل فيها السجن‏.‏ وفي هذا العام شكلت لجانا وطنية لمناصرة الشعب الفلسطيني واللبناني ونظمت كذلك مؤتمرات شعبية للمناصرة‏,‏ شارك فيها الشيخ إمام‏,‏ ومن أسباب عدم اعتقالي في هذا العام أنه العام الذي شهد انتخابات‏1976,‏ والتي كانت الأفضل نسبيا في مصر منذ قيام ثورة يوليو‏.‏
قصة حب
‏*‏ في هذا العام الاستثنائي الخالي من المعتقلات تزوجت بسمة حلاوة الكاتبة الفلسطينية‏..‏ كيف كانت هذه القصة؟
عرفت بسمة حلاوة في العام‏1975,‏ حيث كانت لها علاقة بالجبهة الديمقراطية الفلسطينية‏,‏ ولي أصدقاء كثيرون في الجبهة‏,‏ وكانت تحضر لرسالة دكتواره في موسكو‏,‏ مع انها كانت مصابة بمتاعب شديدة في القلب ولذلك لم يكن ممكنا العمل في مناخ بارد كموسكو‏,‏ فحضرت الي مصر‏.‏ ورأيتها للمرة الأولي عند الشيخ إمام‏,‏ وكانت مغرمة بقصيدة الفلاحين ولم تكن تعرف أني كاتبها‏,‏ وتعارفنا وبدأت بيننا علاقة‏.‏ وقلت لها ذات يوم إني أخطط لإتمام الزواج بك بعد‏3‏ سنوات‏,‏ فردت بعصبية‏:‏ تقصد إنك ستتزوج امرأة أخري‏,‏ لأني بعد ثلاث سنوات قد لا أكون موجودة‏.‏ فقلت لها لنتزوج غدا‏.‏ وبالفعل عجلنا بالزواج وجاء والدها من نابلس ولم يكن رافضا للزواج‏,‏ ولكنه قال لي أهم شئ عندي هو صحة ابنتي‏,‏ ولذلك لابد ان اطمئن عليها وعلي مدي تأثير الزواج علي صحتها فذهبنا إلي طبيب شهير هو الدكتور محمد عطيةطبيب الرئيس السادات آنذاك‏,‏ فقال لنا لا مشكلة من الزواج‏,‏ ولكن غير مسموح لبسمة بالحمل لأن فيه مقتلها‏.‏
وتزوجنا في أغسطس من عام‏1976,‏ وبعد شهرين تقريبا حملت بسمة‏,‏ وأجريت لها عملية إجهاض وكانت فرحة تماما بالحمل‏,‏ وقالت لي علي الأقل دعني اترك لك طفلا‏.‏ لكني وافقت علي الاجهاض لأنقذ حياتها لأن الأطباء قالوا ان اتمام الحمل خطر علي صحتها
أجريت عملية الإجهاض في نوفمبر‏,‏ وتعرضت للاعتقال مجددا في تظاهرات‏18‏ و‏19‏ يناير الشهيرة والتي اندلعت بسبب قرارات القيسوني رئيس الوزراء برفع الاسعار ونزلت الملايين الي الشارع تحتج علي هذه القرارات‏,‏ وحدثت ثورة سرعان ما قابلها النظام بالقمع‏,‏ وتم القاء القبض علي بتهمة التحريض علي تلك الأحداث‏.‏ وكان المحقق معي هو وكيل النيابة عبد المجيد محمود النائب العام حاليا وواجهني المحقق بتهمة غريبة حيث قال لي‏:‏ قصائدك أخرجت الناس إلي الشارع‏..‏ فقلت له شكرا هذه اكبر مجاملة سمعتها في حياتي‏.‏ وعندما تعجب من إجابتي قلت له‏:‏ تقول لي ان قصائدي اخرجت ستة ملايين مصري الي الشارع‏..‏ وهذا ما لم يستطعه شاعر في التاريخ ولا شكسبير نفسه يستطيع ان يدعي ذلك‏..‏ وكلامك يجعلني من أعظم شعراء العالم‏.‏ وبقيت في السجن‏18‏ شهرا بلا اي اتهام حقيقي‏,‏ وفي إحدي المرات عرضت علي القاضي‏.‏ وكان المفترض أن أعرض علي المستشار صلاح عبد الحميد‏,‏ وكان معروفا بموقفه الشديد في رفض الحبس الاحتياطي‏,‏ وعندما جاء دوري فتح القاضي ملفي فوجد أوراقا بيضاء وهي حيلة امنية خبيثة لكي لا يجد القاضي قضية أمامه ويضطر لتأجيل حسم الامر وبالفعل تأجل نظر القضية أسبوعا‏,‏ وبالتالي نظرت القضية أمام دائرة أخري وقاض آخر يؤيد فكرة الحبس الاحتياطي وبذلك تجدد حبسي‏.‏ وخرجت في منتصف عام‏1978,‏ وتعرضت بسمة لوعكة صحية شديدة ودخلت المستشفي ولم نكن نعرف سببا للتعب وعدم هبوط معدل حرارة جسدها عن‏40‏ درجة‏,‏ وكان طبيبها حمدي السيد الذي رفض تقاضي أجرا عن متابعتها‏.‏
وبدأت أفكر في عمل إضافي لأكسب مالا وهنا بدأت تدريس اللغة العربية للأجانب‏(‏ وهي المهنة التي لازمتني حتي عام‏1995)‏
وأجرينا تحليلات لبسمة أكدت وجود فطر علي صمامات القلب‏,‏ وأرسلنا التحاليل الطبية إلي أحد الأطباء العالميين هو اللبناني الدكتور لبكي‏,‏ وكان يعمل في الولايات المتحدة الأمريكية‏,‏ وقد قابلته في القاهرة أنا وبسمة‏,‏ ووافق علي الطريقة التي يتعامل بها د‏.‏ حمدي السيد في علاج بسمة‏,‏ وقال انه لا مبرر لسفرها للخارج للعلاج‏.‏ لكن الدكتور حمدي السيد قال انه رغم ان العملية يمكن اجراؤها في مصر‏,‏ فإن التمريض في مصر ليس بمستوي الولايات المتحدة‏.‏ وقررنا السفر لأن صحتها كانت تنهار تدريجيا‏,‏ وقد استدنت كثيرا لتوفير نفقات سفرها ولم استطع السفر معها بسبب نشاطي السياسي حيث كنت ممنوعا من السفر‏.‏
وقررنا سفرها يوم الرابع والعشرين لكن لسوء حظها كان هذا اليوم يوم سفر الوفد المصري إلي كامب ديفيد‏,‏ وأخذت الرئاسة الطائرة التي كان مفترضا ان تسافر عليها زوجتي الفلسطينية‏,‏ وبذلنا مجهودا كبيرا لنقل السفر من مصر للطيران إلي الخطوط الجوية البريطانية‏.‏
سافرت بسمة‏,‏ وفي يوم سفرها تم إلقاء القبض علي مجددا‏,‏وكان مارس شهرا مؤثرا حيث تم القاء القبض علي في اجراء احترازي كان السادات يقوم به كلما هم باتخاذ بقرار سياسي او خطوة ما‏.‏ وفي هذا الشهر واثناء اعتقالي ماتت بسمة في الخارج وكان رحيلها مؤلما لأني لم استطع ان اسافر معها وكان اول شئ قمت به عندما خرجت من السجن رفع قضية لرفع الحظر المفروض علي سفري‏...‏
وكسبت القضية في أغسطس‏1981‏ بعد أكثر من عام من الجري في المحاكم لإلغاء حظر السفر والحصول علي جواز سفر‏.,‏ في أغسطس جاءني أحد المسئولين إلي البيت وقال لي‏:‏ روح استلم جواز سفرك‏.‏ فنزلت الي مدير الجوازات يوم‏21‏ أغسطس‏,‏ وما ان حصلت علي الجواز حتي توجهت إلي مكتب مصر للطيران وحصلت علي تذكرة إلي عمان
كان ديوان الحلم في السجن قد صدر في لبنان ولم أكن رأيته بعد‏,‏ وكنت أريد أيضا إصدار مجموعة قصصية لبسمة حلاوة كان نشرها متعثرا في العاصمة اللبنانية‏..‏ وبقيت في عمان اسبوعا ثم ذهبت إلي بيروت‏.‏ وهناك قابلني تاريخ آخر ليس بعيدا عن تاريخي الذي خضته في مصر منذ منتصف الستينيات
ماذا قابلت في لبنان؟ ولماذا بقيت هناك لسنوات؟
كان المفروض ان اعود الي مصر في الخامس عشر من سبتمبر من عام‏1981‏ وحجزت تذاكر السفر بالفعل بعد ان قرأت شعري في اكثر من امسية فنية في معظم مناطق لبنان ولكني غيرت كل ذلك بسبب مكالمة من الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات جاءتني في الفجر تقريبا من يوم الخامس من سبتمبر قال لي فيها عرفات‏:‏ تعالي افطر معايا فأحسست من لهجته ومن توقيت الاتصال ان شيئا في الأفق غير طبيعي‏..‏ ذهبت إلي مقر اقامته فوجدت سميح القاسم ومحمود درويش ورأيت عرفات مهموما‏,‏ وسألني بعد الإفطار‏:‏ هل مازلت مصرا علي السفر الي مصر قلت له بسرعة وبحزم‏:‏ فعلا سأسافر بعد عشرة أيام فقال لي هل قرأت الأهرام اليوم فقلت له لا كيف أقرأ الجريدة في الفجر فقال لي هذه نسخة من الطبعة الأولي وفيها اسمك من المعتقلين في قرارات الرئيس السادات التي شملت المئات‏..‏ أخذت منه الجريدة فوجدت اسمي بين العشرة الأوائل من المتهمين بالفعل‏.‏ وأنقذتني مكالمة عرفات من الاعتقال‏,‏ وقررت البقاء في بيروت‏.‏
وهنا عايشت مقاومة شاركت فيها بقصائدي وأغنياتي التي شاركني فيها رفيق الدرب الراحل العظيم عدلي فخري‏..‏ وفي لبنان عرفت معني التلاحم بين الفن والنضال فقد كت أنا وعدلي ننظم أمسيات فنية في المستشفيات وأماكن وجود الجنود‏,‏ وقامت البي بي سي بإجراء حوار معنا عن هذه الأمسيات وشاهده بالمصادفة صديقي المناضل أحمد بهاء الدين شعبان فقام ببذل جهد كبير للاتصال بمن استمع الي اغنياتي وفخري عن بيرون ونجح بدعم من اصدقاء مشتركين في اصدار ديوان أغاني بيرون الذي لم أره إلا بعد الخروج من لبنان بعد خروج عرفات والفلسطينيين‏.‏
ما هي أهم ذكرياتك في لبنان؟
ذكرياتي في المقاومة اللبنانية لا يمكن اختصارها في هذا الحيز ولا يكفيها عشرات الدواويين وقد كتب درويش عنها وكتب سعدي يوسف وكتب حلمي سالم‏,‏ لكن تجربة المقاومة اللبنانية تستحق كتابة اكثر ولكني سأتوقف هنا عند نموذج واحد عرفت فيه كيف يهزم الغناء الطائرة
كيف حدث هذا؟
كنت قررت العودة لمصر بعد فترة مهما كانت النتائج وعزمت وحجزت تذاكر السفر مرة اخري‏,‏ ولكني دعيت لزيارة ملجأ للايتام الفلسطينيين في بيروت وفي اثناء الزيارة تعرض الملجأ للقصف الإرهابي الصهيوني وكانت هناك صبية فلسطينية ومجموعة من الأطفال الصغار الذين أصيبوا بهستيريا من البكاء بشكل كبير فما كان من الصبية الا ان خرجت واحضرت مذياعا وقدمته للضيوف من الكبار واحضرت ماء للصغار‏..‏ وجلست في ضوء شمعة تغني بصوت خفيض بعض الاغنيات الفلسطينية وبدأ نحيب الأطفال يخفت تدريجيا وبدأ صوت الغناء يعلو شيئا فشيئا وبدأنا نشارك الصغار الغناء‏..‏ لحظتها عرفت ان الشعب الفلسطيني لن يهزم مهما كان العدوان الاسرائيلي الوحشي‏,‏ وفي هذه اللحظة قررت البقاء في لبنان وقلت مجنون مين اللي يلاقي حرب ويهرب وبقيت وغنيت للمقاومة كما غنيت لها في مصر
للذكريات بقية من شموع النضال نوقدها مع زين في ميدان التحرير


إضافة تعليق

البيانات مطلوبة

اسمك
*


بريد الالكترونى *
البريد الالكتروني غير صحيح

عنوان التعليق *


تعليق
*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.