حاولت الابتعاد كما وعدت في الأسبوع الماضي عدم الكتابة في السياسة والحالة التي تعيشها البلاد واتفرغ للكتابة في الأحوال الموسيقية والنقابية, ولكن وجدت أن هذا أمر مستحيل فكل ما يحيط حولي انتخابات وثورة وفوضي واعتصامات وشعارات, وأسفرت الانتخابات عن صعود التيار الإسلامي, وبدأت أسمع واقرأ معارضة وتخويفا وترويعا من هذا التيار لماذا هذا التخويف وهذا الترويع هل نحن تعودنا علي وقوع البلاء قبل حدوثه وهذا الصعود للتيار الإسلامي نتيجة انتخابات ورغبة شعبية والمشكلة في المتشددين والذين يكتبون في الصحف ويظهرون علي شاشات التليفزيون ويسيئون للإسلام بآرائهم المتطرفة وكل همهم الحجاب والنقاب وصوت المرأة عورة وبعضهم تكلم عن الجزية والملابس الإسلامية ولم أسمع منهم أي رأي في المشكلات اليومية والدائمة التي يعاني منها الشعب هل لديهم حلول لمشكلة المرور أو غلاء المعيشة أو علاج للبطالة أو النهوض بالسياحة واصلاح التعليم ومحو الأمية وهؤلاء المتشددون أصحاب الجلباب الأبيض والطرحة البيضاء يقومون بإحراج المتحدثين والمحاورين بترديد قال الله وقال الرسول ونحن جميعا نؤمن بقول الله والرسول, ولكن إدارة شئون الحياة والسياسة تحتاج لتفكير بشري يستمد كل بنوده من الشريعة الإسلامية وملاءمتها للحياة وهذا يذكرني بأنه في أوائل القرن الماضي( التاسع عشر) قام بعض المتشددين من رجال الأزهر بمنع دخول المذياع( الراديو) واعتبروا هذا الاختراع حراما وطبعا كان لهذا المنع تأثير كبير وتخلف عن شئون العصر, ونحن الآن في عصر التكنولوجيا والقنوات المفتوحة, فهل سنحرم مشاهدة التليفزيون وهو يقدم كل شيء وهنا يقع الصدام بين المتشددين والسياسيين المدنيين الذين يحاولون تسهيل الأمور بقوانين وضعية تلائم الأحوال والعصر وإدارة شئون, البلاد ورعاية كل المواطنين مسلمين ومسيحيين وحق المواطنة للجميع وحتي لا يخرج علينا أحدهم وينادي بفرض الجزية, فهل يقبل هذا المتشدد أن يدفع المسلمون في البلاد التي يمثل فيها المسلمون أقلية( أوروبا وأمريكا وبلاد أخري) الجزية, واقتصاد البلاد من ضمن موارده الأساسية السياحة وما تحتاجه من قوانين لجذب السياحة, وقد استمعت لرأي أحدهم وهو يمنع وكأننا في جزيرة منعزلة ليس لها علاقة بالبلاد والشعوب الأخري, ونحن أبناء جيل الأربعينيات والخمسينيات, ورغم أننا كنا دولة محتلة وكل همومنا وأهمها خروج الانجليز من مصر كانت لدينا قوانين وضعية تتعارض مع الشريعة والتعاليم الدينية كانت كل الأمور مرخصة( رخصة للخمر ورخصة للدعارة ورخصة لمزاولة القمار), وتغيرت الأحوال والغيت رخصة الدعارة فقط( فهل اختفت الدعارة) ولا أريد أن أطيل في الكتابة في هذا الاتجاه لأنه يحتاج لعلماء في الدين وعلماء في علم الاجتماع وعلماء في علم النفس, ونحن الذين عاصرنا الملكية والجمهورية ولم نشعر بالفرق أو التحسن ذهب الملك وتولي الحكم اثنا عشر ملكا إلي أن صفصفت علي ملك واحد وآكلت الثورة بعضها وفي هذه الفترة استمعنا وحفظنا قول أمير الشعراء وغناء كوكب الشرق أم كلثوم( الدين يسر والخلافة بيعة والأمر شوري والحقوق قضاء), أي أن الدين يأمرنا بالتيسير( يسروا ولا تعسروا) والخلافة أي الرئاسة بالمبايعة أي الانتخاب وكل صاحب حل يلجأ للقضاء( الحقوق قضاء) فلا داعي للتخويف أو الترويع لو اتبعنا التيسير وعدم اللجوء للتشدد. يسروا ولا تعسروا. من فضلكم لا تسيئوا للإسلام فهو صالح في كل زمان ومكان. والله ولي التوفيق