محافظ الشرقية يُشيد بمجهودات الوحدة العامة لحماية الطفل    الذهب ينخفض بشكل مفاجئ بأكثر من 90 دولارًا.. وعيار 21 يسجل 6035 جنيهًا    رئيس الوزراء يستعرض مع رئيس الهيئة الوطنية للإعلام خطوات الإصلاح الهيكلي ورفع الكفاءة    النادي المصري ينعى الكابتن صابر عيد نجم نادي غزل المحلة السابق    الأرصاد تحذر من برق ورعد ورياح نشطة واستمرار الأمطار على عدة مناطق    الاتحاد الدولي للسكري يعترف رسميًا بالنوع الخامس من مرض السكري    جيلبرتو: أشجع منتخب مصر من كل قلبي وأتمناهم في النهائي    الصين تعلن معارضتها بشدة لاعتراف إسرائيل بإقليم أرض الصومال    رئيس المنطقة الأزهرية بكفر الشيخ يتابع امتحانات أولى وثانية ثانوى بمعاهد الرياض    مراد مكرم يطرح أغنية جديدة في 2026: التمثيل عشقي الأول والأخير    الأزهر ينتقد استضافة المنجمين والعرافين في الإعلام: مجرد سماعهم مع عدم تصديقهم إثم ومعصية لله    حصاد 2025 في قطاع التعليم بأسيوط.. مدارس جديدة وتطوير شامل للبنية التحتية وتوسعات لاستيعاب الزيادة الطلابية    وزير الصحة يستقبل نظيره التركي بمطار القاهرة الدولي    وزارة السياحة الفلبينية: المنتدى المقبل للآسيان فرصة لمناقشة استدامة السياحة وتحقيق التعاون الإقليمي    رئيس جامعة المنوفية يتفقد امتحانات كلية الحاسبات والمعلومات    مصر تفوز بعضوية مجلس المنظمة البحرية الدولية 2026/ 2027 (إنفوجراف)    ذا بيست - دبي تستضيف حفل جوائز الأفضل في 2026    موقف أحمد سليمان من أزمة محمود بنتايج والزمالك    طاهر أبوزيد: مكاسب حسام حسن مع المنتخب إنجاز رغم الظروف.. والمرحلة المقبلة أصعب    "الوزير" يلتقي وزراء الاقتصاد والمالية والصناعة والزراعة والمياه والصيد البحري والتربية الحيوانية والتجارة والسياحة في جيبوتي    ماذا بعد انضمام أوكرانيا لتدريبات الدفاع الجماعي في الناتو؟    إصابة 8 أشخاص في تصادم سيارتين بالقناطر الخيرية    إحالة ربة منزل للمفتي بعد قتلها زوجها وابن شقيقه في كفر شكر    وزير الخارجية يهنئ رئيس الجمهورية بمناسبة العام الميلادي الجديد    تعرف على موعد ومكان عزاء عازف العود هشام عصام    إطلاق وتنفيذ أكثر من 20 مبادرة ثقافية ومجتمعية لدعم القراءة وبناء الوعي    أحمد عدوية.. أيقونة الأغنية الشعبية في ذكرى رحيله الأولى    "دورة محمد جبريل".. الثقافة تكشف تفاصيل مؤتمر أدباء مصر في العريش    الاحتلال ينفذ عمليات نسف للمباني شرق خان يونس ورفح جنوبي قطاع غزة    زيلينسكي: خطة السلام تضع تصورًا لضمانات أمنية أمريكية لمدة 15 عامًا    تايلاند وكمبوديا تتفقان على ترسيخ وقف إطلاق النار وإعادة بناء الثقة السياسية المتبادلة    وزير الخارجية يؤكد دعم مصر لتعزيز منظومة الصحة والأمن الدوائي في أفريقيا (صور)    محافظ قنا ينعى المستشارة سهام صبري رئيس لجنة انتخابية توفيت في حادث سير    عراقيل إسرائيل أمام الانتقال للمرحلة الثانية    وزارة التضامن الاجتماعى تقر تعديل قيد جمعيتين في محافظتي القليوبية وكفر الشيخ    عاجل- مدبولي يترأس اجتماعًا لتطوير الهيئات الاقتصادية وتعزيز أداء الإعلام الوطني    محافظ الإسكندرية يوجه برفع درجة الاستعدادات للتعامل مع موجة الطقس غير المستقر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    ضبط متهم بالتحرش بالطالبات بعد تداول منشور على مواقع التواصل    انتشال جثتين من ضحايا حادث غرق 3 أشخاص بترعة المريوطية فى البدرشين    وزير العمل يفتتح المقر الجديد للنقابة العامة للعاملين بالنقل البري    وزير الخارجية يؤكد دعم مصر لتعزيز منظومة الصحة والأمن الدوائي في إفريقيا    السينمات المصرية على موعد مع فيلم «الملحد» نهاية ديسمبر    «الوطنية للانتخابات» توضح إجراءات التعامل مع الشكاوى خلال جولة الإعادة    برودة وصقيع.. تفاصيل طقس الأقصر اليوم    وزير التموين ومحافظ الجيزة يفتتحان سوق اليوم الواحد فى شارع فيصل.. صور    مناورات صينية واسعة تطوّق تايوان    أشرف صبحي يناقش ربط الاتحادات إلكترونيا وتعزيز الحوكمة الرياضية    قطرات الأنف.. كيف يؤثر الاستخدام المتكرر على التنفس الطبيعي    متحدث الوزراء: الحكومة تحاول تقديم أفضل الخدمات لمحدودي ومتوسطي الدخل وفق الموارد المتاحة    حمو بيكا ينعي دقدق وتصدر اسمه تريند جوجل... الوسط الفني في صدمة وحزن    مباحث العبور تستمع لأقوال شهود العيان لكشف ملابسات حريق مخزن كراتين البيض    يحيى حسن: التحولات البسيطة تفكك ألغاز التاريخ بين الواقع والافتراض    بشير التابعى: توروب لا يمتلك فكرا تدريبيا واضحا    ما هو فضل الدعاء وقت الفجر؟    لا رب لهذه الأسرة    الأزهر للفتوي: ادعاء معرفة الغيب والتنبؤ بالمستقبل ممارسات تخالف صحيح الدين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رؤية نقدية‏:‏
سريالية المشهد وغرائبية الفعل في ديوان هزيمتين وأوصل

عن سلسلة إبداعات بالهيئة المصرية العامة للكتاب‏,‏ صدر للشاعر المصري إبراهيم رفاعي ديوانه الثاني‏''‏ هزيمتين وأوصل‏''‏ كي تتضح تجربته الشعرية والتي أشرت من قبل لها خاصة في ديوانه الأول‏''‏ قلب أراجوز‏''‏.
وقد اتضحت ملامح قصيدته في هذا الديوان والذي أري أنه قفزة عالية عن ديوانه السابق‏,‏ فقصيدته أصبحت تمسك بالحكاية دون ادعاء وصور مهزوزة لا يجمعها رابط‏,‏ وأمست تطرح فلسفة واضحة مستمدة من واقع مرير ولا تخلو من إيقاع موسيقي حر ومن معرفة ببحور الشعر‏.‏
وامتازت بتحررها دون تشظ‏,‏ بل قبضت علي لحظات منسية في عمر الإنسان‏.‏
إن تلقائية الكلمة هي إحدي سمات هذا الديوان‏,‏ بل هي تلقائية سرد شعري غارق في بحور العامية المصرية والتي من إحدي خصائصها‏:‏ أنها دائما في طور النمو والتحور‏,‏ حيث أنها تتشكل مع كل حالة سرد مزخرف بعبارات شعبية وريفية حولها الواقع إلي رؤية سوريالية تلخص في إطار واضح حالة الشاعر‏.‏
وإذا كان عنوان هذا الديوان عنوانا إنهزاميا فإنه أيضا يساهم في رسم صورة ضبابية من الممكن أن تقبلها كحلم أو كهذيان أو كسخرية من واقع هزمته الأحداث‏,‏ وبطل هذا الديوان استمد بطولته علي غير العادة من تعدد هزائمه‏,‏ فهي إما هزائم في ماضيه‏,‏ وإما هزائم توارثها من سلفه‏,‏ كصورة جده التي رآها تضحك في قصيدة‏(‏ روح للشتا‏)‏ وإذا كنت قد أشرت إلي سريالية المشهد وغرائبية الفعل فأيضا لا تتعجب أن يستمد بطل‏,‏ بطولته من هزائمه‏.‏
فالبطولة هنا ليست فروسية يلوح صاحبها بسيفه متحديا الواقع الفج ولكن البطولة هنا بطولة في تمكنه الصلد من اختراق مشاعرك وبراعة التعبير بمفردات شبه مهملة عما أثقل هذا الواقع بهموم حياتيه تلخص معني الحياة‏.‏
فالبطل هو طائر صغير يري العالم من عل‏,‏ وهو نملة تري من حولها وكأنهم عمالقة سيسحقونها‏.‏
وإذا رأي صورته في مرآة يري كل العالم يتآمر لهزيمته‏.‏
إن عنوان الديوان له دلالة صارمة في مضمونه فهو في معناه الظاهري يقول‏:‏ أن كيفية الوصول لتحقيق الحلم لا يحدث إلا بكثرة الهزائم وأيضا يشير لك أن الوصول مرتبط ارتباطا كليا بالهزائم أو بالأحري من الممكن أن تحصي عدد الهزائم التي لا بد من اختراقها كي تصل‏.‏
وإذا كان الشاعر قد حرر الصورة من أثر الواقع لتسهل عليه التعبير عما حققه من هزائم‏,‏ فإنه بذلك قد أعطي لصورته أكثر من بعد‏,‏ بل إن صورته السريالية هذه ورغم تحررها من قواعد التشكيل الصارمة إلا أنها اتسمت باحتوائها عدة مناظير متشابكة ومتعانقة ولا تخلو من مفردات وعناصر بيئية بسيطة تسربلت وتشظت لتسهل ترجمتها وترجمة الواقع الانهزامي الذي تصدر الغلاف‏,‏ ولا يقف الديوان عند حد تسربل الصورة فقط ولكنه قد حرك العناصر الساكنة بغرائبية الفعل لا تلبث إلا أن تصدقه كي يكمل السرد مثل‏(‏ كل صوابعي الشمع حوالين منها اتقادت‏)‏ وذلك في قصيدة‏''‏ المولد‏'',‏ ومثل‏(‏ بيعبي أحلامه الميته في شيكارة تحت بير السلم‏)‏ وذلك في قصيدة‏''‏ إزاي هتطلع شبهي‏''‏ وورد الشتا قرر فجأة ما يبقاش خواف‏''‏ في نفس القصيدة‏''.‏
وما تتسم به معظم قصائد الديوان هو حركة الصورة ومرافقتها للفعل وتحورها مع كل حالة لتعطي لك مشهديه درامية تجعل القصيدة أقرب للحكاية‏,‏ فأصبح لها بداية وسرد وصورة متحركة تصل بك إلي نهاية‏,‏ وقد أضفت علي القصيدة أيضا أحد أهم العناصر ألا وهو التشويق وذلك مصحوبا بإيقاع موسيقي خافت بكل الإطار‏.‏
ولأن كتابة قصيدة عامية هي مراهنة وعلي الشاعر أن يبحث عن كل الحيل ليصدقه المتلقي‏,‏ والذي بدوره لا ينفصل مطلقا عن مفرداته وكلماته فهو ينطق ويتحدث بنفس كلام القصيدة فهو إما أن تأسره ويقف مشدوها متعجبا من استخدامك ألفاظه وعباراته ووضعها في سطر شعري يهز وجدانه وإما أن ينفر من استخدامك السييء لكلماته ووضعك لها بشكل ساذج أقرب إلي كلمات ممسوخة ولكي يحل الشاعر أزمة القصيدة والتي أراها بالفعل مراهنة لجأ إلي الصورة بكل تقنياتها‏,‏ ثم إلي الحلم كي يتحرر من واقعية المشهد وليظهر فلسفته‏,‏ ثم إلي غرائبية الفعل‏,‏ والذي دائما تحيل هذه الغرائبية إلي الحلم أو إلي بطل القصيدة‏,‏ والذي دائما ما يدشن الشاعر لك أنه خرج عن الوعي وانفصل عن الواقع ويبحث عن بدائل متخيلة تحل له أزمته ولو بشكل مؤقت فيحاور الشجر والبحر والسماء والرصيف والبراويز والحقول بلغة معاتبة أو مصاحبة أو بكائية‏.‏
ولم يلجأ مطلقا إلي لغة التحدي الجامدة فهو كما اتفقنا جنح إلي الانهزام الذي صنع منه بطولاته‏,‏ ولا أخفي سرا أنها معادلة يصعب علي المتلقي تصديقها إلا إذا آمن بقدرية الحياة والتي نادرا ما تحن علي الضعفاء‏,‏ أو أنه ركن إلي غالبية العوام‏.‏
إن الأغلب منهم والأعم ينتمي إلي الانهزام لا إلي البطولات ومن منهم لا توجد في سيرته هزائم‏,‏ ولكن الوصول في الديوان هو وصول مبني علي قناعة البطل بما حققه من أحلاما‏,‏ وقد تكون هذه الأحلام في حقيقتها أحلام بسيطة مهمشة لا ترقي أصلا لمستوي الحلم بأمنياته الشاردة والتي تصل إلي حد استحالة تصديقها‏,‏ ولكن حلمه ينتمي إلي البحث عن نمو وانطلاق الروح‏,‏ وعن النفس التي تتراكم بفعل التراكيب الحياتية‏,‏ وقد استأنس الأشياء من حوله‏,‏ وحاورها‏,‏ وصادقها‏,‏ وغضب منها‏,‏ ولم يكن منظرا إنما هو متماش مع مفرداته وعناصره كعقيدة خيط في كليم منسوجة عليه صورة لا تخلو من كل مفردات البيئة الشعبية ولم يفلت الديوان من استدعاء الموت في معظم القصائد بل كان شريكا أساسيا في صناعة القصيدة‏,‏ أو بالأحري هو الخلفية التي أضفت علي جو القصيدة لمسة حزن وألم‏,‏ واختصرت كل الطرق لتوضيح فلسفة الشاعر عن الحياة بكل متناقضاتها‏.‏
الموت غالبا كان البطل رغم ادعاء الصبر والجلد والبحث عن البهجة والتخلي عن العقد التي تعيقه‏,‏ حتي تعريفه للموت تعددت صوره‏.‏
إما صورة مباشرة وواضحة‏,‏ أو صورة ضبابية‏,‏ أو فرح يؤدي إلي موت‏,‏ أو حزن يطارده فتعرف نهايته‏,‏ أو هروب منه أو مصاحبته كي يتقي شره‏,‏ أو السخرية منه‏,‏ أو تشبيه للأشياء والأفعال من حوله بكلمة الموت‏.‏
لدرجة أنه يجعلك تشك هل الوصول في الديوان بعد تعدد الهزائم هو الوصول إلي الموت كي تتحرر الروح ويسقط الألم‏,‏ أم الوصول كما أشرت من قبل هو إلي تحقيق الحلم البسيط والذي لا يعلو سقفه إلا قليلا‏.‏
وأنا أدعي أن المسافة بين الاثنين قصيرة جدا‏.‏
وهي بالمعني الأصح مسافة الحياة التي حاول الشاعر أن يلخصها في معظم عناوين القصائد‏.‏
وثمة علاقة بين الحلم وسريالية المشهد وغرائبية الفعل وبين الموت‏.‏
وهي العلاقة القائمة علي أن تصدق كل الاحتمالات‏.‏
من‏(‏ السلالم تطلع لتحت‏)‏ في قصيدة‏''‏ طابور أيامك‏''.‏
ومن‏(‏ وأنا نايم بيطلع مني واحد ما يشبهنيش خالص‏).‏
ومن‏(‏ شبورة الصبح اللي بالعه في بطنها كل معالم السكة‏)‏ في قصيدة‏''‏ يارب ما يكونش ولد‏''‏ إن ديوان إبراهيم رفاعي هزيمتين وأوصل لخص أزمة الحياة في سرده الشعري وفي تعدد هزائمه‏.‏
محمد عكاشة ناقد وأديب


إضافة تعليق

البيانات مطلوبة

اسمك
*


بريد الالكترونى *
البريد الالكتروني غير صحيح

عنوان التعليق *


تعليق
*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.