أنا أقصد ان إذاعة بعض هذه الأغاني وفي أوقات معينة تسئ السمعة لمن يقدمها أو يذيعها وهذه النوعية من الأغاني تحمل معاني قوية وجميلة ولا يقصد الملحن والمؤلف والمغني المعني الذي يفهمه أو يعترض عليه الرقيب أو الحاكم أو المسئول عن النظام في الدولة وهناك أمثلة في أربعة أنظمة الأول في النظام الملكي أغنية عبدالوهاب( أخي جاوز الظالمون المدي) وأغنية أم كلثوم التي تقول فيها( الإشتراكيون أنت إمامهم) الديوان الملكي اعترض وأبدي غضبه من إذاعتها وفي العصر الجمهوري كان الزعيم جمال عبدالناصر يمر ويذهب إلي مجلس قيادة الثورة أو مجلس الوزراء من شارع رمسيس قادما من مصر الجديدة( كان شارع رمسيس إتجاهين) رأي إعلانا عن مسرحية لثلاثي أضواء المسرح( لمونة في بلد قرفانة) وبمجرد وصوله إلي مكتبه أمر بإزالة الإعلان وطبعا بإلغاء المسرحية وفي عصر الزعيم أنور السادات وبدون قصد أذاع التليفزيون في برنامج للأطفال الأغنية المعروفة( يلا حالا بالا غنوا معانا لأبو الفصاد) وكان هذا الصباح يوم عيد ميلاد الزعيم وشاهدها وسمعها وقام بالاتصال بالمسئول في التليفزيون وقال له هو أنا أصبح إسمي أبو الفصاد وطبعا حصل الاعتذار أما في العصر الرابع وانتشار أشرطة الكاسيت والإنتاج الخاص اشهرت أغنية من أغاني مطرب شعبي ظهر حديثا ولا تعرف نقابة المهن الموسيقية عنه شيئا وكنت في ذلك الوقت في اوائل التسعينيات المسئول عن النقابة وفي يوم من الأيام وأنا في مكتبي دخل الأستاذ حمدي سرور مدير الرقابة علي المصنفات الفنية ومعه شخص آخر ورحبت بهما لانني كنت زميلا للأستاذ حمدي سرور عندما كنت موظفا بالرقابة وقلت للأستاذ حمدي زيارة غريبة فقال لي أنا جاي أسأل عن مطرب اسمه شعبان عبدالرحيم وكلفت الأرشيف بالبحث عن هذا الاسم وكانت الإجابة ان هذا الاسم ليس عضوا بالنقابة فقال لي أن هذا الاسم له شريط كاست ويقوم بالغناء في الملاهي الليلية فطلبت من المفتشين البحث وإخطار المطرب بالحضور للنقابة واتفقنا علي الموعد وحضر الاستاذ حمدي ومعه نفس الشخص الذي حضر معه في المرة السابقة وبعد قليل حضر شعبان عبد الرحيم وقبل ان يدخل قال وهو واقف علي الباب( خلاص حتدوني العضوية يا أبو عرام) فضحكنا وقال له الأستاذ حمدي( إحنا نريد ان نعرف منك ونسأل بعض الأسئلة) فقال خير إن شاء الله فسأله الشخص المصاحب للأستاذ حمدي من الذي طلب منك وقام بالصرف علي إنتاج أغنية( كداب يا خيشة كداب قوي) فقال له شعبان المنتج والغنوة حلوة وناجحة ومصرحة من عندكم في المصنفات وهنا سألت الاستاذ حمدي عن الاستاذ الذي يقوم بتوجيه الآسئلة فقال لي انه مسئول من مباحث آمن الدولة وسألت الأستاذ حمدي الموضوع إيه فقال لي أن هذه الاغنية إسقاط سياسي لأن بعض البلاد العربية تذيعها بعد كل خطاب أو حديث يقوله حسني مبارك( كداب يا خيشة كداب قوي) وكان هذا في الفترة التي قاطعتنا فيها الدول العربية ونقل مقر الجامعة العربية من مصر إلي تونس واعتبروا ان خيشة هو الرئيس المصري والذي أنقذ هذا ان تاريخ إنتاج والتصريح للأغنية قبل أحداث المقاطعة العربية والغرض من هذه الأحداث هو ان الاغنية والكلمة لها تأثير عند الشعوب ولها تأثير عند الأنظمة والحكام والغريب أنه في هذه الفترة وبعد ثورة25 يناير لم تظهر أي أغنية لها تأثير أو تعبير عن الحالة الجديدة وعندما تظهر هذه الاغنية سأعرف ويعرف الشعب ان الثورة نجحت. والله ولي التوفيق