يخطئ من يعتقد أن الحديث عن انتخابات نقابة الصحفيين التي تجري غدا الجمعة يعد شأنا خاصا بمهنة نالت نصيبها هي الأخري من عمليات التدمير المنظم والمتعمد, لاجهاض قدرات مصر. وتشتيت عوامل نهضتها وتقدمها, وإنما يأتي هذا الحديث مرتبطا كل الارتباط بالقضايا المهمة والعاجلة, التي تمس حاضر الوطن, ومستقبله, وتحدد معالم البناء الجديد, في مرحلة التحول الحاسمة التي نعيشها. التصويت علي اختيار النقيب ومجلس النقابة الجديد يتجاوز المنافسة التقليدية, بين زملاء نعتز برغبتهم في العطاء للجماعة الصحفية, ولكنه يصل هذه المرة إلي قرار يتعلق بمصير الدور والرسالة السامية للمهنة, وإذا ظلت الأمور علي حالها السابق وتحول الصراع الوهمي علي المقاعد ليصبح هو الهدف, فإن النتيجة المباشرة ستكون في اتساع المسافة بين الشارع والرأي العام من جهة, وأصحاب الأقلام من جهة أخري. وبدون التقليل من أهمية وطموح البرامج الانتخابية التي يطرحها الزملاء للنهوض بالأداء المهني, وتوفير الحد الأدني من الحياة الكريمة, التي تتيح للصحفي القيام بواجبه بوحي من ضميره فقط, كما كانت الحال مع الأجيال الرائدة التي لم تعرف أموال وملايينها الفضائيات, والعمل كمستشارين للوزارات ورجال الأعمال وكلها مطالب مشروعة تعيد للصحفي مكانته المفقودة, إلا أن الأهم خلال المرحلة المقبلة أن المجلس نقيبا وأعضاء سيكون مسئولا عن صياغة جديدة ومطلوبة للعلاقة مع كل الدوائر ذات الصلة بالعمل الصحفي ولعلنا نقصد تحديدا قيام النقابة بدورها الأصيل في الحفاظ علي المهنة وإقرار معايير التعامل معها. وحتي نكون أكثر تحديدا ووضوحا, فإن علي مجلس النقابة القادم مسئولية تاريخية, في القيام بعملية إنقاذ واسعة, ومتعددة المراحل, تبدأ بممارسة الحق المشروع في أن يكون الجهة الوحيدة التي تملك الصلاحيات الكاملة, في كل ما يتصل بمهنة الصحافة ابتداء من حق منح تراخيص مزاولة المهنة وإصدار الصحف, ووضع القواعد التي تحقق الشفافية داخل المؤسسات سواء القومية أو الحزبية أو المستقلة, والمحاسبة الفاعلة عند الخروج عن تلك القواعد بعد إجراء التحقيق اللازم والدقيق. إننا أمام مرحلة التأسيس لمصر الجديدة التي نريدها, وفي هذه المرحلة سيكون التأسيس أيضا للصحافة التي نتطلع إليها والقادرة علي التعبير بحرية وإبداع عن الشارع المصري وجموع الشعب بكل أطيافه وتياراته وأحلامه وتطلعاته, والخوف كل الخوف أن ننشغل بمشاكلنا الداخلية وهي بالفعل موجودة وقاسية, وأن تسود الفرقة والانقسام الجماعة الصحفية, وعندما نفيق وننتبه تكون الأمور قد حسمت, ولن نلوم الرأي العام إذا بحث عن البدائل التي تعبر عنه بصدق وأمانة واحترام. muradezzelarab@hotmailcom