أثارت عمليات استعادة مصر لقطع أثرية من الخارج والتي تكررت في الفترة الأخيرة عدة مرات تساؤلات مهمة حول اسباب وطرق تهريب هذه الآثار وسبل الحد من هذه السرقات حماية لتراثنا الحضاري والإنساني من ناحية ثم حماية للاقتصاد القومي من ناحية اخري, وفي التقرير التالي يجيب خبراء الآثار عن هذه التساؤلات محددين سبل الحد من هذه الظواهر. في البداية يقول د. محمد حمزة الأستاذ بكلية الأثار جامعة القاهرة: مصر موقعة علي عدد من الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي تتعلق باسترجاع الأثار, لكن الأهم هو التوثيق العلمي للأثار التي نمتلكها لكي نستطيع استرجاعها حتي لو تمت تهريبها, فلدينا مخارن كثيرة لو تم سرقة ما بها لن نستطيع استردادها لانها غير موثقة, كما ان هناك فترة مرة بمصر كان المسئولون عن الآثار مشاركين في عمليات السرقة باستخدام طرق عديدة كان يصعب السيطرة عليها, كما ان الجزء الأكبر من عمليات تهريب الآثار تم في فترات الاستعمار. وأضاف حمزة ان ما تم تهريبه من الآثار قبل عام1970 لا يمكن ان يسترد مثل رأس نفرتيتي والمسلات لأنها هربت قبل وجود قوانين حماية الأثار وما نحتاجه الآن هو مشروع كبير لتسجيل وتوثيق الاثار من خلال مسح كامل لكل المخازن والمتاحف, باستخدام التكنولوجيا الحديثة مثل التصوير بالليزر ثلاثي الأبعاد, وهذا يحتاج إلي تقنيات حديثة وإمكانية وكوادر بشرية مؤهلة, وإحكام الرقابة علي الحفر وعمل البعثات الاجنبية, التي كانت تحصل علي نصف الآثار المكتشفة بناء علي اتفاقات خاصة لكن القانون ألغي هذا, ومن الممكن ان تستغل المعارض الخارجية احيانا لتهريب الاثار أو الحفر العشوائي في الصعيد وغيره. وطالب الدكتور حمزة بإضافة مادة في الدستور تكفل حماية الآثار التي تعتبر من تاريخ مصر وحضارتها وبالتالي فهي ملك للبشرية كلها, ونأمل ان تضم لجنة إعداد الدستور خبيرا أثريا مخلصا للوطن. وقال د. محمد عبدالمقصود الرئيس الأسبق المجلس الأعلي للأثار ان الأحكام القضائية أسهل الطرق لاسترداد الأثار, كما ان الاسترجاع يمكن ان يتم بالطرق الدبلوماسية, أو عن طريق اليونسكو والانتربول, أو بمخاطبة المجلس الأعلي للأثار للمتاحف الخارجية أو الجهات العلمية, هذه بعض الطرق لإسترداد الأثار بشرط ان تكون هذه الأثار مسجلة, لأن الأثار غير المسجلة تتعرض للسرقة والتهريب دون أن نستطيع استردادها, وعدم تسجيلها يرجع لأنها اكتشفت نتيجة حفريات غير مرخصة, وللقضاء علي هذه الظواهر نحتاج عقوبة مشددة علي التهريب, وأن ترخص كل المواقع التي يتم بها التنقيب, وتشديد المراقبة علي منافذ الجمهورية باستخدام تقنيات حديثة للكشف علي الآثار وهذه التقنيات موجودة في العالم. وقال د. محمد الكحلاوي أمين عام اتحاد الأثريين العرب لابد لنا للقضاء علي مشاكل الآثار أن نسير في خطين متوازيين الأول هو استرداد الأثار المسروقة, وحمايتها من السرقة والتهريب في الداخل, وهذا لا يتم إلا بتسجيل تراثنا الأثري بالكامل لضمان الحماية الدولية, وأكثر ما يتعرض للسرقة الأثار الموجودة في المخازن غير المسجلة في القوائم, من هنا لابد لنا من خطة متكاملة لتوثيق كل ما لدينا في المتاحف والمخازن ومواقع الحفر, بطرق علمية صحيحة وفرض رقابة أمنية بكوادر مدربه, تتبع وزارة الداخلية مباشرة وليس مجرد حارس تابع لوزارة الآثار, وهذا السبيل الوحيد للقضاء علي أعمال السلب والنهب. ومن جانبه قال د. أسامة النحاس مدير عام الآثار المستردة بوزارة الأثار قمنا بتعديل لقانون حماية الآثار في عام2010, لكن ندرس الآن تعديله مرة أخري لتغليظ العقوبة ضد النهب والاتجار حتي يعرف كل من يسرق الآثار أنه سيتعرض لعقوبات مشددة وغرامة كبيرة, كما نناقش إمكانية وجود قانون خاص بالملكية الفكرية لقطاع الآثار, لنحارب الإتجار غير المشروع في القطع الأثرية الأصلية والمستنسخة, كما أقمنا36 وحدة أثرية في منافذ خروج الآثار في الجمهورية في المطارات والموانئ ودربنا كوادر للتمييز بين القطع الأصلية والمستنسخة في تلك المنافذ بالتعاون مع الانتربول ومباحث الآثار ووزارة الخارجية التي تتابع بدورها القضايا المتعلقة بالآثار في الخارج.