لابد في البداية أن نقدم التهنئة الخالصة لمجلس نقابة الصحفيين الجديد وللنقيب المنتخب علي الفوز بثقة زملائهم, بعد أن أنتهي أخيرا ماراثون الانتخابات الطويل وقد كان القلق هو الشعور الاكثر حضورا في هذه الانتخابات. القلق من ألا تجري سواء بسبب الأحكام القضائية أو بسبب عدم اكتمال الجمعية العمومية وكاد يحدث ذلك بالفعل فحتي ظهر الأربعاء واقتراب عقارب الساعة من الثانية لم يكن النصاب القانوني(50%+1) قد اكتمل, عند هذه اللحظة شعر الجميع بالخطر الشديد وخلال دقائق معدودة اكتمل الحضور وزاد ايضا مما سمح للجمعية العمومية من ان تفرض إرادتها في النهاية وتنعقد الانتخابات بقرار منها. هنا لابد وأن نتوقف قليلا للبحث عن أسباب هذه اللخبطة أو هذا الارتباك إن شئنا الدقة وبعض هذه الأسباب يعود الي أننا عدنا إلي قانون النقابة القديم وهو مايستلزم التوقيع أولا لحضور الجمعية ثم الأنتظار ساعات حتي تكتمل وتبدأ الانتخابات, ثانيا إن هناك شعورا عاما لدي الصحفيين بالاحباط من الأوضاع العامة أولا ثم من الأوضاع الصحفية داخل المؤسسات. وثالثا الشك في إمكانية حدوث تغيير حقيقي. ملموس في تحسين الأوضاع المادية للصحفيين وأعتقد أن هذا هو السبب الأول وراء فوز الزميل ممدوح الولي بمنصب النقيب, فالولي مع حفظ الألقاب لم يفز لأنه يمثل تيارا بعينه هو الأخوان أو لأنهم ساندوه أطلاقا وإلا لفاز اي أحد معه من مرشحي الحزب والجماعة باستثناء الفاضل محمد عبدالقدوس فهو حالة خاصة جدا أو كما يقول عن نفسه انه يفوز بأصوات اليسار الليبراليين والمستقلين وليس أبدا بأصوات الأخوان المسلمين. اذن الفوز هنا كان ضمنيا رسالة ضد تردي الأوضاع الاقتصادية للصحفيين وليس هذا ايضا يعني رفض الجماعة الصحفية للزميل الفاضل يحيي قلاش فهو نقابي بارز علي مدار سنوات طويلة سوف يفتقد المجلس جهوده المباشرة واليومية في المرحلة القادمة وانما كان فقط تفضيلا لطرح وأولويات المرحلة القادمة الا وهو الملف الاقتصادي للصحفيين. فعلي مدار الثلاثين عاما الماضية وربما اكثر قليلا جري انتهاك متعمد لعقل هذا الشعب العظيم.. الانتهاك بدأ من التعليم والاعلام والثقافة فبعد ان كانت فئات المدرسين وأساتذة الجامعات والصحفيين في أعلي السلم الاجتماعي دخلا وفكرا, اذا بهم بعد ثلاثين عاما في قاع ترتيب المجتمع من حيث المرتبات وجري إنهاك كامل لهذه الفئات من أجل البحث عن لقمة العيش في اكثر من مكان واكثر من طريق.. مما أدي إلي أن تكون النتيجة هي الواقع الذي نعيشه.. المدرسون ليس أمامهم إلا الدروس الخصوصية وبعض الاساتذة ايضا أو التجول علي اكثر من جامعة وغيره, وكذلك كان الصحفيون ايضا يبحثون عن لقمة العيش في اكثر من موقع ووظيفة من هنا كانت النتيجة والتصويت معبرة الي حد كبير عن الواقع والأمل في المستقبل الا وهو تحدي الملف الاقتصادي وهو ايضا أحد شعارات ثورة25 يناير العدالة الاجتماعية والمطالبة بتطبيقها. كانت النتيجة ايضا تعبيرا عن واقع جماعة الاخوان المسلمين داخل المجتمع الصحفي وهي محدودية الاثر والعدد وحينما تغيرت الأوضاع في مصر بعد الثورة وأصبح وجودهم علنيا بل وتحول الي الاستعلاء ايضا كانت النتيجة هي ما حدث لم ينجح أحد عكست التصويت الاحتجاجي في المرات السابقة ضد نظام الحكم والحكومة ومن يمثلهم.. هذه الملاحظة ايضا يمكن ان تنطبق بشكل ماعلي ماحدث في انتخابات الأطباء حيث فشلت الجماعة في حصد الأصوات التي كانت تحصل عليها في السابق, بل أني أقول انها منيت بهزيمة كبيرة ايضا هناك, علي عكس ماكتب من الزملاء صبيحة اعلان النتيجة. ومن الظواهر اللافتة في انتخابات الصحفيين هي استمرار سطوة المؤسسات القومية الكبري وتحديدا الأهرام الأخبار الجمهورية وهذه المؤسسات هي التي حسمت في النهاية أصوات المرشحين ونجاح البعض منهم وكانوا الاغلبية في المجلس الجديد.. كذلك يعكس اختيار الصحفيين للمجلس الجديد وقائع المرحلة التي نعيشها وهي أنها مرحل انتقالية والدليل ان رغم كل دعاوي التغيير تم النجاح الكامل لكل أعضاء المجلس القديم الذين عاودوا ترشحهم بما يعني عدم حدوث تغيرات مفاجئة وهو ماينطبق ايضا علي المشهد في انتخابات الجامعات, حيث تمت إعادة انتخاب لجزء كبير من القيادات السابقة. اما الملاحظة الأخيرة فهي استمرار غياب الاعداد الكافية والطبيعية التي تمثل حجم المرأة الزميلة الصحفية في مجلس النقابة الجديد. رغم أنها تمثل اكثر من ثلث الجمعية العمومية.. هذه المفارقة رغم حصد عبير السعدي للمركز الأول في الأصوات تحتاج الي تحليل آخر ومقال تفصيلي بمفرده ولكن في النهاية يجب ان نسعد بالنتيجة ونهنيء الفائزين ونطلب منهم قراءة المشهد جيدا..