فتح عينك تاكل ملبن كل سنة وانت طيب يابيه, وربنا يخليك لينا عايزين نشرب الشاي عبارات ظهرت في بداية الثمانينيات وانتشرت واصبحت اللغة السائدة في التعامل بين المصريين. حتي انها اصبحت منهجا وقاعدة ثابتة في التعامل بين المواطن صاحب المصلحة وموظف الحكومة أو كل صاحب سلطة فاسد خلال الثلاثين سنة الماضية. وبعد قيام ثورة25 يناير واسقاط نظام مبارك وخضوع قياداته بتهم الفساد المالي حلم الكثيرون بأن تقوم الثورة بإنهاء حالة الفساد المتأصلة في مصر وتقضي علي السلوك المنحرف لبعض المصريين في التعامل اليومي ولكن دون جدوي حيث اكدت استطلاعات حديثة للرأي عدم تغير سلوك المصريين في التعامل بالرشوة والاكراميات المالية في المصالح الحكومية وكذلك استمرار سياسة الوساطة والمحسوبية في قطاعات كثيرة وأن نسبة كبيرة ممن طبقت عليهم استطلاعات الرأي اكدوا عدم تغير شيء في سلوك المنتفعين من الفساد والداعمين له والذي يظهر في أمثلة كثيرة في حياتنا اليومية مثل التلاعب في الشقق المخصصة للمواطنين البسطاء وكذلك التحايل علي القانون في إجراءات معينة مثل تراخيص البناء وانشاء شركات ومشروعات وخلافه ولكن هل ستظل هذه الممارسات مستمرة حتي بعد هذا الكم الهائل من التحقيقات والقضايا والبلاغات والتحقيقات مع مسئولين من النظام السابق. وعاب الدكتور نادر الفرجاني خبير تقارير التنمية البشرية العربية علي السلطة الحالية قائلا: حرص الحكومة الحالية علي عدم تطهير مؤسسات الدولة من النظام القديم أكبر من حرصها علي ضمان نجاح الثورة واكتمال مطالبها مضيفا بأن الفساد المستشري في جسد الوطن منذ ثلاثين عاما حول الدولة إلي مؤسسة يصعب استئصال الفساد منها والمفسد الكبير يعطي مشروعية للمفسد الصغير خاصة في ظل الازمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد ولابد للسلطة الانتقالية الحالية ان تتحرك في اتجاه تطهير البلاد من خلال بناء قانوني جديد مناهض للفساد من خلال الدستور والقوانين والمؤسسات التشريعية والتأكيد علي وجود نزاهة وشفافية ومحاربة الفساد الصغير قبل الكبير وذلك لن يتم إلا تحت الضغط الشعبي القوي لان المنتفعين من الفساد طبقة قادرة علي التحكم والسيطرة وإعادة تنظيم الصفوف مرة أخري. وأكدت الدكتورة عزة كريم استاذة علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث أن الثورات لن تغير سلوكيات ونظام واحوال الشعوب بين يوم وليلة وتساؤلات الثوار بأن الثورة لم تغير شيئا مردود عليها بأن الثورة جاءت في توقيت كان النظام فيه متأصلا وله رجاله في كل المؤسسات من الموالين والتابعين وبمرور الوقت تحلت القيادات من الصفين الأول والثاني في المؤسسات بنفس صفات قيادات النظام السابق واولها الفساد فالكل يعمل تحت نفس المظلة وهكذا انتشر الفساد والسلوكيات الفاسدة واصبحت منهجا وصفة لكل من يعمل مع قيادات كل مؤسسة ولذلك نجحت الثورة في القضاء علي رءوس النظام وبقيت السلوكيات الفاسدة. كما ان الثورة لن تستطيع ان تفعل وتغير كل شيء مرة واحدة وهناك فقدان للثقة بين الشعب والسلطة الحاكمة بعد الثورة وذلك ناتج من فقدان الثقة المستمر في السلطة منذ العهد السابق وهناك مطالب أكبر بكثير من قدرات المجلس العسكري أو حكومة مؤقتة ولذلك يجب ان نثق في السلطة الجديدة وننسي التعامل بمنطق النظام القديم. وتضيف ان الفساد سينتهي بانتهاء الازمة الاقتصادية لانه بتحسن الأوضاع الاقتصادية تتحسن السلوكيات فمثلا عندما يتحسن التعليم والصحة والنظام التشريعي والقانوني ويتم القضاء علي البطالة والظواهر السلبية مثل العنف والبلطجة ونصبح مجتمعا متحضرا ستتغير الاحوال إلي الافضل.