من الآن وقبل انتخابات الرئاسة المصرية المقبلة, التي نتطلع اليها جميعا, ونري فيها قارب النجاة, الذي نحلم أن ينقلنا إلي عالم الحرية والعدالة الاجتماعية, والتقدم الاقتصادي, اجدني مشدودا بحبال الأماني الكبار. ومدفوعا بعوامل الخبرة والمصداقية, والإقدام والشجاعة في طرح الأفكار لاختيار الدكتور محمد البرادعي رئيسا لمصر, لأنه من وجهة نظري هو القادر علي العبوربنا إلي المستقبل الذي نحلم به. وعندما أول ذلك لا أخرج عن الحياد الصحفي الذي عاهدت نفسي عليه منذ بدأت الكتابة والتعبير عن رأيي فمهمتي الأولي كصاحب قلم ورأي ورؤية أن اقول ما آراه حقا وصوابا, من خلال المتابعة والقراءة المتأنية والمتفحصة للوقائع والأحداث ومجريات الأمور من حولنا. نعم لم يكن البرادعي هو المعارض الأول في مصر, وإنما سبقه علي طريق المعارضة الكثير من الوطنيين, الذين خرجوا يجاهرون بكلمة الحق في وجه حاكم طاغ تجبر وتكبر, واعتقد انه ملك البلاد والعباد, نعم كان هناك من وضع الروح علي الكف وراح يصرخ بأعلي صوته مناديا بالعدل والإنصاف. ومن هؤلاء كان المناضل ابراهيم شكري زعيم حزب العمل, الذي قاد المعارضة هو وكتاب وصحفيو جريدة الشعب, الذين خاضوا العديد من المعارك لكشف ومحاربة الفساد وهم الذين كشفوا من وقت مبكر جدا فساد يوسف والي ومبيداته المسرطنة, ولكن للأسف بدلا من ان يستمع مبارك لصوت العقل ويمتثل للحق, راح يعاند وينكل بالشرفاء ويحمي الفاسدين, وراح ضحيته الصحفي المناضل عادل حسين ومن بعده مجدي احمد حسين, ولكن يشاء العلي القدير ان يأتي اليوم الذي يسجن فيه مبارك ووالي, ويذكر التاريخ ابراهيم شكري وعادل حسين في سجل الشرفاء. نعم كان هناك قبل البرادعي طابور طويل من المعارضين الشرفاء منهم د. جمال زهران, الذي شكلت استجواباته صداعا في رأس مبارك, وكان هناك ايضا حمدين صباحي, وكانت هناك حركة6 ابريل, وحركة كفاية وغيرهم من الشرفاء ولكن الذي اعطي للمعارضة طعما ولونا, وجعل لها صوتا حقيقيا, ورسم لها إطارحركة محددا, وجعل التغيير شعارا, وقيمة ومبدأ اعتنقته قطاعات وفئات مختلفة من الشعب المصري, وخاصة من الشباب, هو الدكتور البرادعي, منذ عاد إلي مصر رافعا شعار التغيير, وساعد علي تشكيل الجمعية الوطنية للتغيير وهي التي جمعت من طاقات مختلف المصريين بجميع انتماءاتهم السياسية والمذهبية رجالا ونساء بمن في ذلك ممثلون عن المجتمع المدني والشباب بهدف التغيير في مصر, ومن أجل هذا كان هناك اتفاق عام علي ضرورة توحد جميع الأصوات الداعية للتغيير في إطار جمعية وطنية طلب من محمد البرادعي أن يكون في مقدمتها ومن خلفها, وبحيث تكون إطارا عاما تنطوي تحته جميع الأصوات المطالبة بالتغيير, وهذا التنوع هو ما أثمر عن حوالي المليون توقيع علي بيان معا سنغير, في أقل من سبعة أشهر من تاريخ إصداره في الثاني من مارس لعام2010, وبالفعل التفت قوي التغيير حول الدكتور البرادعي أملا في تحقيق الأهداف الرئيسية للجمعية وهمها العمل علي التوصل إلي نظام سياسي يقوم علي الديمقراطية الحقيقة والعدالة الاجتماعية. ورغم الحملات الإعلامية الشرسة التي تعرض لها الدكتور البرادعي, من جانب الإعلام الرسمي, الذي رأي في تحركات البرادعي خطرا كبيرا علي نظام مبارك, وراح يحاول تشويه صورة الرجل, ووصل الأمر إلي حد سمعته الشخصية, لكن الرجل ظل صامدا, لم ترهبه حملات التشكيك, ولم تزده سوي المضي في طريق التغيير, لأنه محب حقيقي لمصر ويعرف قدرها جيدا ويريد لها المكانة التي تستحقها, وبالفعل أثمرت جهود البرادعي, وتحقق حلم التغيير علي أيدي شباب مصر ورجالها ونسائها وأيضا اطفالها من كل الفئات والأطياف, وقال الشعب كلمته, وتحقق حلم التغيير في ثورة25 يناير, ولا ينسي أحد دور البرادعي في تفجير تلك الثورة, وجمع كل قوي التغيير, وصهرها في بوتقة واحدة, ومن لا يعطي البرادعي هذه الريادة, وهذا الدور يكون مجافيا للحقيقة, جاهلا بسير الأحداث في مصر. وأنا لم أتطرق لبرنامج الدكتور البرادعي الانتخابي, ولكنني أشرت فقط إلي ما تابعته وما عاصرته من جهود الرجل منذ عاد إلي مصر, فهو من يومها يعيش الأحداث بفكر ووعي, وله رأي سديد في تطوير الأمور ومجرياتها, وهو ليس كغيره ممن لا يجيدون سوي الكلام. وتعجبني أفكار البرادعي وإيمانه الكبير بمصر ومستقبلها, فرغم أنه يري أن مصر لا تزال تمر بطرق وعرة, ولا يزال هناك الكثير من التحديات التي تنتظرها, مشيرا إلي أن المجتمع المدني مازال ضعيفا بما في ذلك منظمات الحقوق المدنية, إلا إنه يري أيضا أن مصر صاعدة لتكون النموذج الذي يحتذي به في المنطقة وأنه مازال متفائلا ويأمل أنه في غضون عام حينما ننتهي من المرحلة الانتقالية, أن تقفز مصر إلي الأمام علي المستويين الاقتصادي والاجتماعي لتصبح نموذجا لبقية العالم العربي. [email protected]