انتابني شعور بالأمل والتفاؤل لجمعة الأمس 29/8 عكس الكثير مما انتابتهم مشاعر الغضب والقلق والخوف على مستقبل البلاد, وأذكر كل من انتابتهم مشاعر سلبية بأن بلادنا منذ فترة ليست بالبعيدة وتحديدا ما قبل ثورة الياسمين في 25/1/2011 لم نكن لنخطو خطوة للأمام إلا ونعد أدراجنا, لم نكن نملك الشجاعة للتعبير أو التفكير. وعشنا في ديكتاتورية الحاكم التي صنعها زعماؤنا بمنهجهم في الحكم والاستبداد بالسلطة والانفراد بصناعة القرار واستبعاد المفكرين والثوريين لصالح قلة من المنتفعين اللاهثين خلف رداء المال والسلطة وصنع آلة قمع وتعذيب اسمها الشرطة التي لم تكن يوما لخدمتنا بل كانت لخدمة السلطة, وصنعوا هرما طبقيا في الرواتب والأجور بلا وسطية له قمة وله قاع, وملأوا أفكارنا كذبا وتأليفا عن الإنجازات والثورات والبطولات والنجاحات والانتصارات, وأوهمونا بأن العدو على الأبواب, فدقوا طبول الحرب وأجراس الخطر ورفعوا لنا الشعارات فلاصوت يعلوا فوق صوت المعركة. واستبعدوا مفكرينا ومثقفينا من موائد الحوار وتجاهلوا طاقات الشباب وتكررت أخطائهم فلا عجب في ذلك لأنهم صنعوا قانونا لايحاسبهم ودستوراً يمجدهم. ضاعت بأفكارهم هويتنا وماعت قوتنا وضعفت عزائمنا. لذا وعلى طريقة نزار أقول أننا ننشد: جيلاً غاضباً يفلح الآفاق, وينكش التاريخ من جذوره وينكش الفكر من الأعماق, نريد جيلاً مختلف الملامح, لايغفر الأخطاء ولايسامح, لاينحنى لايعرف النفاق, نريد جيلاً رائدا عملاق. ماحدث بالميدان أمس كان حالة صحية لمناخ من الحرية أصبحنا نحياه, المتشائمين حجتهم في تبعثر أفكار القوي السياسية فى الميدان وتعدد الائتلافات والجماعات والحركات, لكن هذه هى السياسة التى لاتتفق ولاتعرف معاهدات بين الأحزاب, وإلا لم نكن لنري فى صراعا في امريكا بين الجمهوريين والديمقراطيين, والعمال والمحافظين فى انجلترا. لكن رغم تفاؤلي إلا أننى ضقت ذرعاً من بعض المغالطات والمسميات التي لاتتناسب وطبيعة الوقت وضاقنى مارأيناه من تناقضات واهتمام اكثر بالشعارات, وأقصد هنا الهوية المصرية التي أخشي عليها من الضياع. فالإسلاميين الذين خرجوا بالامس لم يخرجوا لمطالبات بل خرجوا لإثباتات بعض المسلمات وهو أمر لامحل له من الإعراب. وتوحيد الله لايحتاج ان يكتب على لافتات والحدة والحمأة التي أرادوا بها اثبات من نكون ومن نحن؟ لامنطقية فهى أسئلة فى غنى عن الإجتهاد فى إجابتها وتمثل ثوابت في واقعنا وليس اختلافات فلسفية تستدعي التوتر والظهور علي الشاشات. وإذا كانت الغالبية المصرية تنتمي للإسلام إلا أن هناك آخرون يشتركون معنا في الوطن ولهم كل الحق وكامل الحريات في بلد تحتوينا جميعاً, ولا يحق لجماعة أي كان عددها فرض الوصاية على الوطن حامي كل الجماعات. والهوية سادتي في مفهومها الأخص تعنى بالاسم والشكل والصفات والسلوك والانتماء والحرفة والجنس والثقافة وتتبدل فى الفرد حسب اتصالاته ومواقفه من الآخرين ومواقعه بينهم أى أنها ليست شيئاً ثابتاً بل ديناميكياً متحركاً. والهوية بمفهومها الأعم حينما تصف وطناً فإنها تعني بالميزات المشتركة التي تتجلي في الاشتراك في الأرض, اللغة, التاريخ, الثقافة, الطموح, العادات, الحضارة أما أن تختزل في اللون أو الدين