من جديد عادت فكرة انتخاب شيخ الأزهر تطل علي المجتمع من خلال دعوات للبعض في سياق ما يرددون أنه جزء من إصلاح أوضاع المؤسسة الدينية, وجانب من عملية ديمقراطية في اختيار القائم عليها. الحق أن الانتخابات وسيلة ديمقراطية لاختيار ممثلي الشعب في المؤسسات العامة, أو في التجمعات الشعبية, وهي تهدف لأن يكون الحاكم أو المسئول مختارا من الناس ويخضع لتقييمهم و محاسبتهم, وقابل للتغيير في الانتخابات التالية إذا سادت حالة من عدم الرضا عنه. وتخضع العملية الانتخابية لحزمة من القواعد و المفاهيم من بينها قدرة المرشح علي إقناع الناخبين, وهي قدرة ترتبط في بعض جوانبها بمهارات يملكها البعض ولا يملكها الكل, فالانتخابات لا تأتي دوما بالأفضل, لذا فالمنتخب يتولي مسئوليته لفترة محددة,يخضع بعدها لإعادة التقييم و الاختيار. وفي الفاتيكان يتم اختيار البابا من خلال عملية انتخابية معقدة, وهو غير قابل للعزل,إذ يستمر في مسئوليته حتي وفاته, وقد لاحظنا جميعا كيف تتدخل عوامل عديدة في اختيار المرجعية الدينية ومن بينها نفوذ سياسي واقتصادي يلعب دورا في تحديد البابا الذي لاحظنا جميعا مستوي الخلاف في الرؤي و التوجهات بين من تولي هذه المكانة الدينية المهمة في حقب و عهود مختلفة. في الانتخابات... السياسة عنصا مهم, ولا يعتد بالقول أن اختيار فضيلة الإمام الأكبر تتم بين كبار العلماء فقط دون الناس, و بوضوح أكثر اهتمت بعض الاتجاهات السياسية في الآونة الأخيرة بإختراق المؤسسة الدينية في محاولة منها لاستخدامها جزءا من صراعها السياسي المخلوط بالديني مع الدولة المصرية بكل مكوناتها. القضية إذن لدي البعض ليست الديمقراطية أو خلافها, إنما هي محاولة من بعض الجماعات ربما تؤدي إلي نجاح لجانب من رؤيتها السياسية في الفوز بمكانة هنا أو هناك تتيح لها خطوة جوهرية للقفز علي الحكم, وهي لدي البعض الآخر رؤية مخلوطة بالنوايا الحسنة, لكن ليس كل الطرق إلي الجنة مرتبطة بالنوايا الحسنة. اإبعدوا مشيخة الأزهر عن الصراع السياسي.. وحافظوا علي هيبتها ووقارها.