استضافتني قناة اقرأ الدينية ذات يوم ووجهت لي سؤالا عن الفنانة سهير البابلي بعد اعتزالها الفن وطلبت رأيي.. فأجبت من فوري أن مافعلته تطور طبيعي فقد انتقلت من الجمال النسبي وهو الفن إلي الجمال المطلق وهو الله.. أي أنها تطورت جماليا من النسبي إلي المطلق ومن المحدود إلي اللامحدود.. فالفن نشاط أرضي يهدف إلي تجميل الحياة علي الأرض وهدفه الجمال أما الدين فهو تعاليم إلهية هدفها الحق.. الأول وهو الفن للإنسان رأي فيه وأما الثاني وهو الدين فلا رأي للبشر فيها إذ هي تعاليم إلهية علي الإنسان أن ينفذها كما هي خلاصا لروحه في الآخرة. ولأن كل ماهو أرضي فللإنسان رأي فيه إلي حد الحديث الشريف القائل علي لسان النبي الكريم أنتم أعلم بشئون دنياكم لذلك يصبح من الطبيعي أن يكون للفن رأي في المجتمع وللفنان رأي فيما يدور حوله. وحيث أن الدستور يكفل للإنسان حرية الرأي فما هو الذنب الذي جناه عادل إمام في أفلامه؟ قدم عادل إمام صورة لنوع من أنواع المتدينين حوله في المجتمع وانتقده- وهذا حقه- ولم يقدم شيئا خاصا بالدين نفسه.. أي أنه ازدري- إذا صح التعبير- هذا النوع الذي يتخذ من الدين ستارا. ويهدف الإصلاح- وهذه هي رسالة الفن- فما هو الخطأ الذي ارتكبه.. اليس هناك أناس يقتلون ويفجرون وينسفون باسم الدين؟ ألم يحدث هذا في مصر نفسها.. وهل كان ينتظر من فنان مثل عادل إمام أن يصفق لهؤلاء؟! * هناك رقابة علي المصنفات الفنية موكول إليها التصريحات الخاصة بالأعمال الفنية وهذه الرقابة الواعية صرحت بالتصوير فما الذي جعل المتزمتين ينكشون ويفتشون في الأعمال القديمة أم أنهم لايجدون مايفعلونه؟ * منذ مئات السنين أعلن العالم الايطالي جاليليو أن الأرض تدور حول الشمس فثار ضده كل رجال الدين وقتها وسجنوه إذ انهم كانوا يعتبرون الأرض ثابتة وبالتالي فهم ثابتون فوقها ومعني دورانها حول الشمس أنهم مهزوزون! هكذا تصورواوثاروا كلهم ضده ولم يحدث عفو له من الكنيسة إلا قريبا بعد أن ثبتت الحقيقة العلمية رغم معارضة ابن باز لها حتي اليوم!! * إن فتح باب قضايا ازدراء الأديان دون تحديد علمي لهذا الازدراء سيدخلنا في نفق طويل مظلم ليسلمنا أخيرا إلي عصر جديد من عصور الظلام يخيم علي عقول المبدعين ويسجنهم في ذواتهم ليموتوا كمدا وانتحارا. * لقد سادت مصر العالم منذ قديم الزمان بحضارتها المسجلة فنيا وسادت العالم العربي بحرية تفكيرها فهل هي مؤامرة علي مصر للفهافي ثوب أسود لاينفذ منه النور؟! ياسادة.. حرية التعبير في أي مجتمع متحضر هي الخط الأحمر الكبير الذي يتوازي مع خط الحرية فالاثنان هما جناحا الطيران في الأفق الواسع المضيء. [email protected]