يخطئ من يعتقد أننا نتحدث عن الغرباء وبعض الأجانب الذين يستعصي عليهم فهم ما يحدث علي أرض مصر, ولكن وهذا هو الأهم فإن البعض من أهل النخبة والسياسة هم أيضا مشكلة كبري في التعرف علي مصر الجديدة ليست التي نسعي لبنائها, وإنما التي ولدت يوم ثورتها الكبري ضد نظام يمثل ختام عقود من زمن الاستبداد والطغيان, والزعيم القائد الخالد الملهم الذي ذهب بلا رجعة لتكون الزعامة وحدها للشعب العظيم الذي أثبت ويثبت في كل الأحداث أنه الأكثر وعيا ويقظة وحرصا علي سلامة الوطن رغم بعض الصرخات الهستيرية الداعية إلي الخروج عن سلمية الثورة. الباحثون عن مصر من الداخل قبل الخارج عليهم تأمل المشهد بكامله, وليس فقط التركيز علي جوانب المعاناة وهي كثيرة ومريرة, وفي المقابل منها إنجازات تحسب لمصر, حيث أجريت الانتخابات البرلمانية والرئاسية في أجواء من النزاهة, نالت احترام العالم وتقديره, خاصة من المنظمات الدولية التي لا تعرف المجاملة في مثل هذه الحالات, وكان من الغريب والمدهش أن تنتقد بعض وسائل الإعلام المصرية تلك الهيئات الدولية بسبب إشادتها بالانتخابات, وهو أمر يصعب فهمه في حالة سلامة النيات والتوجهات الوطنية الصحيحة, وعلي الباحثين عن مصر إدراك حقيقة أن هذا الوطن لم ولن يكن أبدا في مهب الريح, لأن هناك شعبا يقوم علي حمايته وسلامته, وجيشا وطنيا يتحمل المسئولية والأمانة, في تأمين البلاد ضد أية مخاطر تتهددها, وبالتالي يجب اعتبار التجربة المصرية واحدة من التجارب الرائدة والتي لا تحتاج إلي إجراءات استثنائية حاضرا أو مستقبلا خاصة فيما يتعلق باستكمال بناء مؤسسات الدولة وانتخاب الرئيس القادم لتبدأ مرحلة الانطلاقة المنشودة. بعض المقترحات والأفكار التي تخرج في اللحظات الأخيرة قبل بلوغ شاطئ المرحلة الانتقالية من شأنها أن تمثل تحديات وعراقيل, نحن في غني عنها في هذا الوقت بالذات, وعلينا أن لا نفسد فرحة الشعب باختيار رئيسه القادم.