تنسيق الثانوية العامة 2025 ..شروط التنسيق الداخلي لكلية الآداب جامعة عين شمس    فلكيًا.. موعد إجازة المولد النبوي 2025 في مصر و10 أيام عطلة للموظفين في أغسطس    رسميًا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 1 أغسطس 2025    5 أجهزة كهربائية تتسبب في زيادة استهلاك الكهرباء خلال الصيف.. تعرف عليها    أمازون تسجل نتائج قوية في الربع الثاني وتتوقع مبيعات متواصلة رغم الرسوم    إس إن أوتوموتيف تستحوذ على 3 وكالات للسيارات الصينية في مصر    حظر الأسلحة وتدابير إضافية.. الحكومة السلوفينية تصفع إسرائيل بقرارات نارية (تفاصيل)    ترامب: لا أرى نتائج في غزة.. وما يحدث مفجع وعار    الاتحاد الأوروبى يتوقع "التزامات جمركية" من الولايات المتحدة اليوم الجمعة    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. مستندات المؤامرة.. الإخوان حصلوا على تصريح من دولة الاحتلال للتظاهر ضد مصر.. ومشرعون ديمقراطيون: شركات أمنية أمريكية متورطة فى قتل أهل غزة    مجلس أمناء الحوار الوطنى: "إخوان تل أبيب" متحالفون مع الاحتلال    حماس تدعو لتصعيد الحراك العالمي ضد إبادة وتجويع غزة    كتائب القسام: تدمير دبابة ميركافا لجيش الاحتلال شمال جباليا    عرضان يهددان نجم الأهلي بالرحيل.. إعلامي يكشف التفاصيل    لوهافر عن التعاقد مع نجم الأهلي: «نعاني من أزمة مالية»    محمد إسماعيل يتألق والجزيرى يسجل.. كواليس ودية الزمالك وغزل المحلة    النصر يطير إلى البرتغال بقيادة رونالدو وفيليكس    الدوري الإسباني يرفض تأجيل مباراة ريال مدريد أوساسونا    المصري يفوز على هلال الرياضي التونسي وديًا    انخفاض درجات الحرارة ورياح.. بيان هام من الأرصاد يكشف طقس الساعات المقبلة    عملت في منزل عصام الحضري.. 14 معلومة عن البلوجر «أم مكة» بعد القبض عليها    بعد التصالح وسداد المبالغ المالية.. إخلاء سبيل المتهمين في قضية فساد وزارة التموين    حبس المتهم بطعن زوجته داخل المحكمة بسبب قضية خلع في الإسكندرية    ضياء رشوان: إسرائيل ترتكب جرائم حرب والمتظاهرون ضد مصر جزء من مخطط خبيث    عمرو مهدي: أحببت تجسيد شخصية ألب أرسلان رغم كونها ضيف شرف فى "الحشاشين"    عضو اللجنة العليا بالمهرجان القومي للمسرح يهاجم محيي إسماعيل: احترمناك فأسأت    محيي إسماعيل: تكريم المهرجان القومي للمسرح معجبنيش.. لازم أخذ فلوس وجائزة تشبه الأوسكار    مي فاروق تطرح "أنا اللي مشيت" على "يوتيوب" (فيديو)    تكريم أوائل الشهادات العامة والأزهرية والفنية في بني سويف تقديرا لتفوقهم    تمهيدا لدخولها الخدمة.. تعليمات بسرعة الانتهاء من مشروع محطة رفع صرف صحي الرغامة البلد في أسوان    النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بعدد من مدارس التعليم الفني ب الشرقية (الأماكن)    الزمالك يهزم غزل المحلة 2-1 استعدادًا لانطلاقة بطولة الدوري    اصطدام قطار برصيف محطة السنطة وتوقف حركة القطارات    موندو ديبورتيفو: نيكولاس جاكسون مرشح للانتقال إلى برشلونة    مجلس الشيوخ 2025.. "الوطنية للانتخابات": الاقتراع في دول النزاعات كالسودان سيبدأ من التاسعة صباحا وحتى السادسة مساء    «إيجاس» توقع مع «إيني» و«بي بي» اتفاقية حفر بئر استكشافي بالبحر المتوسط    مجلس الوزراء : السندات المصرية فى الأسواق الدولية تحقق أداء جيدا    فتح باب التقدم للوظائف الإشرافية بتعليم المنيا    رئيس جامعة بنها يصدر عددًا من القرارات والتكليفات الجديدة    أحمد كريمة يحسم الجدل: "القايمة" ليست حرامًا.. والخطأ في تحويلها إلى سجن للزوج    فوائد شرب القرفة قبل النوم.. عادات بسيطة لصحة أفضل    متى يتناول الرضيع شوربة الخضار؟    تكريم ذوي الهمم بالصلعا في سوهاج.. مصحف ناطق و3 رحلات عمرة (صور)    حركة فتح ل"إكسترا نيوز": ندرك دور مصر المركزى فى المنطقة وليس فقط تجاه القضية الفلسطينية    أمين الفتوى يوضح أسباب إهمال الطفل للصلاة وسبل العلاج    الداخلية: مصرع عنصر إجرامي شديد الخطورة خلال مداهمة أمنية بالطالبية    الإفتاء توضح كفارة عدم القدرة على الوفاء بالنذر    الشيخ خالد الجندى: من يرحم زوجته أو زوجها فى الحر الشديد له أجر عظيم عند الله    الوطنية للصلب تحصل على موافقة لإقامة مشروع لإنتاج البيليت بطاقة 1.5 مليون طن سنويا    وزير الخارجية الفرنسي: منظومة مساعدات مؤسسة غزة الإنسانية مخزية    ممر شرفى لوداع لوكيل وزارة الصحة بالشرقية السابق    رئيس جامعة بنها يشهد المؤتمر الطلابي الثالث لكلية الطب البشرى    حملة «100 يوم صحة»: تقديم 23 مليونًا و504 آلاف خدمة طبية خلال 15 يوماً    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل برنامج التصميم الداخلي الإيكولوجي ب "فنون تطبيقية" حلوان    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    طارق الشناوي: لطفي لبيب لم يكن مجرد ممثل موهوب بل إنسان وطني قاتل على الجبهة.. فيديو    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 31-7-2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فجوة جيلية‏:‏أبعاد الأزمة بين شباب الإخوان وقيادات الجماعة بعد الثورة

منذ أكثر من ثمانية عقود وجماعة الإخوان المسلمين تتعامل مع واقع سياسي محتدم بمتغيرات معقدة فرضت عليها أن تعلي
من أهمية التنظيم الداخلي‏.‏ فمع ظهور الجماعة علي يد حسن البنا عام‏1928‏ وتقديمها لرؤية يتداخل فيها الديني والسياسي‏,‏ وجد الرعيل الأول من الجماعة أن القيادات الحاكمة وقتها ترفض وجودها ومنازعتها علي الشارع السياسي‏,‏ وبالتالي أعطيت الأولوية للحفاظ علي تماسك التنظيم بالصورة التي تمكن الجماعة من تلقي ضربات القيادات الحاكمة التي توالت علي حكم مصر‏.‏ وأثناء مراحل الشد والجذب بين الجماعة وحكام مصر‏,‏ كانت الضغوط الخارجية تمثل الهاجس الحقيقي أمام الجماعة فهي تتعامل بمنطق رد الفعل حيث تكيف أوضاعها مع النظام القائم وتتحرك وفقا للمساحات المسموح بها‏,‏ وبمرور الزمن‏,‏ بدا أن الخارج ليس هو العامل الوحيد في المعادلة‏,‏ إذ أن الداخل مثل عبئا آخر علي الجماعة‏,‏ حيث طفت علي السطح بعض المشكلات الداخلية‏,‏ كان أبرزها تمرد عدد من قادة النظام الخاص علي المرشد الثاني حسن الهضيبي‏.‏
وخلال فترة التسعينيات‏,‏ خرج أعضاء من الجماعة لتشكيل حزب الوسط‏.‏
وهكذا‏,‏ كانت الجماعة تشهد بين الحين والآخر أزمات داخلية قد لا تكون مؤثرة في تماسك التنظيم‏,‏ ولكنها علي أقل تقدير أسقطت فرضية أن الجماعة عصية علي الانشقاقات‏.‏
ومع اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير‏2011‏ والإطاحة بنظام مبارك‏,‏ بدأت الانشقاقات داخل الجماعة تلوح في الأفق مجددا‏,‏ بحيث لم تعد قادرة علي إخفاء انقساماتها الداخلية‏,‏ بعد بزوغ عدة خلافات بين جيل الشباب والجيل القديم‏.‏ كان أخرها أزمة ترشيح الجماعة لخيرت الشاطر في انتخابات الرئاسة‏,‏ الأمر الذي اتضح أنه يواجه موجة اعتراضات من جانب قطاع من الشباب‏,‏ مما أثار عدة تساؤلات حول مستقبل الإخوان المسلمين وعلاقة الأجيال داخلها‏.‏
شباب الإخوان‏..‏ سلسلة من الأزمات
ظهرت داخل جماعة الإخوان خلال السنوات الأخيرة حالة أشبه ما تكون بالاصطفاف بين تيارات متباينة يمكن تصنيفها لثلاثة تيارات رئيسية‏.‏ يمثل التيار الأول التوجه المحافظ‏,‏ الذي يسيطر بصورة كبيرة علي مكتب الإرشاد والمكاتب المحلية‏,‏ ويستمد نفوذه من السيطرة علي العمليات الإدارية والبيروقراطية داخل الجماعة‏,‏ ويولي أهمية للحفاظ علي التنظيم وتأكيد مبدأ السمع والطاعة‏.‏
بينما يشكل التيار الثاني الاتجاه المحافظ البراجماتي‏,‏ الذي يجمع بين الالتزام الديني والطابع المحافظ مع الإيمان بقيمة المشاركة‏,‏ فيما يوصف التيار الثالث بالإصلاحي‏,‏ وهو يدعم فكرة التجديد الديني والبحث عن تفسيرات غير تقليدية للدين والانفتاح السياسي‏.‏
وبمرور الوقت‏,‏ تداخلت مع فكرة التيارات الفكرية المتباينة فكرة التمايز الجيلي داخل صفوف الجماعة لتضفي المزيد من التشابك‏.‏ فعشية ثورة يناير‏2011,‏ بدا ان المجتمع المصري يشهد حالة من الجائز وصفها بصدمة الأجيال‏,‏ حيث اكتشف المجتمع أن هناك جيلا من الشباب له فكره الخاص ورؤيته المتميزة‏,‏ ويرغب في تغيير الأوضاع بخلاف رؤية جيل الآباء الأكبر سنا والأكثر حظا في السيطرة علي المناصب القيادية داخل الدولة‏.‏ وسرعان ما انتقلت هذه الفكرة إلي جميع جنبات المجتمع‏,‏ بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين‏,‏ حيث بدا أن ثمة هوة تفصل بين جيل الشباب والجيل القديم أفرزتها سلسلة الأزمات التي نشبت بين الطرفين‏.‏ وتتلخص في ثلاث قضايا رئيسية‏:‏
الاشتراك في الثورة‏:‏ فقد قوبلت الدعوة إلي التظاهرات في‏25‏ يناير‏2011‏ بالرفض الرسمي من جانب الجماعة وهو ما اعترض عليه قطاع واسع من شباب الجماعة وقرروا المشاركة بمنأي عن الموقف الرسمي‏.‏ وبالرغم من التحاق الجماعة رسميا بعد ذلك بالثورة‏,‏ فإن هذا الموقف كشف عن خلاف واضح بين الطرفين‏.‏
مليونيات التحرير‏:‏ مع رحيل مبارك‏,‏ لم تكن الثورة قد حققت جميع مطالبها‏,‏ ومن ثم أصبحت المليونيات بميدان التحرير وسيلة للتعبير عن تلك المطالب‏.‏ وقد شكلت
المشاركة في هذه المليونيات عبئا داخليا علي الجماعة إذ أن قراراتها كانت في بعض الأحيان تأتي مخالفة لهوي غالبية شباب الإخوان الذين شاركوا في الثورة منذ ميلادها‏,‏ وأرادوا إكمال مسيرتها‏.‏
وهكذا‏,‏بدت الصورة مفعمة بالتناقض‏,‏ فالجماعة رسميا تتغيب عن بعض الميلونيات‏,‏ في حين يحضر الشباب‏,‏ وتزايد هذا التناقض مع أحداث محمد محمود إبان شهر نوفمبر الماضي‏,‏ فالجماعة تغيبت رسميا عن المعتصمين في الميدان وحضر شبابها الذي وجد نفسه أمام معضلة حقيقية‏,‏ وخصوصا أنه أصبح مطالبا باستحقاقات عدة ومتباينة في آن واحد‏,‏ فعليه التزام بالاستماع للقيادات تطبيقا لمبدأ الطاعة والتراتبية القيادية‏,‏ وعطفا علي هذاو فإن المخالفة تعني التعرض لقرارات قاسية وصلت للفصل‏,‏ كما أنه مطالب باستكمال مسيرة الثورة بل والدفاع عن قرارات التنظيم بعدم المشاركة أمام أتباع التيارات الأخري في الميدان الترشح للرئاسة‏:‏جاءت قضية الترشح لانتخابات الرئاسة لتمثل نقطة تفجر حقيقية داخل الجماعة‏,‏ فبعد أن قررت الجماعة عدم ترشيح أي من أعضائها للانتخابات الرئاسية‏,‏ خرج عبد المنعم أبو الفتوح ليعلن ترشيحه للانتخابات متحديا بذلك قرار الجماعة وكان رد فعل القيادات عزل أبوالفتوح من الجماعة‏,‏ وتوعد أي شخص يدعمه بالتحقيق والفصل من الجماعة‏,‏ وبالتالي اتسعت مساحة الاختلاف بين جيل الشباب والجيل القديم‏,‏ ولاسيما مع مايحظي به أبو الفتوح من قبول لدي قطاع واسع من جيل الشباب وهكذا استمر التوتر داخل الجماعة لتخرج بعض الأصوات من داخل مجلس شوري الجماعة تطالبه بترشيح خيرت الشاطر مما أدي إلي المزيد من التأزم ونظمت مجموعة من الشباب أطلقت علي نفسها صيحة إخوانية وقفة احتجاجية أمام المركز العام للجماعة‏,‏ اعتراضا علي هذا الأمر ومع الإعلان الرسمي عن ترشيح المهندس خيرت الشاطر لانتخابات الرئاسة دخلت العلاقة بين الطرفين سياقا جديدا‏,‏ أهم معالمه غياب الثقة من جانب الشباب في قيادات الإخوان لأمرين رئيسيين‏,‏ أولهما الأزمة الأخلاقية التي وقعت فيها الجماعة‏,‏ فهي اتخذت القرار باديء الأمر بعدم ترشيح أي من أعضائها لانتخابات الرئاسة‏,‏ ثم تراجعت عن هذا القرار‏,‏ بما يعني أنها تخلت عن أحد مبادئها التي ترفعها دوما مشاركة لامغالبة والأمر الثاني أن قرار فصل أبو الفتوح وفريق ممن أيدوه لم يكن له مايبرره‏,‏ إذ يبدو هذا الموقف المتشدد غير مستند لاعتبارات موضوعية‏.‏
الإصلاح من الداخل أم من الخارج؟
يمثل جيل الشباب الذين التحقوا بالجماعة خلال حقبة التسعينيات‏,‏ وتتراوح أعمارهم بين العشرينيات والثلاثينيات‏,‏ ويتصف بعدد من السمات فهو من ناحية‏,‏ يخضع لمناهج التربية المطبقة في الجماعة‏,‏ ولكنه في الوقت ذاته أكثر انفتاحا علي ثقافات متعددة تبدأ من الليبرالية وتنتهي عند السلفية فهو تيار أكثر قدرة علي التعامل مع الفضاء الإلكتروني وتوظيف التكنولوجيا الحديثة في التعامل مع الواقع بشتي معطياته‏.‏
وعقب الثورة‏,‏ اتضح أن هناك خلافات داخل جيل الشباب ذاته فهناك من لايزال يسير في ركاب الجيل القديم‏,‏ ولكن في الوقت ذاته هناك قطاع واسع من الجيل وهو موضع التحليل اختلت مفاهيمه ومدركاته تجاه الجماعة ورأي أن شرطي السن والخبرة كمتطلبين للعضوية في مكتب الإرشاد ومجلس الشوري من القيود غير المستساغة‏,‏ لاسيما أنهم توقعوا إعطاءهم دورا أكبر في مراكز صنع القرار بعد الثورة‏,‏ يضاف الي ذلك أن مبدأ السمع والطاعة لم يعد مقبولا في كثير من القضايا الخلافية‏.‏ هذه الاختلافات أوجدت أثرا عميقا في العلاقة بين هذا القطاع من الجيل والأجيال القديمة‏,‏ لاسيما الموصوفة منها بالمحافظة ومع سلسلة الأزمات التي أمست طابع العلاقة بين الطرفين‏,‏أصبح من الواضح أننا أمام توجهين‏.‏
أولهما يري أن الإصلاح يتم عبر الخروج من عباءة الإخوان‏,‏ حيث لجأ هذا التيار الي الانضمام لأحزاب سياسية أخري وتشكيل احزاب جديدة‏,‏ يأتي في مقدمتها حزب التيار المصري وفي هذا السياق‏,‏ قال معاذ عبد الكريم أحد شباب الجماعة المؤسسين للحزب مشاركتنا في التيار المصري اضطرارية بعدما يئسنا من تحقيق الإصلاح من داخل الجماعة‏,‏ فللمرحلة الحالية متطلبات لايفي بها الحزب الجديد للجماعة واقتراحنا في البداية تأسيس أكثر من حزب يعبر عن الجماعة‏,‏ لكن اقترحنا قوبل بالرفض‏.‏
فقد وجد هذا التيار أن الخلافات السياسية مع الجماعة وصلت لدرجة لم يعد من الممكن معها الاستمرار‏,‏ خاصة مع تأسيس حزب الحرية والعدالة‏,‏ والذي نظر إليه من جانبهم علي أنه وسيلة من قبل مكتب الإرشاد لفرض توجهاته‏.‏
ثانيهما‏:‏ تبني نهج الإصلاح من الداخل والتناصح الداخلي كوسيلة للتقويم‏,‏ وقد ظهرت إرهاصاته عقب الثورة عبر إطلاق عدد من المبادرات‏,‏ منها مبادرة فقوموني للتعبير عن الرفض لممارسات الجماعة الإعلامية والمطالبة بالإصلاح ومع تأزم الأوضاع علي خلفية قضية الرئاسة‏,‏ نظمت مجموعة من الشباب عرفت إعلاميا ب صيحة اخوانية وقفة احتجاجية امام المركز العام للجماعة اعتراضا علي تراجع التنظيم عن قراره السابق بعدم الترشح للرئاسة وأخيرا أصدرت المجموعة بيانات بعنوان وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم للتعبير عن رفضها لتوجهات الجماعة‏.‏
مستقبل العلاقة بين الجماعة وجيل الشباب
أفضت ثورة يناير إلي العديد من التغيرات علي الساحة السياسية المصرية‏,‏ كان الجانب الأبرز منها علي صعيد جماعة الإخوان المسلمين‏,‏ فقد باتت القوة الأكثر نفوذا‏,‏ ولكن هذا الأمر كانت له ضريبته فخوض غمار السياسة أدي لخلافات داخلية واضحة‏,‏ كان الطرف الأهم فيها جيل الشباب‏,‏ وهو ما جعل مستقبل العلاقة بين الجيل القديم وجيل الشباب مرهونا بسيناريوهين‏:‏
الأول‏:‏ البحث عن مساحة مشتركة للتعايش بين اجيال الجماعة‏,‏ بحيث يكون هناك توافق حول القضايا الرئيسية‏,‏ مع وجود خلافات محدودة تحول دون حدوث انشقاقات كبري في الجماعة‏,‏ ويصبح الكيان الأكبر متماسكا‏,‏ وخصوصا ان جيل الشباب ليس جله علي خلاف مع القيادات إذ أن هناك البعض لا يزال ضمن منظومة السمع والطاعة أما السيناريو الثاني‏,‏ فهو استمرار الخلافات بين الأعضاء‏,‏ وبالتالي تسارع وتيرة الانشقاقات داخل صفوف التنظيم بصورة تفقده تماسكه‏.‏ ويعد السيناريو الأول الأكثر ترجيحا مع الأخذ في الحسبان عدد من الاعتبارات سيكون تعامل الجماعة معها مؤشرا لما ستئول اليه الأوضاع‏,‏
أولا‏)‏ حدوث الخلافات داخل الجماعة يرجع بالأساس إلي الجانب السياسي وليس الدعوي وعطفا علي هذا‏,‏ فإن تأسيس حزب الحرية والعدالة اعتبر‏,‏ ولو نظريا‏,‏ بمثابة محاولة من الجماعة لإحداث استقلالية لنشاطها السياسي ولكن واقع ما بعد الثورة اثبت العكس‏,‏ فالجماعة تتخذ قراراتها السياسية بنفسها وليس من خلال الحزب‏,‏ وهو الأمر الذي أفسح المجال نحو المزيد من الانشقاقات داخل الجماعة ذاتها إذ ان التقديرات السياسية تحتمل التعدد في وجهات النظر‏,‏ وبالتالي فقد أوجد هذا السياق حالة ملتبسة فبدلا من ان تصدر الجماعة الخلافات السياسية إلي الحزب‏,‏ احتفظت لنفسها بالدور السياسي ليكون بمثابة عبء داخلي يدفع نحو الاختلافات‏.‏
ثانيا‏)‏ بدأت قيمة تماسك التنظيم الداخلي والتراتبية داخل التنظيم المستندة لفكرة الطاعة تتعرض لبعض الإشكاليات فخلال العقود الماضية ومع التعرض لضغوط شديدة من النظم الحاكمة‏,‏ كان لزاما علي الأعضاء إعلاء قيمة التنظيم والتغاضي عن القرارات التي قد لا ترضي البعض ولكن بعد الثورة وبزوغ الجماعة كقوة اساسية‏,‏ سقطت معظم التبريرات التي كانت تساق في معرض الدفاع عن بعض القرارات‏.‏
ثالثا‏)‏ بمرور الوقت وفي حال استمرت مواقف القيادات‏(‏ الجيل القديم‏)‏ تجاه الشباب‏,‏ فقد تجد الجماعة نفسها معرضة للمزيد من الانشقاقات وفقدان نسبة كبيرة من القواعد الشبابية التي تعتمد عليها بصورة رئيسية في مواقع عدة‏,‏ أهمها الجامعات وبالتالي يمكن ان تتعرض بعض المواقع لانتكاسات‏,‏ نظرا لفقدانها كوادرها‏.‏
وستكون هناك إشكالية في استقطاب عناصر جديدة وحتي لو تم التغلب علي هذه الاشكالية‏,‏ فستكون الأجيال الجديدة ليست علي نفس الدرجة من الولاء لمشروع الإخوان‏,‏ وسيكون انضمامها‏,‏ سواء للجماعة أو الحزب‏,‏ من منظور منفعي براجماتي‏.‏
رابعا‏)‏ ترشيح الجماعة رسميا للمهندس خيرت الشاطر في الانتخابات الرئاسية ستكون له انعكاسات علي مستقبل الجماعة فالقرار قوبل برفض قطاع من الأعضاء‏,‏ عبرت عنه طريقة اتخاذ القرار‏,‏ الذي حظي بتأييد‏56‏ من أعضاء مجلس شوري الجماعة مقابل‏52‏ عضوا‏,‏ وهو ما يجعلنا إزاء ثلاثة احتمالات‏,‏ أولها‏:‏ فوز خيرت الشاطر في الانتخابات‏,‏ وهنا يبدو التنظيم اكثر تماسكا ويخفت الأصوات المعارضة داخليا‏,‏ بما في ذلك المعبرة عن جيل الشباب‏.‏
أما الاحتمال الثاني‏,‏ فهو فوز عبدالمنعم أبو الفتوح‏,‏ مما يجعل الصورة اكثر تعقيدا في الداخل فحينها سيبدو التنظيم قد فقد الكثير من تماسكه بالتزامن مع تزايد حدة الأصوات المعارضة وتنامي الانشقاقات‏,‏ لا سيما مع ما يحظي به أبو الفتوح من دعم قطاع واسع من جيل الشباب‏,‏ فضلا عن قيادات من الجيل القديم فيما يشير الاحتمال الثالث إلي فوز احد المرشحين الآخرين بما يدفع نحو إضعاف التنظيم بصورة أكبر‏,‏ إذ أن الجماعة ستخسر أحد مقوماتها التي كانت تعول عليها‏,‏ وهي انها قادرة علي انجاح أي مرشح عبر تنظيم متماسك يستطيع الحشد والتعبئة‏.‏
خامسا‏:‏ نجاح الشباب الذين تركوا الجماعة واشتركوا في أحزاب أخري‏,‏ ولاسيما حزب التيار المصري في اكتساب شعبية سيمثل عنصرا داعما لمزيد من الانشقاقات الداخلية‏,‏ خاصة في حال عدم تمكن الشباب داخل التنظيم من تحقيق ما يصبون إليه من الإصلاح الداخلي‏.‏
خلاصة القول إن الخلافات بين جيل الشباب والجيل القديم لا تعني القطيعة التامة بين الطرفين‏,‏ فهناك بعض القوي المحسوبة علي الجيل القديم أعلنت رفضها لسياسة الاخوان بعد الثورة‏,‏ ومنهم ابراهيم الزعفراني الذي استقال من الجماعة‏,‏ وأسس حزب النهضة‏,‏ وتلك الحقيقة تفرض علي الجماعة تحديات تجعلها تبحث عن حلول توافقية‏,‏ حفاظا علي تماسك التنظيم‏,‏ وتقلل من حدة الانقسامات‏,‏ إذ أن الاستمرار علي النهج نفسه سيخلف علي المدي البعيد جراحا عميقة في جسد الجماعة‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.