ترك عام2011 أثره علي الشعب المصري والذي شهد عددا من الأحداث المتتالية التي حملت معها مشاعر قوية إيجابيا وسلبيا, هذا الاثر إنطبع علي كل المجالات خاصة بعد قيام ثورة25 يناير, والتي ألقت بظلالها علي الواقع الثقافي المصري. ففي البداية شهدت وزارة الثقافة ومؤسساتها هذا العام عددا كبيرا من التغييرات في قياداتها, بسبب الثورة التي أطاحت بالنظام السابق وقياداته. وبدأ التغيير من أكبر منصب ثقافي وهو وزير الثقافة الذي كان يتقلده الفنان فاروق حسني لمدة24 عاما ورغم تعرضه لعدد من الانتقادات علي إثر تصريحاته أو بدعوي التجديد والتغيير إلا ان النظام السابق لم يقدم علي الاستغناء عنه حتي عندما قدم استقالته عام2005 علي خلفية حريق مسرح قصر ثقافة بني سويف. لكن تغيير فاروق حسني وتعيين وزير ثقافة جديد لم يكن بالأمر الثابت فقد توالي علي هذا المنصب في فترة لا تتعدي العشرة أشهر4 وزراء آخرون, بدءا من الناقد د. جابر عصفور الذي اصبح وزيرا للثقافة في حكومة احمد شفيق الذي قوبل بانتقادات عنيفة من قبل المثقفين المصريين والعرب لكنه قدم استقالته بعد عشرة ايام من توليه منصبه وجاء في اسباب استقالته انه اقدم علي ذلك لأسباب صحية. وجاء خلفا له محمد الصاوي مدير ساقية الصاوي والذي اعتبره البعض انتصارا للثقافة الشعبية, إلا انه لم يسلم هو الآخر من انتقادات المثقفين, ورغم ذلك لم يستمر بسبب إقالة حكومة شفيق. وبعدها جاءت حكومة د. عصام شرف والذي تم اختياره كرئيس للوزراء من قبل ثوار التحرير والذي عين د. عماد أبو غازي وزيرا للثقافة, أظهر أبو غازي في الفترة التي تولي فيها هذا المنصب جهدا كبيرا للنهوض بالثقافة المصرية بعد الثورة والتواصل مع الشارع, وكان ابو غازي قبل توليه منصبه أمينا عاما للمجلس الاعلي للثقافة, وبعد توليه الوزارة خلا المنصب لذا ندب له الدكتور عز الدين شكري فشير وهو كاتب ودبلوماسي مصري واجهته بعض المصاعب عند توليه المجلس منها احتجاجات العاملين ولكنه استوعبها ووصل لاتفاق معهم وقدم مشروعا لإعادة هيكلة المجلس ولجانه, ولكنه فضل الاستقالة من منصبه بعد فترة لانه يري ان المهمة التي جاء لأجلها قد انتهت. ثم عين د. عماد أبو غازي الدكتور شاكر عبدالحميد أمينا عاما للمجلس خلفا لشكري, وظل في منصبه حتي إستقالة أبو غازي إحتجاجا علي اعمال العنف الذي شهدها شارع محمد محمود في نوفمبر الماضي. وجاء الجنزوري بدكتور شاكر عبدالحميد وزيرا للثقافة حتي الآن, ونظرا لآن منصب أمين المجلس قد خلا مرة اخري فقد ندب للمنصب د. كاميليا صبحي استاذة الأدب الفرنسي بكلية الألسن جامعة عين شمس وهي اول امرأة تتولي هذا المنصب, وفي قطاع الآثار تم فصله عن وزارة الثقافة مما تسبب في ضعف ميزانية الوزارة, كما استقال د. زاهي حواس من منصبه كوزير للاثار, بعد الاحتجاجات التي شهدها القطاع من العاملين, وعين د. مصطفي أمين امينا عاما للمجلس الاعلي للآثار, وبقي في منصبه رغم تولي د. محمد إبراهيم منصب وزير الآثار في حكومة الجنزوري. أحداث ثقافية مهمة كما شهد هذا العام عددا من الاحداث الثقافية ابرزها تأجيل معرض الكتاب في دورته الثالثة والأربعين والتي كان مقررا له ان تنطلق يوم السبت29 يناير2011 لكنه لم يقم بسبب الثورة, وقامت هيئة الكتاب واتحاد الناشرين بعمل عدد من المعارض لتعويض القارئ والناشر خسارة عدم إقامة معرض القاهرة الدولي للكتاب. كذلك ظهر خلال2011 عدد من الائتلافات الثقافية المستقلة تسعي للنهوض بالحركة الثقافية في مصر بعد الثورة, وقدمت مشاريع عدة منها اعادة هيكلة المجلس الاعلي للثقافة وان ينفصل عن وزارة الثقافة وتحويله لهيئة مستقلة علي ان تكون وزارة الثقافة هيئة تمويلية فقط. كما أطلق عدد من كتاب قصائد النثر ونقادها حركة اطلقوا عليها حركة شعراء الغضب والتي تسعي كما اعلنوا الي التعبير عن حيوية الثقافة المصرية وإعادة الاعتبار لتنوعها الخلاق. ولم تقتصر الاحتجاجات والقضايا الثقافية علي القاهرة فقط بل إمتدت لمحافظة الإسكندرية ايضا, فقام العاملون بمكتبة الاسكندرية بالدخول في اعتصام مفتوح وطالبوا بعدد من المطالب منها اقالة اسماعيل سراج الدين مدير المكتبة والنظر في اوضاعهم المالية والادارية. وبعيدا عن الاعتصامات والاحتجاجات كان عام2011 هو عام نجيب محفوظ في مئوية ميلاده, حيث احتفلت به المؤسسات الثقافية والمراكز الخاصة حيث اقامت لجنة السينما بالمجلس الاعلي للثقافة مؤتمرا علي مدي أربعة ايام تحت عنوان نجيب محفوظ في السينما والتليفزيون, ونظمت مكتبة الاسكندرية طوال شهر سبتمبر احتفالية بعنوان اعادة اكتشاف نجيب محفوظ ببيت السناري تضمنت معرضا للصور الفوتوغرافية التي تمثل مراحل حياته المختلفة, والملصقات الأصلية للأفلام التي كتب لها محفوظ السيناريو, كما احتفلت الجامعة الامريكيةبالقاهرة, بمئوية محفوظ وقالت انها ستمنح جائزة نجيب محفوظ للأدب العربي للشعب المصري, تقديرا لثورته, وأنشأ قسم النشر بالجامعة الأمريكية هذه الجائزة, وقيمتها الف دولار امريكي عام1996, وتمنح سنويا, يوم11 ديسمبر, في عيد ميلاد محفوظ, لأحد الكتاب العرب, عن رواية نشرت حديثا. وإختتم العام بحريق المجمع العلمي بقصر العيني في الاحداث الاخيرة بشارع الشيخ ريحان, والذي نتج عنه خسارة عدد كبير من المجلدات والوثائق التاريخية التي ترجع للقرن ال.17 خالدون بإبداعهم وبخلاف احداث الثورة التي سقط خلالها عدد كبير من الشهداء والمصابين من شبابنا, الا ان الواقع الثقافي كانت له خسارة من نوع اخر, برحيل عدد من المبدعين الذين كان لهم تأثير واضح علي الساحة الثقافية لسنوات. إذ رحل الكاتب الكبير خيري شلبي ابرز كتاب جيل الستينيات وكاتب العشوائيات يوم التاسع من سبتمبر الماضي اثر ازمة قلبية عن عمر يناهز73 عاما بعد مسيرة حافلة بالإبداع الروائي قدم خلالها العديد من الاعمال الادبية القيمة التي حفرت له مكانة عالية بين ابناء جيله وقرائه. كما توفي الكاتب أنيس منصور يوم الجمعة21 اكتوبر عن عمر يناهز87 عاما بعد صراع مع المرض اثر اصابته بالتهاب رئوي ويعد منصور كاتبا صحفيا وأديبا صاحب عدد كبير من الإصدارات وتميز بأسلوبه الفلسفي. كما رحل في الخامس من يناير كاتب الخيال العلمي نهاد شريف عن79 عاما بعد تعرضه لازمة صحية, وتوفي يوم13 فبراير عبدالستار محمد خليف الكاتب الصحفي والروائي عن عمر يناهز67 عاما. كما توفي يوم الثاني والعشرين من ديسمبر محمود حافظ رئيس المجمعين العلمي واللغة العربية عن عمر بلغ99 عاما.