كان سؤالها المتكرر يتعبني, ويؤرقني, ويرغمني علي حبس انفاسي لئلا أكشف أسراري.. أسافر عنها وإليها, أتأملها وأدعي أنني مازلت افتش عن إجابة شافية لسؤالها.. وفي لحظة اعتراف, أدركت قيمة البوح لها بما يدور في مخيلتي. قلت: أحببتك أنت لا أحد سواك, لا لأنني أتنفسك ما بين الشهيق والزفير, ولا لأن النقاء ينبع منك, ولا لكونك نسخة شابة من أمي, ولا لأنك حورية خلقها الله في الأرض عمدا لفتنة العباد في حب السعي إلي الجنان, ولا لأني أردد اسمك أكثر من أدعيتي وصلواتي, بل لأني وجدت خارطة مستقبلي مرسومة علي وجهك. حلم أنت رسمتك قمرا في السماء فأصبح الكون بلا عتمة.. صار ضياء, رتلت اسمك في مجلس عزاء فأحيا الميت وعاد فرحا يتساءل عن أسباب كل هذا النواح والبكاء؟. جالست صمتك فاستوحيت منك قصصا وأشعارا, لا بل تعلمت منه ابجدية الحروف. أهملت الكتابة وأمي وقررت العزلة عن العالم بأسره إلا أنت, ولا أريد أن أصدق بانك مجرد حلم يعشقه نومي. أحضان أشعلت شمعة الحب متأخرا, وقبلت ود العشق بعد طول خصام, وهو الأمر الذي جعلني أخفي ذكرياتي ومرارة أيامي.. أخبئها في صندوق عتيق مثلها تماما. هاجرت عالم الحزن ولجأت لدنيا الوله بعدما دفنت ذلك الصندوق مع حفنة ثقيلة من الأسي. قبلت السماء ألف قبلة وسجدت أكثر مما ينبغي تعبيرا عن شكري وامتناني, بعدما حصلت علي تأشيرة الدخول إلي وطن الدائم الدفء اسمه أحضان حبيبتي. قبلات الندي توهجت الدنيا يوم ازداد شوقي إليك.. يوم عرفت أن عيد ميلادي هو عيد معرفتك. تعلمت الشعر في حضرتك, والغزل في صدق محبتك, والعاطفة والجنون في صدرك.. أدركت اننا نكبر كأحلامنا.. ايقنت أن قبلاتي الندية صارت زادك وشرابك وإن وردة مثلك لا ترتوي إلا بالندي. نهار حسب الله بغداد العراق