مايحدث في نيويورك هذه الأيام يدخل في صميم الأمن القومي المصري.. والعربي أيضا, وهل هناك أكثر من القضية الفلسطينية تأثيرا بكل ما تحمله من أبعاد تاريخية ومخاطر حقيقية في الحاضر والمستقبل. إذا ما استمر العدوان والاحتلال والحصار الإسرائيلي علي الأراضي المحتلة وفي مقدمتها غزة؟ ما يحدث في نيويورك اختبار نهائي لنوايا كل الأطراف, والاتصالات والمباحثات المحمومة بين العواصم الكبري للضغط علي الفلسطينيين والتلويح بعصا قطع المساعدات الاقتصادية وجزرة الوعود المتكررة بلا فائدة, ذلك كله لن يجدي في وقف العملية الانتحارية السياسية التي قررها أبومازن لينهي بها مسيرته الطويلة التي انتقلت به من صفوف المقاومة المسلحة لمقاعد المفاوضين وقد اكتشف غياب الإرادة الحقيقية لدي الإسرائيليين في الوصول إلي السلام الشامل والعادل وإن كل المسعي الإسرائيلي هو استسلام الطرف المقابل بلا قيد أو شرط. عجزت حكومات إسرائيل المتعاقبة عن دفع استحقاقات السلام ليس بسبب الخلاف علي بنود المفاوضات وإنما لأن الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة وقيام الدولة الفلسطينية هو دائما الخط الأحمر الذي لا يستطيع قائد إسرائيلي تجاوزه, والحقيقة التي يدركها أبومازن جيدا ومن خلال خبرته الطويلة مع الإسرائيليين أن نيتانياهو لا يستطيع حتي وإن أراد التوقيع علي معاهدة سلام يمكن تطبيقها علي أرض الواقع. لذلك قرر أبومازن أن يقوم بعمليته الانتحارية السياسية الأخيرة لعلها تشفع له عند شعبه والتاريخ أخطاء وخطايا سنوات المفاوضات الضائعة والتغاضي عن استمرار العدوان وقتل الأبرياء في غزة وغيرها. لن يتراجع أبومازن وهو يري بعينيه انتفاضة الشعوب العربية علي الأنظمة التي استخدمت فلسطين شعارا وغطاء لمصلحة بقائها واستشراء لفسادها. وحتي الآن يؤدي أبومازن خطته ببراعة يحسد عليها والخشية فقط من الخلافات الداخلية بين الفصائل, ولكن الشعب الفلسطيني لن يسمح هو الآخر بافساد الخطوة التاريخية التي تضيف الدولة رقم194 لقائمة الدول الأعضاء في الأممالمتحدة. وسوف تولد الدولة الجديدة في لحظة الوفاة السياسية لأبومازن وغيابه عن المشهد بكامله! muradezzelarab@hotmailcom