ساعات ويهل شهر رمضان الكريم.. لتتوجه الأنظار جميعها في سهراته واحتفالاته للأماكن التراثية وخاصة مواقع الآثار الإسلامية التي تصبح قبلة الباحثين عن قضاء ليل رمضان في سماع التواشيح والأناشيد الدينية وأغاني المديح بين رحاب هذه الأماكن. غير أنه كما يقول المثل الشعبي يا خسارة الحلو ما يكملشي, فجولة واحدة علي هذه المواقع تكفي لأن تصيب بالصدمة من هول ما تعانيه, فمثلما تغرق شوارع مصر وميادينها في القمامة التي أصبحت هما قوميا وأولوية علي أجندة عمل رئيس الجمهورية بعد إعادة الأمن لم تسلم الآثار جميعا ومنها الآثار الإسلامية من هذا الوباء المنتشر, لم يفرق بين حي راق وشعبي أو منطقة عشوائية أو مهمة. بداية جولتنا كانت في منطقة مصر القديمة التي تمثل قلب العاصمة وموطن تجمع العديد من هذه الآثار وما بين جامع الأزهر الشريف ومسجد ومدرسة السلطان حسن لشارع المعز لدين الله الفاطمي الذي شهد قبل عامين أكبر مشروع تطوير تكلف ملايين الجنيهات والحسين ومنطقته وجامع محمد علي بالقلعة تتنوع وتختلف الآثار الإسلامية إلا أنها تشترك جميعها في احتياجها للاهتمام والتطوير وقبل ذلك كله النظافة..هكذا جاءت مطالب محمد عبد المقصود من سكان منطقة الخليفة, مؤكدا أن إهمال الآثار جاء في إطار إهمال كل شيء في مصر وخاصة بعد حالة الانفلات الأمني التي شجعت الناس علي سلوكيات سيئة ومنها إلقاء القمامة في أي مكان بصرف النظر عن أن هذا المكان آثار أم لا. وأشار حسين عبد الفتاح مدرس تاريخ إلي أن الانهيار الاقتصادي وما أصاب السياحة من أضرار نتيجة عدم تدفق السائحين أدي إلي انخفاض الدخل السياحي وإيرادات الآثار بشكل كبير مما أثر علي ميزانية التطوير والاهتمام قائلا: رغم أن ذلك ليس مبررا لعدم الاهتمام بالآثار التي تعد من أهم موارد الدخل القومي إلا أنه عامل مهم يجب أن يؤخذ في الاعتبار خاصة في ظل الحالة الاستثنائية التي نعيشها. ولفت محمود أحمد تاجر بمنطقة القلعة إلي أن هناك مجهودا بدأ بالفعل فيما يتعلق بالقمامة وإزالتها من الكثير من المناطق خصوصا بعد وعد رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي بذلك حيث بدأت أجهزة النظافة ومسئولو الحي بالوجود علي فترات ورفع المخلفات والقمامة الموجودة من الشوارع والتي كانت غارقة فيها علي حد قوله مؤكدا أن ذلك يمكن أن يسهم في حل المشكلة حيث إن الناس كانت تلقي بقمامتها في أي مكان لعدم وجود اهتمام من المسئولين بهم أو بمشكلاتهم خصوصا الفترة الماضية. وأوضحت حسنية محمد موظفة بالتأمينات أن قلة النظافة والاهتمام بها أصبحا مرض الشوارع المصرية كلها والميادين الكبيرة والصغيرة قائلة: الناس مبقتش تفرق بين الأماكن المهمة وغير المهمة وتتعامل مع الشارع علي أنه, هي جت علينا فكل البلد عايزه اهتماما ونظافة ولازم الاهتمام يبدأ من المسئولين قبل الناس علشان يكون فيه تعاون ويبدأ المواطن يشعر بأن له دورا لكن كل ده لازم يكون قبله حل لمشكلات الناس الحيوية واهتمام بيهم علشان يحسوا إنها بلدهم وآثارهم شيء مهم ليهم. وبسؤال الدكتور محسن السيد أمين عام المجلس الأعلي للآثار عن هذه الأزمة وكيفية التعامل معها اعترف بالمشكلة لكنه في الوقت نفسه أكد أنه بالفعل هناك إجراءات للقضاء علي ظاهرة القمامة بجانب المواقع الأثرية عامة والمساجد التراثية والآثار الإسلامية خاصة والتي تستعد حاليا لفتح أبوابها للزائرين للاستمتاع بالبرنامج الثقافي لشهر رمضان الذي تمت إضافة العديد له مثل فرق المولوية أو الإنشاد الديني في القلعة وغيرها. وأشار د. محسن السيد إلي أنه بعدما تفاقمت مشكلة القمامة بجانب المواقع الأثرية أو إلقاءها في الأماكن القريبة منها وقبل البدء في عمليات النظافة والاهتمام تم عمل مشروع توعية للمواطنين سكان المناطق المحيطة بالآثار للمساهمة معنا في عمليات التنظيف والاهتمام بالشعور بأن لديهم دورا مهما في ذلك الأمر قائلا: عقدنا اجتماعات جماهيرية بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني منذ ما يقرب من أسبوعين ومشاركة مسئولي المحليات المنوط بهم مسئولية الحفاظ علي المناطق خارج المناطق الأثرية حيث يقتصر دور مسئولي الآثار علي داخل الأثر أما خارجه فهو مسئولية أجهزة المحافظة ومسئولي النظافة بالمحليات, مشيرا إلي أن استجابة وتعاون الأهالي والمواطنين في المناطق حول الآثار زادت بشكل كبير بعد هذه الندوات التي تمت إقامتها مما أسهم في تسهيل عمل المسئولين سواء في الآثار أو المحليات بفضل التعاون الذي أبدوه. وأضاف د. محسن السيد بالنسبة لمنطقة سور مجري العيونوالقاهرة القديمة فقد تم البدء في مشروع تحديث وتطوير وتجميل بالتعاون مع وزارة الإسكان ومحافظة القاهرة آتي بثمار طيبة حتي الآن ويكفي المقارنة بين ما هو الوضع الحالي وبين ما كان قائما منذ فترة قريبة ليتم الحكم علي حجم التغيير الذي تم في هذه المنطقة الحيوية, وكذلك شارع المعز لدين الله الفاطمي الذي تم رفع الكثير من التعديات والمخالفات التي كانت قد انتشرت به بعد أحداث الانفلات لافتا إلي أن العمل يجري علي قدر الإمكانات المتاحة حاليا للحفاظ علي الآثار في ظل ما نمر به من أحداث ومشكلات.