صدرت عن نادي القصة متتالية روائية او رواية علي' شفا حفرة.. فليسميها مجدي جعفر ما يشاء, المهم هنا ليست التسمية بقدر ما في الرواية من قيمة تضاف إلي رصيد الابداع الروائي. ف(جعفر) دائم البحث عن المغاير ليقدمه إلي القارئ وقد سبق هذا الاصدار ال' مسرواية' المعنونة ب' زمن نجوي وهدان' والقيمة فقط هي التي تستأثرني وتثير دوافعي فأكتب عنها, وهذا عهدي بالكتابة عن الأعمال التي أقرأها وتترك في عقلي أو وجداني بعض اثر. 'علي شفا حفرة' حين انتهيت تماما من قراءتها كتبت هذه العبارة التي اتخذتها عنوانا لهذا المقال' عبقرية البساطة وحلاوة السرد', وكما تستهويني القراءة في الف ليلة وليلة المعجزة والنبع الفياض الذي لن يغيض حكاياته او يأكلها صدأ الزمان, استهوتني القراءة بشغف في حكايات الرواية كأنها منسوجة تماما علي نول الف ليلة وليلة مع اختلاف الأمكنة والازمنة والأحداث, ومع تصاعد دراما الفعل وفنية الحبكة وبراعة عنصر التشويق. يقترب مجدي جعفر من تكنيك الكتابة لالف ليلة وليلة, ثم ما يلبث في حكايات اخري الابتعاد والتمسك بقدرة فنية اخري علي الحكي تتسم بفنية الحكي اللذيذ, بل يمارسه ببراعة ليصل إلي الحلاوة التي ذكرتها بحلاوة السرد, وقد صاغ تلك الحكايات ببساطة فنية يتناولها المتلقي كما يتناول المكسرات التي لايمل من تناولها, ويلج المتلقي معه في عوالم الجبن والانس والخيال والخرافة, وليست هذه العوالم بديلة عن الواقع, وانما كان الواقع والتاريخ والأحداث المدونة علي جدران الزمن تكآت يستند عليها ويمزجها بحرفية مع بعضها البعض ليتزاوج الزمن والتاريخ لاينفصل احدهما عن الآخر. علي شفا حفرة ليست بالحكايات الاستهلاكية, انما الدراما وتصاعدها جعلت منها قصصا قصيرة جديرة بالقراءة أكثر من مرة, حيث يأخذ الصراع القارئ إلي مرافئ الدهشة والغرائبية. وتساير حكايات الرواية واقعنا بما فيه من اشكاليات اجتماعية واقتصادية وسياسية وطائفية تجعلها صالحة لهذا الزمن الذي نعيش فيه وتبقي طازجة لازمان اخري. ود. مجدي جعفر لايقدم الحلول الجاهزة للقارئ, ولكن علي القارئ ان يستنبط ايجابيات السلوك المشابه الذي قد يستفيد منه ويراه مناسبا لمواقف تحدث له في الحياة. لقد ثقف مجدي جعفر ادواته الروائية لتناسب هذه الابعاد الحياتية التي استطاع الوصول إليها وتلك الرؤي التي استشرفها للمستقبل. ان القارئ يستطيع ان يدخل عوالم الرواية دون مشقة تجعله يعزف عن القراءة, فجعفر قد جعل هذه العوالم مفتحة الأبواب, لاحواجز, أو مسافات قد يتيه فيها القارئ, ولكنه جعل هذه العوالم تبدو مدهشة, والأشخاص فيها تملأ فراغ الزمان والمكان بالافعال المنتجة للأحداث. ان هذه الرواية التي ابدعها القاص والروائي مجدي جعفر علامة في تاريخ السرد العربي بما فيها من عبقرية البساطة وحلاوة السرد. نبيل مصيلحي عضو اتحاد كتاب مصر