بين لحظة والآخري ننتظر حكما قضائيا ليشكل قرار مصيريا في سير المرحلة الانتقالية سواء فيما يخص مجلسي الشعب والشوري أو اللجنة التأسيسية أو أشياء أخري كثيرة, وأصبح القضاء له الكلمة الأولي في تحديد مصير البلد وهو ما يشير لسيادة مبدأ القانون ليتحمل القضاء قرارات مصيرية, فصدر كم هائل من الأحكام وتلاها عدد من الطعون لنجد انفسنا يوميا في انتظار حكم قضائي قد يقلب الأمور رأسا علي عقب ولاشك أن احترام أحكام القانون واجبا علينا ولكن لم يتوقف الأمر عند هذا الحد فتجد نفسك أمام آراء مختلفة في تفسير أحكام القضاء وسيل من الطعون القضائية علي كل حكم قضائي تقريبا ولكن السؤال هل التخبط السياسي والمرحلة الانتقالية وضع القضاء في ورطة؟ وهل بوضع الدستور ينتهي هذا اللغط؟ استطلعنا آراء أساتذة القانون في وضح المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق أن كل الثورات تأتي مراحلها الأولي بإزاحة النظام القديم وهو ما يمثل الثورة المضادة وهو ما يخلق حالة من الصراعات والاصطدامات بين القوي الجديدة والقوي القديمة التي ليس من مصلحتها نجاح الثورة وما يحدث الآن جزء من الثورة المضادة ويمارسها البعض برفع الدعاوي أمام القضاء وتقديم طعون في حالة صدور حكم يتناقض مع مصالحه السياسية, ووصل التشابك حتي إلي الهيئات القضائية من القضاء الاداري والمحكمة الستورية ومحكمة النقض. ويؤكد أن المرحلة الحالية تستلزم الاحتكام للقضاء باعتباره السلطة الوحيدة الآن التي تتسم بالموضوعية والشفافية والعلانية لفرض الحلول الدستورية للمسائل السياسية المتخبطة مؤكدا أنه بعد وضع الدستور سوف يتم حل عديد م المشاكل التي تعبر عن الصراعات لأنه سيحدد مهام وسلطات واختصاصات كل سلطة وعلاقة السلطات ببعضها البعض وهو ما يحل حالة الاحتقان السياسي الذي امتد للقضاء بالفترة الأخيرة. اما الدكتور هشام صادق استاذ القانون الدولي بجامعة حلوان فقال إن السبب الرئيسي في هذه الحالة هو أن الهدف الرئيس لثورة25 يناير هو اعلاء دولة القانون والدستور واتخاذ كافة الخطوات بالمرحلة الانتقالية علي مبدأ قانوني واضح ولكن عدم وضع الدستور الذي من المفترض أن يحدد الخطوات القانونية التي نسير عليها بالمرحلة الانتقالية وضعنا في الكثير من المشاكل الملتبسة باللعبة السياسية وهو ما جعل كل فريق سياسي يفسر أحكام القضاء علي هواه ولكن يجب الالتزام بأحكام القضاء لأن الأحكام القضائية تصدر وفقا لصحيح القانون وليس وفقا للأهواء السياسية. أضاف أن عدم وجود دستور فرض علينا الاحتكام للقضاء باعتباره الوسيلة الوحيدة للفصل ويجب علينا تصحيح هذا الخطأ والالتزام بنصوص القانون الواضحة وكثرة الطعون المقدمة علي أحكام القضاء نتيجة الأهواء السياسية ومحاولة لالباسها بثوب القانون موضحا أن الجدل علي تفسير أحكام القضاء غير جائز ونوع من الهزل غير المقبول. ووضح الدكتور شوقي السيد استاذ القانون الدستوري أن ما يحدث حاليا نتيجة لغط سياسي وهوس سياسي وفوضي سياسية وأغلب الطعون المقدمة علي أحكام القضاء تكون لأغراض سياسية ويساعد علي حالة الضبابية مستشارين السوء وهواة الكلام علي القانون دون دراسة موضحا أن الصراع علي السلطة يجب أن يكون بعيدا عن القضاء. وأوضح أن القضاء ظلم في المناخ السياسي الحالي الصاخب بالإضافة إلي تيارات داخل القضاء نفسه وضعته في ورطة علي حد تعبيره لتحقيق أغراض سياسية معينة موضحا أن هذا لن ينتهي بوضع الدستور فقط ولكن بكيفية تطبيق القانون والدستور بكل قوة وحزم وهو ما يعني ضرورة اعلاء مبدأ سيادة القانون بدون أي حسابات أو مواءمات سياسية. ويقول الدكتور ثروت عبد العال استاذ القانون الدستوري: إن علينا الفصل بين السياسة والقانون لأن أهم ما يميز القضاء هو تمتعه بالاستقلال والحياد دون النظر إلي اعتبارات سياسية لأن هذه مقومات العمل القضائي الذي أصبح المنقذ الحقيقي لحالة الضبابية التي نعيشها الآن موضحا أن كثرة الطعون علي الأحكام القضائية نتيجة التخبط بين الشرعية الثورية والشرعية الدستورية وهو ما فرض علينا اللجوء إلي القضاء والالتزام بالشرعية الدستورية حتي نهاية الطريق. ويوضح أن حالة التخبط في تفسير أحكام القضاء نتيجة عدم الوعي ويجب احترام أحكام الدستورية العليا خاصة أن حيثيات الأحكام القضائية من المفترض أن تقطع الطريق علي أي لغط حولها. وفي النهاية فالقضاء يمثل المؤسسة الوحيدة الآن التي تتمتع بالاستقلال والحياد والشفافية وعلينا احترام قراراته بعيدا عن المصالح السياسية مع السعي للحفاظ علي هيبة هذه المؤسسة باعتبارها هيكل اساسي والضامن الحقيقي للحفاظ علي الدولة.