مع بدء تلقي أوراق الترشيح للانتخابات البرلمانية المقبلة التي من المقرر اجراؤها الشهر المقبل تتشكل ملامح نائب مجلس الشعب الذي نحلم به خاصة بعد أن ظل طوال ثلاثين عاما حبرا علي ورق. والسؤال الذي يطرح نفسه ما هو شكل النائب الذي نريده؟ هل نائب الخدمات أم نائب الرقابة والتشريع؟ أجمع المواطنون بالمناطق الفقيرة علي أنهم يريدون نائبا للخدمات وليس نائبا سياسيا حيث أنهم يريدون نائبا يركز علي خدماتهم من حل مشكلة العشوائيات وتوفير شقق بديلة لسكان العقارات المهددة بالانهيار ورصف الطرق ومواجهة الباعة الجائلين وتمسكوا برفض نواب الباراشوت الذين يهبطون علي الدوائر وهم ليسوا من ابنائها. يقول اسماعيل محمود موظف ويقطن بمنطقة بولاق ابوالعلا إن النائب يجب أن يكون ملما بجميع أحوال الدائرة وان يكون علي قدر من التعليم وأكد أن النواب السابقين لم يكونوا علي دراية بأحوال أهالي الدائرة ولكن بعد الثورة يجب أن تختلف صورة النائب بأن يكون من ابناء الدائرة وأن يعمل علي تقديم الخدمات لهم بعدالة دون مقابل أو وساطة كما كان يحدث في السابق خاصة أن النواب السابقين لم يرهم أحد بعد نجاحهم في الانتخابات وكانوا يستخدمون المجلس لتحقيق أغراضهم الشخصية بصرف النظر عن المصلحة العامة. ويوافقه في الرأي نبيل عبدالمجيد( يعمل كهربائيا بمنطقة روض الفرج) في أن المرشح الحقيقي هو من يستمع إلي مشكلات أهالي دائرته ويعمل علي حلها ويتعرف علي أحوال الشباب وكبار السن لمساعدتهم وألا تكون مصلحته هي الهدف الأساسي, مؤكدا أن المرشحين السابقين يعملون علي الاعلان عن أنفسهم والتواصل مع المرشحين في أوقات ما قبل الانتخابات فقط. ويضيف أن قبل الثورة كانت وعود المرشحين كثيرة ولكن بعد فوز أحدهم في الانتخابات تتحول الخدمات إلي أقاربه فقط ويغلقون أبوابهم في وجوه أهالي الدائرة ويتنكرون لهم وهو ما أساء لصورة نائب الشعب لذلك لابد من أن يكون النائب قريبا من أهالي الدائرة ولا يكون نجاحه مبنيا علي الأموال واللافتات وأن تتم محاسبته في حال تقصيره بصرف النظر عن حصانته. ويقول محمد سمير- مقاول- إن الشكل الاصلح للبرلمان هو أن يمثل الناخبين مرشحون منهم وعنهم وليس صفوة المجتمع, حيث أن وجود ناخب لا ينتمي إلي الدائرة من الأساس ولا يعرف عنهم شيئا لا يفيد الأهالي موضحا أن النائب الحقيقي هو من يتفاعل مع المواطنين ويقدم الخدمات العامة ويتابع مشاكل المنطقة ويكون علي قدر معقول من التعليم وأن يكون نجاحه حقيقيا وليس معتمدا علي شراء الاصوات باستغلال حاجة الفقراء. الخبراء ورؤساء الأحزاب أكدوا ان البرلمان المقبل يحتاج ناخبا سياسيا وليس نائب خدمات فيقول حسن ترك- رئيس الحزب الديمقراطي الحر- إن نائب السياسة يأتي من خلال القائمة النسبية ونائب الخدمات من القائمة الفردية والبرلمان الآن يحتاج لنائب سياسي يقدم خدمة للدولة وليس خدمات فردية علي مستوي الدوائر كما كان يحدث في السابق حيث إن نائب الخدمات يقدم خدمات لفئات بسيطة ولكننا نحتاج إلي وضع نظام شامل بعيد عن الوساطة والمحسوبية ويقدم الخدمة بشكل مباشر. مؤكدا أن نائب الخدمات هو سبب رئيسي في افساد الحياة السياسية في مصر واستمر بالعهد السابق دون أن يقدم خدمات ملموسة لأنه كان يعتمد علي الاسترزاق والتلاعب بأحلام الفقراء. لذلك يجب ان يتلافي البرلمان المقبل السلبيات التي عانت منها الدورات البرلمانية السابقة لانعكاسه علي الأداء البرلماني فكانت الاستجوابات وطلبات الاحاطة جزءا من الاستعراضات السياسية والحزبية, وليست استنادا إلي معلومات ووقائع موثقة وحقيقية للمشكلات المثارة وهو ما أدي إلي طغيان الدور الرقابي للمجلس علي الدور التشريعي. وهو ما أكده الدكتور محمود السقا- استاذ القانون والعلوم السياسية بجامعة القاهرة- فيوضح أن مجلس الشعب هو مجلس تشريعي وبعد الثورة لابد من تطوير أداء المجلس لأنه يسهم في وضع كل ما يتعلق بالدولة من سياسة واجتماع واقتصاد ويقوم بأعمال الرقابة علي أعمال الحكومة بتقديم الأسئلة والاستجوابات وكل هذا لم يكن مفعلا بالبرلمان في الفترة الماضية حيث كان يعمل تحت مسمي مجلس الشعب سيد قراره وهو خطأ دستوري تجب معالجته مؤكدا ضرورة إلغاء نائب الخدمات خاصة أن ما كان يقدمه هو من اختصاص المجالس المحلية وليس مجلس الشعب. ويضيف أن نائب البرلمان مهمته سياسية في الأساس ودوره يأتي من أن سلطة البرلمان مهمتها الرقابة علي كفاءة وحيادية أداء الجهاز التنفيذي والتشريع, وإقرار القوانين المنظمة للحياة العامة والسياسية. يوضح الناشط الحقوقي صلاح سليمان- رئيس جمعية الملتقي والحوار- أن القضية تكمن في أن البرلمان الذي سيتم تشكيله هو الذي سيعيد صياغة الدستور وسوف تتشكل علي أساسه الجمعية التأسيسية التي ستضع الدستور وهو ما يعني ضرورة أن يكون النائب علي دراية وليس مجرد نائب يخدم أهالي الدائرة لأنه سيشارك في وضع خريطة مصر خلال السنوات المقبلة.