فما كان من فريق البحث إلا أن أغلقوا أجهزة الكمبيوتر وعرفوا أن صناع الحقائب في كولومبيا اعجز من ان ينافسوا سوق الولاياتالمتحدة الجذاب. وذلك لأن البقر ابكم.اتصل بي صديقي القديم المتفائل بعد طول غياب, ويبدو أن سنوات الغربة قد نالت من تفاؤله, عرفت هذا من شدة تذمره هذه المرة, وهي صفة لم يكن معروفا بها. قال لي: إني قرأت مقالاتك الأخيرة وحقيقة انه كلما ازددت كتابة ازددت روعة وازددت نرجسية, وكلما اقتربت من الحقيقة ازداد همك وشرودك والشيب في شعر رأسك, عموما لقد طرقت موضوعا مهما يشغل بالي, لذلك هو موضوع الثقافة وعلاقتها بصنع الثروة, لقد عرجت علي الكثير من مواطن الوجع في مجتمعنا من اقتصادنا الذي لا نعرف ما هو بالتحديد إلي حياتنا اليومية المليئة بالكلام فقط إلي تشريعاتنا التي لا تعرف هل هي يسار أم يمين أو حتي وسط. عندما توقف صديق للحظة, قلت: ولكننا ركزنا علي قيم وقضايا كبري كالحرية والعدالة الاجتماعية, علي العموم لا أريد أن أتكلم في العموم ودعني أسألك عن رأيك تحديدا في المقالة الأخيرة( التفكير خارج الصندوق) أجاب: رأيي سوف أشرحه عن طريق التصوير الاليغوري في هذه القصة وهو تصوير قصصي, حكاية أو أمثولة تشرح معاني ودلالات وقيما ومثلا عليا يستفاد منها في الحياة فربما تفسر لك ما هو الصندوق عند الليبيين وما هي خصائصه؟ القصة عنوانها: لا تلوموا البقر: لقد كلف مسئولون في الحكومة والقطاع الخاص احدي الشركات العالمية بعمل دراسة وتقديم توصيات عن كيف يمكن لمنتجي الصناعات الجلدية في كولومبيا في هذا البلد القائم علي جبال الانديز, ان يكونوا اكثر رخاء عن طريق التصدير إلي الولاياتالمتحدةالأمريكية وبدأ البحث والاتصال بتجار الحقائب المصنوعة في كولومبيا, وتبين ان هذه الحقائب غالية الثمن ورديئة الصنعة, فتم الاتصال بأصحاب مصانع الجلد لكي يعرفوا ما هي مشاكل هذه الصناعة وبعد سؤالهم عن تدني الجودة قال أصحاب المصانع طبعا ان هذا ليس خطأنا بل خطأ المدابغ المحلية. سافر الفريق إلي الريف الكولومبي بحثا عن اصحاب المدابغ المحلية وشاهدوا المواد الكيميائية التي تلوث الأرض بشدة وعندما سئل اصحاب المدابغ عن السبب في تردي الجودة في الجلود أجابوا بان المجازر هي السبب لأنها تركز علي اللحوم ولا يهمها الجلد, وعندما ذهبوا إلي الجزارين, قال الجزارون إن هذا ليس خطأهم بل خطأ مربي المواشي لانهم يبالغون في وشم ابقارهم بالنار خوفا من سرقتها وطبعا الوشم بالكي يفسد الجلد وتابع الفريق سيره إلي مزارع تربية المواشي ليسألوا أصحاب المواشي عن سبب الوشم الكثير؟ فقالوا إن ذلك خطأ البقر!!! لانه غبي إذ يحك البقر جلده علي الأسلاك الشائكة ليهرش جلده ولإبعاد الذباب الذي يعضه. فما كان من فريق البحث إلا أن أغلقوا أجهزة الكمبيوتر وعرفوا أن صناع الحقائب في كولومبيا اعجز من ان ينافسوا سوق الولاياتالمتحدة الجذاب, وذلك لأن البقر ابكم. هذه هي حكاية النماذج الذهنية التي نعيشها والتي يلقي فيها كل احد اللوم علي غيره, وننسي أن:( كلنا راع وكلنا مسئول عن رعيته). كاتب من ليبيا