ولم يكن الغضب ليتحول إلي مد ثوري إلا بتأييد الجيش له في بيانه الشهير الذي اعترف فيه بالمطالب المشروعة للشعب المصريدعونا نضع الأمور في نصابها, لم تكن الحركة التي قامت بها طليعة الشباب في25 يناير لتصمد لولا دخول الإخوان علي الخط في جمعة الغضب, ولم يكن الغضب ليتحول إلي مد ثوري إلا بتأييد الجيش له في بيانه الشهير الذي اعترف فيه بالمطالب المشروعة للشعب المصري مع تعهده بعدم اللجوء إلي العنف مع الشعب, ولم يكن المد الثوري ليتحول إلي ثورة لولا موقعة الجمل التي ألهبت مشاعر عموم المصريين علي النظام فخرج عن بكرة أبيه ليسقطه اسقاطا لا رجعة فيه, هكذا كانت الأمور وهكذا كان ترتيبها التصاعدي. ثم بدأت الأحداث تتوالي من حيث انتهت بطريقة آخر اللاعبين هو أول الفائزين فآلت الأمور إلي الجيش الذي نال رضا الجميع وتأييدهم لإدارة الفترة الانتقالية, تلاه الإخوان بسرعة خروجهم من الميدان إلي الساحة السياسية الاجتماعية الأرحب, وكان أول اللاعبين هم آخر الفاعلين وأول الخاسرين في الوقت ذاته لتشبثهم بالحالة الجنينية التي تخصبت في الميدان وبدأوا سلسلة متفاقمة من الأخطاء السياسية الفادحة أدت إلي عزلهم سياسيا ثم شعبيا بداية من استفتاء مارس وحتي اكتساح الإسلاميين لمقاعد البرلمان, لتبدأ بعدها سلسلة اخطاء الإسلاميين بعد أن ظنوا أن الساحة قد خلت لهم, ولم يستفيدوا من اخطاء الخاسرين الليبراليين الأوائل, ولا استفادوا من مكاسبهم التاريخية, فتوالت اخطاؤهم بداية من الاداء البرلماني الهزيل, مرورا بهجمتهم علي الحكومة, ثم ترشيحهم الرئاسي وانتهاء باصدارهم قانون العزل المشين الذي عزلهم هم ولم يعزل غيرهم وما تلاه من محاولات الانقضاض علي مؤسسات الدولة كالأزهر والمحكمة الدستورية والداخلية حتي كانت الطامة الكبري بتعطيل البرلمان والتأييد المستتر لأحداث العباسية. وبعد هذا التصعيد الدرامي للأحداث وخسارة طرفي الثورة الشعبيين الليبرالي ثم الإسلامي بدأت الانتخابات الرئاسية والدولة ممثلة في عصبها المركزي وهو الجيش وقد أصبحت هي الملاذ الأخير لما يسمي مجازا بالكتلة الصامتة وقد انضم إليها كل من اشترك أو أيد أو ساند الثورة, ثم لم يجد فيها إلا مظهرا انتهازيا لبعض الطامعين في السلطة والشهرة والجاه والنفوذ, ليكونا معا كتلة مبهمة في عددها ولكنها ظاهرة في سخطها, علي ما آلت إليه الأوضاع تنتظر بفارغ الصبر حلول موعد الانتخابات الرئاسية, لتعبر عن نفسها التعبير الذي يفتقد القانون والنظام بالانحياز للدولة ورجالها, وقد ظهر هذا جليا في تهللها لترشح عمر سليمان ثم احباطها حين استبعد لتضع كل ثقلها خلف من تبقي من رجال الدولة في السباق الرئاسي شفيق وموسي كما وقف بعضها خلف حمدين صباحي وانحصر تأييد أنصار الثورة المستمرة في أبوالفتوح. وقد بدأت الانتخابات وقت كتابة هذا المقال الأسبوعي وقبل يومين من نشره, وأغلب الظن أن خروج عمرو موسي من السباق بات مؤكدا, وصباحي رغم ادائه المشرف ومن المتوقع خروجه أيضا, ولن يبقي في السباق حتي تحسم نتائجه إلا شفيق ومرسي وأبوالفتوح, ويبدو ان شفيق قد حجز مكانه بالفعل في جولة الإعادة مع اما مرسي وهو الأرجح نظرا لقوة الحشد الإخوانية, واما مع أبوالفتوح إذا ما حدثت معجزة تجعله يتفوق علي الة الحشد الإخوانية, وتبقي فرصة حسم الموقعة الرئاسية من الجولة الأولي موجودة ولكن ضئيلة.