يبدو عنوان أحدث معارض الفنانة هدي لطفي ان تكون رجلاmakingamanoutlfhim المقام حاليا في جاليري تاون هاوس محيرا فالترجمة الحرفية التي يمكن تحويل عنوان المعرض اليها بالعربية استخراج الرجل من الذكر مما يعكس مفهوما قيميا يتصل بحضور جسد الرجل مقابل غياب القيم المرتبطة به, هذه القراءة الاولية للعنوان في ترجمته العربية ورغم انها لم تكن في ذهن هدي لطفي عند وضع عنوان معرضها كما تذكر ل الاهرام المسائي الا انها يمكن ملاحظتها بوضوح في المعرض الذي تسعي فيه الفنانة كما يذكر البيان التقديميلاستكشاف الاداءات في الدور الاول لجاليري التاون هاوس الواقع بمنطقة وسط القاهرة يأتي معرض هدي لطفي وقد تناثرت فيه اعمال من اتجاهات فنية عدة, بين الحفر والنحت والتصوير والتجهيز في الفراغ واعمال اخري تدمج بين اتجاهين واكثر من هذه الاتجاهات الاختلاف يتضح من العمل الاول العمل الذي يتوسط القاعة الاولي( المسلة) هي عمل يرمز للذكورة المجردة استعرت المسلة المصرية القديمة التي تعد ذات دلالة ذكورية واضحة استعرتها ثم استبدلت بنقوشها نصا من رواية احمد العايدي ان تكون عباس العبد النص يصرخ في الرجل بلا تصدقها محذرا اياه من الانثي مظهرا قلقه وخوفه وضعفه معها لاظهر كيف تتناقض الصورة التي يسيدها المجتمع للذكر ويفرضها عليه مع حقيقته وكيف تسعي تلك الصورة المهيمنة لتجريده من انسانيته. هذا المفهوم الملخص يتبدي في كثير من اعمال المعرض التي تبدو وكأنها تبريء الرجل من الممارسات التسلطية التي تلصقها به ادواره الاجتماعية باعتبار هذه الادوار مفروضة عليه, ففي اعمال عدة تظهر شخصية باتمان الرجل الوطواط التي بدأت في سلسلة شهيرة للكوميكس وسرعان ما تحولت الي سلسلة افلام سينمائية ضخمة الميزانية يظهر فيها البطل الوسيم القوي الثري الذي لا يهزم وينتهي به الحال لانقاذ العالم من الشرور المحيقة به, هذا الذكر في صورته المثالية هو الصورة التي يطالب المجتمع الرجل بان يكون عليها وكأن اي ذكر تنقصه صفة من هذه الصفات هو ناقص الرجولة. هذا المفهوم الذي تعكسه هدي لطفي يشغل بال المهتمين بدراسات الذكورةmasculism مقابل دراسات الجندر الانثويةfeminism فبينما يحظي المصطلح الثاني بالانتشار وبقدر من الوعي والمعرفة الا ان هناك اصواتا قليلة تطالب بضرورة الاهتمام بدراسات النوع الاول الماسكوليزم باعتبار الرجل يقع عليه اضطهاد من المؤسسات الاجتماعية السياسية والدينية والاعلامية التي تفرض عليه ادوارا تتسامح مع ضعفه. يظهر هذا في عملها الذي تحتفي به احتفاء خاصا خيال أمريكي صناعة صيني, عرض مصري والذي يعرض وحدة تتكرر لصورة باتمان وتوضح في البيان التقديمي للمعرض كيف ان لعب الاطفال البسيطة ترسخ في اذهانهم منذ الصغر معايير لا انسانية لانضباط الجسد الذكوري, تقول د. هدي لطفي: هناك مؤسسات بطريركية تمارس علي الذكر ذات السلطة التي تمارسها علي الانثي وتسعي لخلق احساس بالنقص وعدم الاكتمال لدي الذكر والانثي علي حد سواء, تفرض هذه المؤسسات معايير للمثالية تتجاوز الواقع ويبدو هذا واضحا فيما تروجه هووليود علي سبيل المثال. هذا التصور هو ما دفع هدي لطفي لتكرار تيمة وضع صور ذكور لا مثاليين علي مجسمات تتبدي فيها الصورة المثالية التي يجري الترويج لها, وصولا لعملها المركب الذي وضعت فيه تماثيل نصفية بلا رؤوس لصغرها الشديد يصعب تبين ان كانت لذكور ام اناث وعندما يسقط عليها الضوء تتوهج وهو ما تشرحه بقولها في هذا العمل اردت ان اصور كيف يظهر الجوهر الانساني والنور الداخلي للانسان اذا ما تخلصنا من السياقات الاجتماعية المرتبطة بالجسد بما يفرضه من ادوار واشكال وقوالب.