قبل فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية أعلن عدد من الشخصيات العامة اعتزامهم الترشح لمنصب رئيس الجمهورية ولكن كان اللافت إعلان شخصيات لا يعرفها أحد الترشح للانتخابات ولم يكن متوقعا أن يتقدموا فعليا ولكن مع فتح باب الترشح الرسمي للانتخابات كانت المفاجأة بأن عدد المتقدمين لطلب الترشح للانتخابات في اليوم الأول فقط وصلوا إلي207 فلك أن تتخيل بحسبة بسيطة أن يصل عدد المتقدمين مع غلق باب الترشح إلي ما لا يقل عن5000 شخص تقريبا مع ثبات عدد الطلبات المقدمة يوميا وكأن شعار الانتخابات الرئاسية.. مرشح لكل مواطن. ما تشهده الانتخابات الرئاسية الآن لا شك أنه ظاهرة فكل مواطن مصري أصبح يجد في نفسه رئيسا للجمهورية من عامل لموظف لعاطل وهو ما يستحق البحث والدراسة, فالبعض أكد أن الظاهرة تعكس حالة الاستخفاف والعبث التي لا تليق بحجم وأهمية الانتخابات الرئاسية في مرحلة مثل التي نعيشها الآن, وهذا يحتاج إلي وقفة حتي لا تتحول الانتخابات إلي مزاد لا يعرف أحد قيمته. ومن الطرائف تقدم عاملة نظافة للترشح لانتخابات الرئاسة وجاءت التعليقات الساخرة علي موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك بين مؤيد ومعارض ومنهم من وصفها بالمهزلة, ومنهم من علق علشان تنضف البلد, وآخر علق بأن لكل مواطن رئيس, ربنا يزيد ويبارك العدد في الليمون, هما فاكرين هايخدوا أنابيب بوتاجاز, مصر كلها حتبقي رئيس جمهورية مين حيبقي مرءوس, ومنهم من يري أن العدد طبيعي جدا مع سنة أولي حرية وأن الكل من حقه أن يترشح والشعب عليه أن يختار. الخبراء اختلفت آراؤهم في تحليل الظاهرة فمنهم من ألقي المسئولية علي الاعلان الدستوري بسبب عدم وضع قيود للمرشحين فيقول الدكتور هشام صادق استاذ القانون الدولي بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية أن تزايد عدد المتقدمين بطلبات للترشح للرئاسة أمر طبيعي ومتوقع مع سنة أولي ديمقراطية بعد حرمان الشعب من الديمقراطية لسنوات طويلة وليس ظاهرة سلبية, كما يري البعض موضحا أن عدم وجود أحزاب قوية علي الساحة سبب رئيسي في تقدم هذا العدد ولا يمكن اتهام الاعلان الدستوري والتعديلات بذلك. وأوضح أن كل متقدم منهم له أسباب شخصية وأغلبهم ليس لديهم فهم حقيقي لطبيعة الوضع وخرجوا ليعبروا عن آرائهم وأحلامهم حتي لو تخيل كل منهم انه رئيس جمهورية. وعن رأي ممثلي المجتمع المدني قال سعيد عبدالحافظ رئيس جمعية الملتقي والحوار الحقوقية ان عدد المتقدمين لا يثير الدهشة وذلك لما تشهده مصر من حالة ضبابية وعدم فهم لمجري الأمور منذ ثورة25 يناير وليس اهانة, حيث أنه من حق المواطنين استخدام حقهم القانوني ومن الطبيعي أن يري كل مواطن بسيط في نفسه رئيسا للجمهورية بعد أن كان حكرا علي أشخاص بعينهم لمدة ستين عاما ليس من باب أن يصلح كرئيس جمهورية ولكن لأسباب شخصية تخص كل شخص منهم لترويج أفكار سياسية أو لمشكلات نفسية لأنهم يشعرون أنهم من الممكن أن يحققوا شهرة. وأوضح أن عدد الذين سيستمرون قد لا يصل إلي90% ممن أعلنوا تقدمهم للترشح وأن عدد المرشحين المحتملين الحقيقيين لن يتجاوز10 أشخاص ومن لديه الاصرار سيستمر خاصة وأن الاجراءات طويلة ومعقدة معترضا علي الصمت الانتخابي المفروض علي المرشحين خاصة في بلد مثل مصر تضم27 محافظة. ويقول عبدالفتاح حامد رئيس منظمة الشرق الأوسط لحقوق الانسان ان الظاهرة ايجابية وعكست ثقة المواطن المصري لأول مرة في الانتخابات الرئاسية وأغلبهم اقدموا علي هذه الخطوة لتحقيق مكاسب دعائية وآخرون لمكاسب سياسية ورغم أن أغلبهم يعرفون جيدا أنهم لا يملكون كفاءة لتولي المنصب لكنهم تقدموا لتفريغ طاقات بداخلهم حتي لو بالفكرة. ويضيف أن أغلبهم عاطلون عن العمل ويسعون لايجاد فرصة عمل واستثمار الفرصة ويطرحون أفكارا لحل مشاكلهم وعلي الرئيس القادم أن يستمع لها ويعمل علي تنفيذها مؤكدا أن الدستور يجب أن يقيد الشروط ولكن لا تكون تعجيزية. ضعف الحياة الحزبية سبب رئيسي في تقدم هذه الأعداد للترشح لانتخابات الرئاسة هذا ما أكده حسين عبدالرازق نائب رئيس حزب التجمع مضيفا ما يحدث ظاهرة عامة تعكس قضية أهم وهي ضعف الحياة الحزبية في مصر وغلبة الحزب الواحد حتي بعد الثورة, حيث أن مصر رغم أن نظامها السياسي طبقا لدستور71 يقوم علي التعددية الحزبية والسياسية, ومن المفترض أن ترشح الأحزاب شخصيات قيادية ولكن هذا لم يحدث, حيث لم نجد سوي حزبين أعلنا ترشيح مندوبين عنهما الأول حزب التحالف الاشتراكي والثاني حزب مصر القومي رغم أن بمصر تعددية حزبية منذ عام1976 ولكن هناك حصار قانوني وسياسي عليها وهو ما أدي لضعف الحياة الحزبية والسياسية وينعكس علي المرحلة الراهنة. وفي تحليل نفسي للمتقدمين يقول الدكتور عبدالمنعم شحاتة استاذ علم النفس ان لكل منهم دوافعه النفسية, واصفا الحالة بالانفلات الذي اصيب به المواطنون بعد سنوات من الكبت والحرمان, وجاءت لهم الفرصة للتعبير عن الذات لتفريغ ما لديهم من طاقات, وذلك لعدم وضوح المرحلة, مضيفا أن تقدم هذا العدد استخفاف بالانتخابات وجهل بخطورة المرحلة التي تمر بها مصر وعدم نضوج الكثيرين واستيعابهم للمرحلة الراهنة. وفي النهاية فلا شك أن ماراثون الانتخابات الرئاسية سيشهد العديد من المفاجآت مع أول انتخابات رئاسية حقيقية تشهدها مصر وعلي الرئيس القادم أن يستمع لكل مواطن وأن يدخل كل المطالب ببرنامجه الانتخابي ليعبر عن رأي الشعب.