تزايدت وتيرة الحرب الكلامية بين الحكومة والمنظمات الحقوقية علي مدار الأشهر الماضية حتي وصلت إلي طريق مسدود بسبب التمويلات الخارجية التي تلقتها المنظمات والمراكز الحقوقية بعد25 يناير وبلغت قيمتها نحو65 مليون دولار بحسب تأكيدات حكومية, وهو ما رفضته المنظمات الحقوقية متهمة الحكومة بشن هذه الحملة لتقويض دورها الرافض للممارسات السلبية للحكومة والمجلس العسكري خاصة فيما يتعلق بالحريات وكشفها لقضايا التعذيب واستمرار محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية. وكانت فايزة أبوالنجا, وزيرة التعاون الدولي, قد أكدت أن هناك تقريرا موثقا أعدته لجنة قضائية بأسماء من حصلوا علي تمويل أجنبي بدون علم الحكومة بما يخالف القانون وينطوي علي المساس بالأمن القومي المصري. وأكدت رفضها التمويل الأجنبي السياسي الذي تمنعه جميع دول العالم ولا ترضي به علي أرضها, مشيرة إلي أن مصر لا تقبل أيضا مثل هذا التمويل وترحب بأي تمويل أهلي بشرط أن يكون عبر قنوات شرعية وتحت إشراف حكومي. ومن جانبها رفضت المنظمات الحقوقية أي قنوات اتصال مع الحكومة ما جسدته6 منظمات حقوقية من بينها المركز المصري للحقوق الاجتماعية ومركز هشام مبارك لرفض حضور ومناقشة وثيقة المبادئ الدستورية التي طرحها الدكتور علي السلمي نائب رئيس مجلس الوزراء لشئون التحول الديمقراطي لقناعتها بأن الحكومة تري دور المجتمع المدني ومنظماته كمحلل وليس كشريك. وأكد خالد علي مدير المركز المصري للحقوق الاجتماعية والاقتصادية أن ما تتعرض له منظمات المجتمع المدني هو حملة مدبرة ومتعمدة هدفها إغلاق المؤسسات الجادة التي تفضح فساد الحكومة وانتهاكات أجهزتها لمبادئ حقوق الإنسان من تعذيب وقتل وتشريد عمالة علي حد قوله. وقال إن التمويل الأجنبي ليس سبة أو اتهاما خاصة أن هناك بروتوكولات دولية موقعة عليها مصر تتيح للكيانات الحقوقية المصرية الحصول علي تمويل, ولكن الأمر يدور حول الصداع الذي تسببه هذه الجمعيات من رصد للمخالفات الحكومية التي ترتكب في حق مواطنيها, وأردف خالد قائلا: اتحدي الحكومة أن تطرح اسماء تلك المنظمات عبر الإعلام والكشف عنها, منوها أن ذلك تهديد حكومي لن يردع نشطاء أو حقوقيين أو يثينهم عن ممارسة دورهم. من جانبه أكد بهي الدين حسين مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ضرورة إعادة صياغة قانون الجمعيات الأهلية الحالي وإزالة القيود علي إنشاء الجمعيات وجعلها بنظام الاخطار مثل الأحزاب السياسية ووضع معايير قانونية يتم خلالها محاسبة الجمعيات المخالفة دون تهويل أو تخويف الجمعيات من ممارسة عملها إذا تلقت تمويلا خارجيا. وقال أمير سالم مدير مركز الدراسات والمعلومات القانونية لحقوق الإنسان: لقد مللنا من تهديدات الحكومة بأنها تمتلك أدلة تدين المنظمات الحقوقية والأهلية بتلقي تحويلات بطرق غير قانونية, مشيرا إلي أن ذلك جزء من اللعبة السياسية التي كان يمارسها النظام السابق عليها نتيجة للضغوط التي تشكلها تلك المنظمات فيما تتعلق بملف حقوق الإنسان والانتهاكات التي يتعرض لها المواطن من تعذيب وحبس بشكل غير قانوني. وأضاف علي الحكومة أن تصدق في كلامها وتعلن عن تلك المنظمات التي تلقت تمويلا مخالفا, ولكن ساحة القضاء هي الفيصل بدلا من مسلسل تشويها سمعة تلك المنظمات خاصة النشطة في مجال حقوق الإنسان. من جانبه أكد حافظ أبوسعدة عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان ضرورة التفرقة بين الجمعيات الأهلية والشركات المدنية التي تمارس نشاطا خاصا, مشيرا إلي أن الأخيرة لا تخضع لقانون الجمعيات الأهلية ومن حقها تلقي تمويلات دون اخطار وزارة التضامن باعتبارها الجبهة التابعة لها الجمعيات الأهلية.