من البنزين إلي السولار إلي البوتاجاز.. أزمات متكررة ما يلبث المواطن أن يلتقط أنفاسه حتي تلاحقه أزمة أخري وهكذا نسقط ثم نقف لنعاود السقوط وفي كل مرة تظل أعيننا مغمضة عن الأسباب الحقيقية لما يحدث وكأننا أدمنا معايشة الأزمات ولم نكلف أنفسنا مواجهة الحقيقة. ووفقا لما يصدر من بيانات عن قطاع البترول وتأكيدات المسئولين بضخ كميات تفوق الاستهلاك الفعلي- وهي تأكيدات صحيحة- فإن علامة استفهام كبيرة تظهرت بوضوح وتبحث عن اجابة وتفسير لما يحدث وعن ماهي الاسباب الحقيقية لهذه الأزمات. والحقيقة- طبقا لمصادر مسئولة بهيئة البترول- تتمثل في عدم سيطرة الحكومة علي منافذ بيع وتوزيع هذه المنتجات, وعلي سبيل المثل فان المهندس هاني ضاحي الرئيس التنفيذي لهيئة البترول صرح بأن عدد محطات خدمة وتموين السيارات في مصر يبلغ2840 محطة منها420 محطة فقط مملوكة لقطاع البترول والباقي للقطاع الخاص وهو ما يعني ان نحو70% من منافذ التوزيع خارج سيطرة الحكومة وبالتالي فانه يمكن تصديق ما يعلنه المسئولون عن الكميات التي يتم طرحها بالسوق ولكن في نفس الوقت فان تتابع مثل هذه الأزمات يؤكد وجود حلقة مفقودة بين الانتاج والتسويق وهذه الحلقة هي بمثابة الفتيل لاشعال كل أزمة خاصة أن نسبة تحقيق الاكتفاء الذاتي من البنزين تزيد علي90%. وطبقا لما صرح به مصدر مسئول بهيئة البترول فان الازمة الحالية نشأت عن شائعة تقول إن الحكومة سوف ترفع أسعار البنزين تم حدث الامتناع من بعض المحطات عن تموين السيارات للاستفادة من فرق الأسعار وكذلك تكالب المواطين علي ملء خزانات الوقود قبل الارتفاع المتوقع وهكذا دخلنا الدائرة الجهنمية لأي منتج مدعوم. وأضاف المصدر أن الأزمة قابلة للتكرار مادامت أغلبية منافذ البيع في يد القطاع الخاص والذي يطالب منذ سنوات بزيادة العمولة التي يحصل عليها من البترول علي كل لتر بنزين أو سولار يتم بيعه وهي العمولة التي لا تزيد حاليا علي16 مليما لكل لتر وهي بلا شك قيمة ضئيلة جدا تجعل محطة بنزين مشروعا غير مربح بالمرة اذا التزم صاحبه ببيع كل حصة المحطة بطريقة شرعية دون غش لأنواع البنزين أو تهريبه إلي السريحة. وهنا- وفقا لما قاله المصدر- فإن الحكومة مازالت تفكر بطريقة عقيمة تسبب لها خسائر فادحة بدليل أن هيئة البترول طرحت خلال الأيام الثلاثة الماضية75 مليون لتر بزيادة25 مليون لتر عن معدلات الاستهلاك المعتادة وعلي اعتبار أن كل لتر يكلف هيئة البترول في المتوسط دعما يصل إلي ثلاثة جنيهات- وفقا لما هو معلن من المسئولين- فان الهيئة تكون قد تحملت نحو75 مليون جنيه دعما اضافيا ذهب إلي المتاجرين في السوق السوداء, في حين أنه لو تمت زيادة عمولة التوزيع بما يعادل10 مليمات فان التكلفة لن تتجاوز7 ملايين جنيه. ويبقي أن عدم تكرار الأزمة يتطلب سرعة زيادة العمولة واصدار قانون يجرم تداول المنتجات البترولية خارج المنافذ المرخصة وإلا سوف تتكررالأزمات ونتكبد الكثير من الملايين التي يستحقها الكثير من الفقراء والباحثين عن الخبز والعلاج في جميع ربوع مصر, فهل تمتلك الحكومة شجاعة تصحيح هذا الوضع أم تظل حبيسة لأفكار بعيدة عما يحدث بالأسواق؟!