اغمض عينيك.. افتحهما.. الآن مرت ثانية من الزمن.. وباللحظات والثواني يرسم الزمن لوحاته علي الإنسان, والهروب من الزمن أمر مستحيل, لكن التحايل عليه مستمر, وهو قد يصبح عدوا لبعض الناس. خصوصا أولئك الذين تحيط بهم دوائر الضوء والشهرة, النجوم علي شاشات السينما, فمنهم من يقف في زمن معين من عمره, ويحاول بكل الطرق, والوسائل أن يوقف اللحظات والثواني من التحرك الي الأمام أو الي الخلف, زمن يأتي.. وزمن يذهب وهو يريد أن يقف بين الاثنين في منطقة اختارها لنفسه, ويقف خبراء التجميل في العالم, وشركاتهم واختراعاتهم, وبأدواتهم وبجراحاتهم مستعدين دائما تحت طلب من يريد الهروب من الزمن!! وتجري عمليات التجميل, وشد جلود الوجه وتحت العينين, ونفخ الخدين, وصباغة الشعر, والبواريك علي كل لون وشكل, والمكياج, كلها تعمل كمحاولة لتثبيت الزمن, عند لحظة معينة, وشكل معين اختاره النجم, أو النجمة, يحدث كل هذا والزمن في داخل الإنسان يبتسم, لأنه يعرف الحقيقة, ونهاية المحاولات, لأنه يتحرك في الداخل وباستمرار, ودون توقف!! ويتوهم من يقع تحت تأثير اللحظات الماضية أن ما يعيشه حقيقة, لكن فجأة يظهر الزمن ويعلن مروره عن طريق حادثة بسيطة أو موقف أبسط.. أهلا ياعمو!! عندما تشاهده إحدي المعجبات.. ويستغرب النجم, إنه أمام مرآته شاب جميل مازال يعيش في لحظته التي اختارها, واقتنع بها وأغمض عينيه عن زمنه, وهنا فقط يكشف الزمن عن نفسه, ويظهر الحقيقة التي يعرفها الجمهور الذي يعيش زمنه الحقيقي مع النجوم ويشاهدهم بزمنه هو, وليس زمن هروبهم, فزمن النجوم وإبداعاتهم يعرفها الجمهور ويشاهدها علي شريط سينمائي سجلها له التاريخ, وتعرض علي القنوات وشاشاتها العديدة. وهناك أمثل معروفة يتناقلها نجوم السينما والفن الابداعي, تقول إن الإنسان يأخذ شكله النهائي بعد سن الأربعين, وبعدها يعيش زمن رحلته الحقيقية, دون المساس بجمال ونعمة تكوينه التي وهبها الله له, ويجب ألا يهرب من زمنه, ليعيش زمن غيره, وحدث ذات مرة أن احتج أحد النجوم علي عدم حصوله علي جائزة أفضل ممثل عن أعماله, ورد عليه عضو لجنة التحكيم قائلا: أنت لست حقيقيا.. فتمثيلك70% منه بواريك.. ومكياج, وعمليات تجميلية تحد من تعبيراته الفنية, وكلها خدع مزيفة, ويتبقي30% من تمثيلك لا يستحق جوائز, وضجك كل النجمات والنجوم الذين حضروا من هذا السؤال والجواب بالضحك الذي لم ينقطع وحتي الآن وهم يحكون هذه القصة الجميلة. وقال نجم كان يقف ضمن المجموعة, وحصل علي جائزة أفضل ممثل دور ثان, أنا لا أهرب من زمني, بل أعيش كل لحظة فيه فهي مني وإليه, وكل لحظة لها جمالها المتجدد, ولايمكن أن أحرم نفسي من أجمل لحظات عمري القادمة حتما لأقف عند لحظة زائفة, ان لكل عمر جماله, ولكل سن ادواره علي الشاشة, فلا خوف من زمني, أما اللحظة التي يحاول الآخرون الوقوف عندها فهي زمن الآخرين, ويجب ألا يعيش النجم زمن غيره ويرفض زمنه, ويعيش معذبا في زمن الآخرين. طبعا هناك شخصيات في أفلام معينة تحتاج الي تغيير الشكل والملامح.. والأداء, وضرورة ذهاب الممثل إليها بعمليات المكياج والاضافات المطلوبة لإظهار هذه الشخصيات, كشخصية أحدب نوتردام مثلا, والأب الروحي.. مارلون براندو, أنتوني كوين.. زوربا اليوناني.. عمر المختار.. والرسالة, وغيرها من الأفلام, والنجم آل باتشينو من شبابه الي الآن..!! وهناك نماذج تعيش زمانها وعمرها.. مثلا السير شون كونري الذي رفض الاستمرار في بطولة أفلام جيمس بوند, وانتقل الي أفلام وبطولات أخري جعلته يحصل علي جوائز سينمائية ولقب سير من ملكة انجلترا, وغيره من نجمات السينما الهوليودية ونجومها, المخرج الممثل كلينت ستوود الذي بلغ سن80 عاما, عاشها كلها بصدق العمر ودون هروب, وأصبح مخرجا كبيرا ومدرسا للاخراج لكثير من النجوم والنجمات اللاتي أصبحن مخرجات, ويعلن استمراره في الاخراج والتمثيل طالما يعطيه الله عمرا وزمنا حقيقيا يعيش في جماله, وابداعه الشخصي, وآلان ديلون, والنجمة الفرنسية كاترين دينيف, واليزابيث تايلور, التي عاشت زمنها, وصوفيا لورين الايطالية التي تعيش زمانها الحقيقي بلا هروب, وهذه مجرد أمثلة وليست علي سبيل الحصر. وعندنا في مصر ونجمات تعرف زمانها, وتعيشه بصدق وفي كل لحظة منه تضيف ابداعا, واصرارا علي أن الهروب من الزمن ليس هو الطريق الي النجومية الحقيقية, ولكن النجومية تبقي ساطعة مع الزمن الحقيقي الذي يعيشه الممثل أو الممثلة, وأيضا علي سبيل المثال, لا الحصر, للنجوم الساطعة التي تعيش زمانها الحقيقي. النجمة, فاتن حمامة.. مديحة يسري.. نيللي.. شادية.. ونادية لطفي وكريمة مختار وماجدة الصباحي وهند رستم وغيرهن من نجمات مصر اللاتي أثرين الشاشة المصرية السينمائية والتليفزيونية بإبداعهن, ومازلن يعشن زمنهن الحقيقي ولم يهربن الي زمن الأخريات!! وعندنا من النجوم المصريين نجوم لم تحرم من لحظات الهروب من الزمن, ولم يتوقفوا عند لحظة من لحظاته بل عاشوا ويعيشون زمنهم الحقيقي, يقدمون من ذخيرة ابداعاتهم أعظم الأدوار السينمائية, وأرقي أفلام الموضوعات السينمائية طوال مشوارهم السينمائي, ومازالوا في مقدمة طابور الابداع السينمائي في مصر والعالم, وقدوة لا تغيب في عالم فن السينما الساحر, منهم علي سبيل المثال أيضا وليس علي سبيل الحصر: النجوم: محمود ياسين وعزت العلايلي ومحمود عبدالعزيز وعماد حمدي ويحيي الفخراني وأحمد رمزي وعمر الشريف وحسين فهمي والراحلون العظام منهم محمود المليجي وفؤاد المهندس ونجيب الريحاني ويوسف بك وهبي, وفريد شوقي وزكي رستم وعباس فارس وكمال الشناوي وغيرهم, لم يهرب أحدهم من الزمن, بل عاش ويعيش كل منهم الآن زمنه الحقيقي ومستمرون في العطاء الفني الذي لا يتوقف. وتبقي نصيحة لمن يهربون من الزمن, ان النجومية تبقي ساطعة مع الزمن الحقيقي, وعلي النجم أن يعيش زمنه, ويثق في فنه بعمق الحقيقة التي تؤكد أن الزمن, لايمكن أن يتوقف..!! س.ع