في احدي زوايا البيت الفقير جلست الأم مهمومة حزينة لا تدري ماذا تفعل بعد أن سمعت زوجة ابنها وهي تحرضه علي ترك المنزل والسفر للعمل في ليبيا بعد أن ضاقت ذراعا بالمشاكل والخناقات المحتدمة بينها وبين حماتها وشقيقته. منذ أن تزوجها بمنزل الأسرة.. سيطرت عليها الظنون وأخذت تطل برأسها أمامها مع تبادر عشرات الأسئلة التي لم تجد لها جوابا.. فماذا تفعل هي وابنتها لو تم لزوجة ابنها ما أرادت.. من سينفق عليهما لو سافر ابنها وتركهما وهو العائل الوحيد لهما؟! ولم يدع الشيطان لها فرصة للتفكير في حل تنهي به خلافاتها مع زوجة ابنها عزة لتجعلها تقلع عن فكرة السفر.. بل عمل علي تأجيج كراهيتها لها التي سيطرت علي قلب وعقل ابنها إيهاب وفي أثناء استغراقها في التفكير دخلت عليها ابنتها نادية وسألتها عن سبب الهم والحزن الذي يسيطر عليها, فاجابت الأم بحسرة العقربة عزة زوجة أخوكي عايزة تاخذه وتطفش به إلي ليبيا وتسيبنا من غير راجل ومنلاقيش ناكل. ساد الصمت بينهما ولكن الشيطان لم يصمت فوسوس لهما بأفكار شيطانية اجراها علي لسان نادية فقالت لأمها لماذا لا نقتلها ونخلص منها, وأخويا يفضل معانا, وصادفت الفكرة هوي لدي الأم التي وافقتها علي الفور, وطلبت منها التفكير في الطريقة التي تنفي عنهما شبهة القتل, وبدأت رحلة التفكير في الجريمة وكيف يتم تنفيذها دون أن يتم اتهامهما ولأن البنت وأمها كانتا تشاهدان دائما المسلسلات التليفزيونية الوليسية فقد تفتق ذهن الأم عن خطة للتخلص من عزة زوجة ابنها بحيث تبدو خطة القتل كأنها قضاء وقدر, عرضت علي ابنتها خنقها ثم وضع خرطوم أنبوبة البوتاجاز في فمها لكي تستنشق الغاز فتبدو الجريمة وكأنها اختناق نتيجة تسرب غاز البوتاجاز, واستحسنتا الابنة الخطة وانتظرنا اللحظة المناسبة للتنفيذ, ومرت الأيام وهما تعيشان في أحضان الشيطان الذي يزين لهما كل يوم الخطة التي استقرتا إليها, وفي اليوم الذي أخبر فيه إيهاب والدته بأنه سوف يقضي الليل بالمزرعة لمدة أسبوع, فرحت الأم وابنتها ووجدتا في غيابه فرصة لتنفيذ خطتهما والتخلص من الزوجة, وجاء اليوم الموعود وخرج إيهاب لعمله بالمزرعة وأوصاهما بزوجته خيرا, فابتسمت الأم ونظرت لابنتها وهي تقول له: طبعا حنريحها علي الآخر, وفي الصباح الباكر من اليوم التالي أحضرت الأم وابنتها ايشاربا ومنديلا أخفيتاه في جيبيهما وطلبتا من عزة مرافقتهما للمطبخ لإعداد الإفطار وبمجرد دخول عزة المطبخ انقضت عليها الابنة وكممت فمها بالمنديل بعد أن بللته بالماء متأثرتين بفيلم ريا وسكينة في الوقت الذي قامت فيه الأم بلف الايشارب حول رقبتها وضغطت الاثنتان عليها حتي فارقت الحياة وبدأت الأم وابنتها الاعداد للمرحلة الثانية للجريمة بجعل المجني عليها تستنشق غاز البوتاجاز فسحبتا خرطوم الأنبوبة وحاولتا وضعه في فمها, ولكن.. لان ربك بالمرصاد فلم تستطيعا توصيل الخرطوم إلي فم جثة عزة حيث ترقد مما اضطرهما إلي تحريك أنبوبة البوتاجاز بشكل مفاجيء وعصبي وسريع علي أرضية المطبخ نتج عنه شرارة صادفت الغاز المنبعث من الأنبوبة فنشب حريق محدود أصاب جزءا من يدي ووجهي الأم وابنتها, وبعد ان سيطرتا علي الحريق, جلستا بجوار الجثة, وغيرتا خطتهما حيث اصطحبت الأم ابنتها وذهبتا إلي المستشفي وأبلغتا بانهما أصيبتا بالحروق أثناء اعدادهما لوجبة الافطار, واثبتتا دخولهما المستشفي بشكل رسمي ولكي تبعدا الشبهة عنهما ظلتا في المستشفي يومين, وفي الصباح عادتا للمنزل لتنفيذ المرحلة الثالثة من الجريمة فجمعتا ملابس القتيلة وتخلصتا منها واشاعتا بين الجيران بأنها أخذت ملابسها وطفشت وعاد الزوج المسكين بعد أيام وحاولت الأم وابنتها اقناعه بأن زوجته تركت المنزل ولكنه لم يقتنع وبعد أن يئس من العثور عليها قام بابلاغ اللواء ممدوح حسن مدير أمن البحيرة الذي أمر بتشكيل فريق بحث بقيادة العميد محمد الخليصي وأثناء معاينة فريق البحث للمنزل لاحظوا وجود حفرة جديدة بأرضية حجرة تربية الطيور تحت السلم مع انبعاث رائحة غريبة, وبحفر أرضية الحجرة ظهرت الجثة فانهارت الأم وابنتها واعترفتا بارتكاب الجريمة فتم القبض عليهما وباشرت النيابة التحقيق معهما وأمرت بحبسهما علي ذمة القضية.